قامشلو/ دعاء يوسف ـ منذ نعومة أضفارها عاشت في جو مشحون بالهجرة والحرب، إلا أنها رسمت لنفسها فسحة أمل من خلال الموسيقا والعزف فحملت أحلامها وكمانها على كتفها الصغير، وتعزف الألحان الشجية التي عايشت واقعها، وتغنيها بنبره متمردة رافضة هذا الواقع.. “ميرفا حيدر” طفلة تواجه ألم التهجير والنزوح بلحن الأمل والحلم.
بألحان الكمان رسمت المستقبل المحمل بالأمل، وعلى أوتاره خرجت الكلمات على شكل مقطوعات موسيقية تأسر المستمع، فقد مارست هواية العزف على الكمان وهي لم تتجاوز التاسعة، فأحبت الكمان بعد سنوات، وكأنه قطعة من جسدها.
ففي إقليم شمال وشرق سوريا يخرج الفن من رحم الألم، فيتجاوز العمر والزمان والمكان ليصل إلى الفؤاد، وهذا ما لمسناه وعشناه في الطفلة ميرفا لقمان حيدر، التي عزفت مقطوعات موسيقية تحمل بين نغماتها العديد من المشاعر، فأبهرت كل من حولها بإبداعها وتحلم من خلاله أن تكون في يوم من الأيام تحت بقعة ضوء مسرح عالمي يملؤه الجمهور، بالرغم من صعوبة الظروف التي عاشتها.
سنفونية التهجير والنزوح القسري
فهي لم تتجاوز 14 عاماً، لكنها تعزف على الكمان بشكل مميز إضافة إلى أدائها الأغاني بشكل مبهر، فداعبت أوتاره لأول مرة وهي في سن التاسعة بالرغم من أنها لم تكن تجيد النوتات الموسيقية إلا أنها بدأت شق طريقها المشع بالأمل في رحلة التهجير.
هي من قرية “سيويا” بريف عفرين، والتي هجرت منها قسراً عام 2018، فانتقلت إلى كوباني نقطة التحول في حياة ميرفا، ففي هذه المدينة لونت عالم طفولتها بالألحان والغناء وتعلمت فيها العزف على الكمان بشكل أكاديمي في معهد موسيقي، مدة خمس سنوات، فعاد موكب الهجرة يحملها إلى مدينة الرقة التي لم يكن فيها معاهد فنية لتعليم العزف والغناء، ولكنها لعام كامل كانت تتدرب على العزف في المنزل برفقة والدها وشقيقها، حتى انتقلت منذ ثمانية أشهر إلى قامشلو.
انضمت ميرفا إلى معاهد موسيقية؛ بعد أن رأى أهلها تعلقها بالموسيقا والفن، وهي التي أحبت الفن من والدها الذي يدندن بعض الألحان على آلة العود: “لقد أحببت العزف من والدي، وتعلمت الغناء باللغتين العربية والكردية، وعائلتي داعمي الأكبر في تنمية موهبتي”.
وعن سبب عدم تركها العزف على آلة الكمان بالرغم من الصعاب التي تواجهها، ورحلة الهجرة والتهجير المرافقة لها، تقول: “حبي للكمان أكبر من أي مشكلة، فهو صديقي الذي بدأت بفك شيفراته وأسراره حتى أصبح قطعة مني لا يمكن أن استغني عنه يوماً، ففيه تغلبت على الصعوبات التي واجهتني”.
ملاحقة الحلم
وأكثر الألحان الموسيقية التي تعزفها ميرفا هي سيمفونيات بيتهوفن ونوطات موسيقية قصيرة تعلمتها خلال مسيرتها الفنية، التي تعدها بالقصيرة، فالطريق مازال طويلاً أمامها، ومع الجو الموسيقي في المنزل والمعهد بدأت تدندن ميرفا الأغاني لأنها تملك طبقة صوت مميزة وبحة جميلة، وكان من أحب المطربين إلى قلبها “مم آرارات، وإيروم دوغان”.
شاركت ميرفا في العديد من الفعاليات الموسيقية والغنائية، كان آخرها نشر فيديو كليب لها، فيما تنشر على صفحتها على الانستغرام أغاني تؤديها مع مقطوعات موسيقية معزوفة، وتضيف ميرفا أنها اكتسبت القوة من والديها لمتابعة مسيرتها الفنية بالرغم مما قاسته من التهجير إلى جانب إكمال دراستها، وتطمح أن تكون طبيبة في مدينتها عفرين.
ميرفا اختتمت حديثها: “إن معاناة التهجير صعبة لا يوجد فيها استقرار ودائماً نتنقل من مكان لمكان لكننا لم نفقد الأمل بأن الغد أفضل وما زلنا نقاوم بأحلامنا وآمالنا، لذلك أريد أن أقول لكل شخص يملك حلما أو موهبة ألا يستسلم ويحول حلمه لحقيقة”.
