رؤوف كاراكوجان
جاء البيان القصير والواضح والمتكامل المرتقب من إمرالي، وذكر الأشخاص الذين كانوا ينتظرون هذا النداء، باستثناء البعض، أنّ هذا النداء كان صادقاً وموثوقاً للغاية.
تحدّد الطريق، واستجاب حزب العمال الكردستاني لنداء إمرالي بإخلاص وتصميم في أسرع وقت ممكن، وذكر أنه سيلبي احتياجاته، لقد أكمل الكرد المرحلة الأولى من الطريق نحو السلام والمجتمع الديمقراطي، كما أنّ البيانات التي تسهم في الاستجابة لنداء إمرالي تزيد الآمال.
لقد حان الوقت للناس للتفكير والمناقشة أكثر، ويعتمد “التفاؤل الحذر” و”التفاؤل المفرط الوهمي” أيضاً على كيفية بناء الثقة بين الطرفين، وحتى لو كان هناك عدم ثقة لدى الشعب التركي، فهذا قصور في المؤسسة السياسية ويجب حله.
إنّ حركة حزب العمال الكردستاني هي أيضاً حركة القائد، وقد ذكر حزب العمال الكردستاني مرات عديدة أن إمرالي هي الإرادة، وكممثل للإرادة، فإنّ القائد عبد الله أوجلان ليس فاعلاً أو مؤثراً فحسب، بل حاسم للقرار أيضاً في عمليات صنع القرار.
نظراً لطبيعة السلام، فإنّ تقارب الأطراف المتصارعة وكلمات الثناء والدعم ليست مثيرة للاهتمام كثيراً، ومهما كانت مرونة أو صرامة الرسالة أو الممارسات المشتركة متعلقة بسير العملية، فهي ليست عائقاً ولا ينبغي أن تكون عائقاً في استمرار هذا المسار.
وليس من المتوقع أن تصل الأطراف التي تقاتلت وقدمت ثمناً باهظاً إلى مستوى التفاوض فجأةً، وينبغي تجاوز المسائل من خلال اتخاذ خطوات تدريجية، دون كلمات مثل “لكن، إلّا أنّ، إذا”، فنحن لا نزال في المرحلة الأولى من العملية.
وجهت إمرالي النداء الضروري والكافي بعنوان “نداء من أجل السلام والمجتمع الديمقراطي” واتخذت الخطوة الأولى، وقد استجاب له حزب العمال الكردستاني وقبله، وأعلن أنّه سيفعل ما يتطلبه الأمر، كما أعلن وقف إطلاق النار في خطوة عملية وملموسة، ومن المؤكد أن قرار إلقاء السلاح وحل حزب العمال الكردستاني سيوفر بيئة سياسية أكثر راحة للكرد لتحقيق أهدافهم.
إذا كانت الخطوات من الطرفين خطوة مقابل خطوة، ستتقدم العملية. ومن الطبيعي أن يكون هناك معارضون لهذا النداء والخطوة الملموسة التي تُتخذ من جانب واحد. لكن هناك أيضاً من يدعمون هذه الجهود. ومع ذلك، فإن أولئك القادرين على الفهم والملمين بالقضية يعترفون بأنهم يستطيعون استيعاب الأمر بسهولة.
ولا ينبغي أن ننسى أنّ الجانب الكردي والجانب الذي يمثل الدولة سيكون لهما أهداف سياسية، وتتطلب الأهداف طويلة المدى تضميد جراح الحرب التي دامت 40 عاماً، فالسلام هو في الوقت نفسه اتفاق على أرضية مشتركة، وبعد إنشاء الأساس القانوني اللازم لتنفيذ هذه النقاط المشتركة والأهداف السياسية، يرتبط الأمر بنطاق وعمق وآلية العمل الذي يتعين القيام به.
لقد بدأت عملية يجب تحقيقها بقوة الفكر، كما يجب أن نعلم أنها عملية لن يجرؤ على القيام بها من لا يملك قوة فكرية، لقد أخذ القائد عبد الله أوجلان في الاعتبار مخاطر العملية وخسائرها ومكاسبها، وبإرادة عظيمة لتمثيل الشعب، تحمل بمفرده المسؤولية التاريخية وأظهر هذه الشجاعة، الشيء الوحيد الذي يجب على أعضاء حركة التحرر الكردستانية والشعب الكردي وأصدقاء الكرد فعله هو التعاون مع القائد، والتخلص من النقد الذاتي “الصداقة الزائفة والرفاقية المحدودة” بشكل عملي في هذه المرحلة.
حان الوقت لتحديد ركائز متينة، ينبغي أن تكون الخطوات المتخذة لأننا نحتاج إليها وليس لإرضاء الدولة، الدولة لا تبني مجتمعاً ديمقراطياً ولا توفر الديمقراطية لشعوب الشرق الأوسط، أولئك الذين يفعلون ذلك هم الثوار والديمقراطيون، وحتى لو تمّ حل حزب العمال الكردستاني، فإنّ هيكله الحالي هو القوة الأكثر خبرة وتنظيماً لبناء مجتمع ديمقراطي.
سيكون هناك بعض الأطراف التي تريد تحقيق مصلحة سياسية في هذه العملية والهجوم، إنّ معاناة من سيدفعون الخسائر السياسية قد بدأت بالفعل، ويجب أن نعلم أن تعطيل العملية هو خيانة للشعب وعليهم أن يتّحذوا موقفاً واضحاً.
ولم يكن الكرد قط حقيبة سياسية لأي أحد. يجب أن نتقبل أن السلام هو في مصلحة الشعوب في تركيا، ولأنه لا يوجد خيار آخر، فأياً كان من سيتم السلام معه، فإن العمل سيكون معه. إن الهجمات الحمقاء ضد الكرد لن تفيد أحداً على الصعيد السياسي.
لقد أدرك الجميع أنه لا سياسة من دون الكرد، ليس في تركيا فحسب، بل في الشرق الأوسط أيضاً. إن السلام حاجة ملحة لجميع الأطراف، ومن الضروري أن تتعامل جميع شرائح المجتمع بمسؤولية وجدية تجاه هذه القضية.