د. علي أبو الخير
من الآن إلى أن يأتي شهر تشرين الأول ٢٠٢٥، سوف يكون القائد عبد الله أوجلان، هو المنافس الأقوى على جائزة نوبل للسلام، فلقد دعا القائد أوجلان عناصر الحزب إلى إلقاء السلاح، فكان قراره أهم وأروع خبر تتلقاه المنطقة مع بدء شهر الصيام شهر رمضان .
وكان حزب العمال الكردستاني وما زال يقاتل تركيا دفاعاً عن حرية الكرد، ومستقبلهم، ليس في تركيا فقط؛ لأن فكر القائد عبد الله أوجلان أصبح رمزاً للشعب الكردي بأسره ورمزاً لكل الأحرار في العالم، وكانت الحصيلة من الدفاع عن الحلم الكردي عشرات الألوف من الشهداء والمصابين الذين ارتقوا شهداء أو أصيبوا بسلاح الدولة التركية دون رادع من خلق أو دين.
وفى محبسه في جزيرة إمرالى التركية الواقعة في بحر مرمرة، استقبل القائد أوجلان وفدًا من حزب الديمقراطية للشعوب التركي، وخرج الوفد من عنده يعلن أن الرجل قرر إلقاء السلاح، وأنه يتحمّل المسؤولية التاريخية عن قراره، وأنه دعا الحزب إلى عقد مؤتمر يقرر فيه حل نفسه، والانخراط في المجتمع الديمقراطي، وبذلك تنتهي مسيرة تركية طويلة ضد الكرد من العنف والدماء.
مؤهلات القائد أوجلان للفوز بجائزة نوبل
الفوز بجائزة نوبل للسلام يختلف عن باقي فروع الجائزة مثل العلوم والاقتصاد؛ وقد تتدخّل السياسية في اختيار نوبل للسلام؛ حيث حصل عليها مناحيم بيجين وهو شخص صهيوني متطرف وحصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما في بداية عهده بالرئاسة؛ وحالياً يريد الرئيس الأمريكي ترامب الحصول الجائزة.
في المقابل حصل على نوبل للسلام زعماء من أمثال نيلسون مانديلا، والمفكر عبد الله أوجلان رجل سلام من الطراز الرفيع؛ رجل سياسة ورجل فكر شمولي؛ وكل شروط الجائزة تنطبق على سيرته ومسيرته.
ومن ضمن ما يؤهله لنيل نوبل هو العلم الواسع والفكر الغزير؛ فهو من وراء القضبان ألّف العديد من الكتب؛ أدان فيها الإمبريالية والاستعمار العالمي؛ ودافع عن المظلومين في أنحاء الكرة الأرضية؛ وطرح فكرة جديدة ورؤية معرفية مختلفة؛ وهي فكرة الأمة الديمقراطية؛ والتي نراها فكرة تؤسس للسلام في منطقة الشرق الأوسط والعالم بأسره؛ وتقوم فكرة الأمة الديمقراطية على نشر الإخاء والمساواة؛ ليس بالطريقة الرأسمالية أو الماركسية والشيوعية؛ ولكن بطريقة إنسانية ترعى حقوق الإنسان بصرف النظر عن الدين والعرق وأصل ولون الوجه.
ومشروع الأمة الديمقراطية ليس مجرد نظرية مثالية؛ لأنها قابلة للتطبيق العملي؛ هذا بالإضافة إلى أن أفكار عبد الله أوجلان مع نشاطه السياسي والعسكري الدفاعي؛ قد تنامت داخل أسوار المعتقل؛ وفي سجنه راجع أفكاره كلها ليصل إلى القناعة بفكرة الأمة الديمقراطية.
أيضاً فإن القائد عبد الله أوجلان هو شخصية رئيسية في حل القضية الكردية، لأنه من داخل السجن، دعا مراراً وتكراراً إلى حلٍّ سلمي للصراع مع تركيا وأعلن حزب العمال الكردستاني وقف إطلاق النار.
الترشّح للجائزة الدوليّة
إن الجهة التي ترشحه لنيل الجائزة؛ يمكن لأي جهة حقوقية مَحلية كردية أو منظمة حقوق الإنسان بأوروبا أو المجلس التابع لمنظمة الأمم المتحدة، وكذلك من ضمن مؤهلات أوجلان للفوز لنوبل هي ترشيح علماء من جنسيات مختلفة لأوجلان ليفوز بالجائزة الدولية؛ فقد كشفت صحيفة “دير ستاندرد” النمساوية كما جاء في موقع، https://anfarabic.com ومواقع أخرى عديدة؛ عن أن عدداً مكون من 69 من الحائزين سابقاً على جائزة نوبل في مختلف التخصصات أرسلوا رسالة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أجل الإفراج عن القائد عبد الله أوجلان وإيجاد حلٍّ سلمي للقضية الكردية.
وأوضحت الصحيفة النمساوية، العديد من الأسباب التي دفعت تلك الشخصيات البارزة لإرسال العريضة الموقّعة من حائزي جائزة نوبل، حيث يرى حائزو جائزة نوبل أن القائد عبد الله أوجلان، هو رمز للشعب الكردي، وشخصية رئيسية في نضال الكرد من أجل الحكم الذاتي والحرية، ويحظى بالاحترام كقائد لهم من قِبل العديد من الكرد خارج تركيا، وأشارت العريضة الدولية إلى مسؤولية الجانب التركي عن انهيار وقف إطلاق النار، حيث أعلن أردوغان رسمياً إنهاء عملية السلام في تموز 2015، وبدأت الدولة التركية في الضغط على حزب العمال الكردستاني والأحزاب والمنظمات الكردية التي اشتبهت في أن لها علاقات وثيقة معها، كما أن الهجمات ضد الكرد تحدث أيضاً في العراق وسوريا.
إن قضية القائد عبد الله أوجلان هي قضية عالمية بكلِّ الأحوال؛ وبالتأكيد أنه يمثّل رمزاً سياسياً وثقافياً ومجتمعياً وأحد أبطال الكرد، ولا يمكن إنكار ما يقرب من 50 مليون مواطن كردي في منطقة تشابك للصراع، وتم تقسيمهم على أربع دول في منطقة الشرق الأوسط الكبير، هم أقلية أكثرية، أو أكثرية قليلة العدد لأن عددهم يتجاوز حوالي 50 مليون؛ وإن حائزي نوبل يعبرون عن أصوات عاقلة، لأن تلك الشخصيات قبل أن تؤيد موقف القائد أوجلان هم جمعوا معلومات ودرسوا عن القضية، لأنهم غير مضطرين أن يتبنوا هذا الموقف إلا لسبب وحيد هو أنهم مقتنعين به، وتطرق الأكاديميون الحائزون على جائزة نوبل في رسالتهم إلى أردوغان، إلى وضع العزلة الذي يعيشه القائد عبد الله أوجلان، ووصفوا ظروف السجن في جزيرة إمرالي بأنها “غير إنسانية” وتعد “عزلة شديدة تجاه القائد عبد الله أوجلان”.
ختامها أمل
إن قضية الكرد قضية عادلة وتحتاج لتسوية وضع الشعب الكردي في المنطقة؛ وهو أمر تحتاجه شعوب المنطقة والعالم مثلها مثل عدد من القضايا الشائكة والمعقدة، والقائد عبد الله أوجلان يستحق جائزة نوبل، ويستحق وسام الإنسانية، وتتشرف أي جهة عادلة أن تمنح رجلاً مثل القائد أوجلان وسام السلام… ويظل الأمل باقياً طالما هناك من يقودون الشعوب للحرية.