أيمن روج
الحديث عن جهة أو مؤسسة إعلامية بأنها “إعلام مُسيّس” يمكن إطلاقه على الإعلام الذي يخضع لتوجيه أو تأثير جهات سياسية معينة مثل الحكومات أو الأحزاب أو الجماعات ذات المصالح بهدف الترويج لأجندتها أو التأثير على الرأي العام بما يخدم مصالحها، ومن خصائصه إنه يميل إلى دعم طرف سياسي معين على حساب الآخرين، ويركز على معلومات تخدم الجهة السياسية التي يتبعها، ويتجاهل أو يشوه الأخبار التي تتعارض معها وقد يستخدم أساليب مثل المبالغة، التحريف، أو نشر الأخبار الكاذبة، للتأثير على الجمهور ويعمل على تشويه صورة المعارضين السياسيين، بالإضافة إلى الاعتماد على اللعب على المشاعر الوطنية أو الدينية أو الأيديولوجية لكسب التأييد، وله جوانب سلبية كثيرة حيث يؤدي إلى استقطاب المجتمع وزيادة الانقسامات، ويقلل من مصداقية الإعلام إذا اكتشف الجمهور تحيزه ويمكن أن يؤثر على القرارات السياسية من خلال توجيه الرأي العام ويحد من حرية التفكير والنقاش من خلال نشر رؤية واحدة فقط، حيث تعمل وسائل الإعلام كبوق دعاية للدولة وتضطر الصحافة المستقلة للعمل من المنفى في الدول، التي تسيطر الحكومات بشكلٍ كامل على المحتوى الإعلامي، مما يجعل الإعلام مسيّسًا بشكلٍ كبير بالإضافة إلى ذلك تُظهر تقارير منظمة “مراسلون بلا حدود” أن ممارسة العمل الصحفي تواجه عراقيل شديدة في العديد من الدول، حيث يُعتبر الوضع صعبًا أو خطيرًا للغاية في 73٪ من البلدان التي تم تقييمها وهذا يشير إلى انتشار الإعلام المُسيّس في عدة مناطق حول العالم، حيث تفرض الحكومات قيودًا على حرية الصحافة وتوجه المحتوى الإعلامي لخدمة مصالحها السياسية، من الجدير بالذكر أن الإعلام المُسيّس لا يقتصر على الدول ذات الأنظمة الشمولية فقط بل يمكن أن يظهر أيضًا في دول ديمقراطية، حيث تسعى جهات سياسية أو اقتصادية للتأثير على وسائل الإعلام لتحقيق مصالحها الخاصة.
للتخلّص من الإعلام المسيس أو تقليل تأثيره هناك عدة خطوات يمكن اتخاذها على مستوى الأفراد والمجتمع، من حيث تنويع مصادر المعلومات، وعدم الاعتماد على مصدر واحد للأخبار بل متابعة وسائل إعلام متعددة ذات توجهات مختلفة، للحصول على صورة أكثر توازنًا، والتحقق من صحة المعلومات لتجنب الوقوع في التضليل وتطوير التفكير النقدي عدم تصديق كل ما يُنشر بل يجب القيام بتحليل الأخبار بعقلانية والبحث عن الدوافع خلف أي تقرير إعلامي ودعم الصحافة المستقلة ومتابعة ودعم وسائل الإعلام التي تحافظ على الحياد والشفافية والانتباه إلى اللغة المستخدمة، انتقاء الأخبار أو التركيز على زاوية واحدة من الحدث دون تقديم الصورة الكاملة، ودعم القوانين التي تعزز حرية الإعلام وتحمي الصحفيين من الضغوط السياسية، دعم الإعلام المستقل والإعلام البديل، دعم وسائل الإعلام المجتمعية والمدونات والصحافة الرقمية المستقلة التي تقدم وجهات نظر متنوعة.
في النهاية لا يمكن القضاء على الإعلام المُسيّس تمامًا لكنه يصبح أقل تأثيرًا عندما يكون لدى الناس وعي إعلامي قوي وقدرة على تحليل الأخبار بذكاء.