رودين جاويش
قضية حل الأزمة السوريّة لا تتعلق بتطلعات وآمال الشعب السوري وإنما بأجندات الدول الإقليمية وعلى رأسها تركيا. القضية لا تتعلق برغبة أحمد الشرع بالتوسط بين قسد وتركيا وأخذ زمام الأمور، وإنَّما تتعلق بالذهنية السائدة في تركيا.
الفوبيا الكردية التي تعيشها الدولة التركية منذ نشأتها وحتى يومنا هذا تجعلها عاجزة عن تقديم أي حلول تؤسس التعايش بين الترك والكرد وحتى بين الكرد وشعوب المنطقة. تركيا هي التي افتعلت الكراهية والنزاع الآن بين الكرد والعرب في سوريا يعني هي علة هذا الصراخ الذي نشهده في الإعلام.
منذ زمن بعيد تركيا تعمل على “مأسسة الكراهية” كسلاحٍ فعّال ومؤثر في المشهد السوري لتمرير أجنداتها الى الداخل السوري. بث سموم الكراهية بين مختلف الشعوب السوريّة يُفسح الطريق أمامها للتلاعب بالسوريين على أهوائها القومية ومزاجها السياسي.
خطاب الكراهية والحقد الذي بثته المؤسسات الإعلامية التركية في سوريا يُعتبر جريمة بحق الكيان البشري قبل أي مسألة أخرى. تركيا جعلت المشاعر الجمعية قائمة في مناهج التربية في الإعلام وفي السينما وفي كل شيء والعودة في تاريخ تركيا يكشف بعمق عن دور الكراهية حتى في منظومة القوانين والتشريعات.
هذا ما أرادت تركيا فرضه على المجتمع السوري وعلى مستقبل سوريا، وتمكنت من برمجة عقول السوريين وخاصةً في شمال غرب سوريا من معاداة الكرد تحت مسميات “تقسيم سوريا” ، “انفصاليين”.
تركيا الآن تعيش واقعاً متناقضاً، هي عاجزة على البقاء في وضعها الراهن، وفي الوقت نفسه عاجزة عن التقدم والانفتاح، إن أقدمت على أي انفتاح مهما كان ضئيلاً وصغيراً وجزئياً تجاه القضية الكردية سيُشكل فارقاً في تاريخ تركيا، ولديها هذا الرهاب ومعه تعجز عن تقرير أية إصلاحات وكل الذي نسمعه الآن في تركيا عن الإصلاحات، عن الانفتاح وبداية عملية سلمية كله وهم في وهم.
الآن دخلت سوريا في نفقٍ مظلم، تحاول تركيا الإفراط في خطاب الكراهية والبغضاء. في الوقت الذي تحارب تركيا فيه كرد سوريا بخطاب الكراهية وتسليط الضوء عليهم على أنهم انفصاليين أتوا من خارج سوريا وتدفع بمرتزقتها السوريين بضربهم وارتكاب المجازر بحقهم، تعريفهم على أنهم كفرة ومُلحدين، ضد الدين، نرى خطاباً كردياً مجابهاً ومقاوماً لسياساتها العدائية تجاه الكرد، ألا وهو مشروع أخوّة الشعوب المتمثلة بعقيدة الأمة الديمقراطية.
استطاع الكرد من خلال دورهم الريادي في سوريا من تشكيل منظومة عسكرية تحت مُسمى قوات سوريا الديمقراطية التي تستوعب مقاتلين من مختلف الشعوب والطوائف السورية، بهذه المنظومة العسكرية المرافقة لمشروع سوري وطني، استطاع الكرد من ترسيخ لغة الحوار والسلم الأهلي بين شعوب شمال وشرق سوريا، وحاربوا الإرهاب العالمي المتمثل بداعش والمدعوم من تركيا حسب تقارير وشخصيات دوليّة مؤثرة.
هذا الخطاب الوطني السوري يتمدد في كافة الجغرافية السوريّة وحتى إن كل هذا التوسع الفكري بطيئاً. عقيدة التعايش السلمي وتغليب الحوار وتقبّل الآخر من الأسلحة الاستراتيجية لدى الكرد في الدفاع عنها أولاً وعن باقي الشعوب السوريّة ثانياً.