دجوار أحمد آغا
منذ فجر التاريخ والبشر يستخدمون طريق المقايضة أي تبادل البضائع فيما بينهم بدلاً من شراؤها بالأموال التي لم تكن موجودة بالأساس، حيث كانت تتم عملية تلبية الاحتياجات الأساسية لحياة الإنسان عبر عملية بسيطة وسلسة ألا وهي المقايضة أي تبادل المواد والبضائع. مثلاً يتبادل صاحب الماشية ومشتقاتها المواد مع صاحب الأرض الزراعية والخضروات وهكذا كان يتم تأمين الموارد الأساسية لاستمرار حياة الإنسان.
أول ظهور للعملة المتداولة بدلاً من المقايضة كان في مملكة “ليديا” في عهد ملكها “الياتيس” عام 600 ق. م وهو الدينار الليدي المصنوع من الفضة والذهب وذو وزن واحد، تم صك العملة في “سارديس” عاصمة المملكة وكان الأسد على يسار العملة بينما يقابله الثور على اليمين وهو شعار المدينة، أما أول عملة ورقية فقد أصدرها مصرف إسكتلندا سنة 1669م.
ظهور العملات الصعبة
ظهر مصطلح “العملات الصعبة” للمرة الأولى أعقاب الحرب العالمية الثانية والتي انتصرت فيها بعض الدول على حساب دول أخرى، لكن الرابح الأكبر من هذه الحرب كما هو معروف للجميع كان الولايات المتحدة الأمريكية، وهي التي سعت إلى ضرورة أن يكون هناك عملة يتم اعتمادها للتداول بين مختلف دول العالم إلى جانب عملاتها المحلية، وطرحت عملتها الدولار على هذه الأساس وهي التي بقي اقتصادها قوياً متماسكاً في حين انهارت الاقتصاديات الكبرى في العالم (ألمانيا، بريطانيا، الصين، اليابان، فرنسا، والاتحاد السوفيتي “روسيا حالياً”).
تعريف العملات الصعبة وبعض الأمثلة
يمكننا أن نُعرّف العملات الصعبة على أنها هي العملات القوية التي تعبّر عن اقتصادات دول يمكنها تحقيق استقرار في عملتها بشكلٍ كبير، ويتم تغطيتها بأرصدة من الذهب أو الناتج المحلي الكبير، ويكون لها قبول في الأسواق المختلفة لتسوية التعاملات المالية والتجارية، وعادةً ما تكون هذه العملات محل ثقة الأفراد في المجتمعات النامية والصاعدة، كملاذٍ آمنٍ للمُدخرات. ولكي نتعرف على العملة الصعبة بشكلٍ أفضل سنعطي بعض الأمثلة على ذلك، فلنأخذ الدولار الأمريكي مثلاً، والذي يُعدُّ من أقوى وأصعب العملات العالمية المتداولة في عالمنا الحالي، وهو منتشر في سائر أرجاء العالم ويأتي سبب اكتساب هذه القوة بسبب أن معظم عقود السلع العالمية مقومة بالدولار الأمريكي بالإضافة إلى أن قروض صندوق النقد الدولي معينة بالدولار، وفي الواقع الدولار هو العملة الاحتياطية العالمية. يُستخدم الدولار الأمريكي في تسوية ٥١٪ من التجارة العالمية وكذلك ٤٥٪ في إصدار السندات الدولية، ويسيطر على ٥٠٪ من هيكل ديون الدول النامية و٦٠٪ من احتياط الدول من العملات الصعبة.
هناك مثال آخر عن العملات الصعبة وهو اليورو الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد الدولار من حيث القوة الشرائية والتداول والانتشار، حيث يتم تداول اليورو في ١٨ دولة من أصل ٢٤ دولة في الاتحاد الأوروبي، والبنك المركزي الألماني هو المتحكم باليورو في مقره في فرانكفورت. أضف الى ذلك فإن اليورو يمكن صرفه في أي مكان في العالم ليس فقط في أوروبا.
معايير وعوامل تحديدها
تشمل العوامل التي تساهم في جعل العملة عملة صعبة استقرار وموثوقية المؤسسات القانونية والبيروقراطية للدولة المعنية، ومستوى الفساد المنخفض، والاستقرار طويل الأجل لقوتها الشرائية، والأوضاع السياسية والمالية للبلد، وأيضاً سياسات البنك المركزي المُصدّر للعملة.
هناك العديد من العوامل التي من شأنها أن تُحدد طبيعة العُملة إن كانت عُملة صعبة أم لا، وتُحدد من وضع وحالة هذه العُملة، وهي على الشكل التالي:
– مدى الثقة العالمية التي تمتلكها المؤسسات القانونية والإدارية في الدولة صاحبة العملة الصعبة خاصةً في المجالات والقوانين الدولية والمعايير المستخدمة فيها.
– الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تعيشها البلاد صاحبة العملة الصعبة مهمة للغاية في تحديدها، فالاستقرار والنفوذ والقوة السياسية والاقتصادية تجعل من عملة الدولة صعبة.
– الموقف السياسي للمصرف المركزي الرئيسي في الدولة أو ما يُسمى بالبنك المركزي الذي يتدخل لصالح العملة في حال أصابها أي تدهور ويضخ من الأموال الاحتياطية لصالحها.
– مسألة في غاية الأهمية وهي تكمن في مستوى الفساد في مؤسسات ودوائر الدولة.
أهمية العملات الصعبة
في أوقات التضخم والأزمات السياسية والعسكرية، يختار المستثمرون المتاجرة بالعملات الصعبة، تبقى أسعار الصرف واقعية ومن المحتمل أن يفضل المستثمرون التداول بالعملات الصعبة بدلاً من العملات المحلية اللينة، نظراً لعدم استقرار العملات المحلية. هناك أيضاً حالات يفضل فيها الأشخاص العملات الصعبة على العملات المحلية على سبيل المثال في السلفادور أو الإكوادور، يعتبر الدولار الأمريكي بمثابة عملة قانونية للعديد من المعاملات النقدية.
أبرز العملات الصعبة العالمية
ينطبق مفهوم العملات الصعبة الذي يُشير إلى كونها عملات مُستقرة على نطاقٍ زمني قصير، وكونها عالية السيولة في سوق العملات الأجنبية وسوق الصرف الأجنبي، على تسع عملات تُعد الأكثر تداولاً في العالم، وهي كما يأتي:
– الدولار الأمريكي USD
– اليورو الأوروبي EUR
– الين الياباني JPY
– الجنيه الإسترليني GBP
– الفرنك السويسري CHF
– الدولار الكندي CAD
– الدولار الأستراليAUD
– الروبل الروسي RUB
– اليوان الصيني CNY