قامشلو/ ملاك علي – في برد الشتاء القارس، وصوت الطائرات المسيّرة التي لا تهدأ في سماء إقليم شمال سوريا، شارك “إسماعيل بوزان” ذو الثمانين عام، مع أبناء بلدته، في الوقفة الاحتجاجية على سد تشرين بقوة وصلابة، متحديًا الاحتلال التركي، رافعًا صوته عاليًا دفاعًا عن أرضه وشعبه.
يُعدُّ سد تشرين واحدًا من أهم المنشآت الحيوية في إقليم شمال وشرق سوريا، حيث يُؤمّن الطاقة الكهربائية والمياه لآلاف السكان في المنطقة، والذي تعرض منذ الثامن من كانون الثاني المنصرم، لقصف مكثّف من دولة الاحتلال التركي على البنية التحتية والمناطق المدنية في إقليم شمال وشرق سوريا، حيث أن هذا الاستهداف لا يهدد السد فقط، بل يضع حياة ملايين المدنيين في خطر بسبب احتمال انهياره أو توقفه عن العمل.
ولمواجهة هذا العدوان، نظّم المدنيون وقفة تضامنية مع قوات سوريا الديمقراطية على سد تشرين، تعبيرًا عن رفضهم الهجمات ودعماً للقوات التي تدافع عن الأرض والشعب، فيما لم يتوان الاحتلال عن هجماته، ما أدى إلى استشهاد ما يقرب 25 مدنيًا حتى اليوم، ممن كانوا هناك لإعلان موقفهم الثابت ضد الاحتلال.
وعلى الرغم هذه التضحيات الجسيمة، والظروف القاسية التي يعيشها شعب إقليم شمال وشرق سوريا تحت وطأة القصف المستمر بالطائرات الحربية والمسيرات، إلا أن روح المقاومة تبقى مشتعلة، فلا الخوف ولا التهديدات تجبرهم على ترك أرضهم، بل يزدادون تكاتفاً ومساندةً، مؤكدين بأنهم أهل هذه الأرض، ولن يتركوها مهما حصل.
صرخة الحرية على ضفاف سد تشرين
وقفة احتجاجية صامدة، رفضًا لسياسات الاحتلال التركي، ودعمًا لقوات سوريا الديمقراطية التي تحرس أرضهم وتحمي ممتلكاتهم، فبرز بينهم رجل مسنّ بملامح نحتتها سنوات النضال، لكنه لم ينحنِ يوماً للخوف أو الاستسلام، “إسماعيل بوزان” والد الشهيد “بيمان”، البالغ من العمر 80 عامًا، الرجل الذي ظل شامخًا رغم كبر سنه، كما بقيت جبال كردستان واقفة عبر التاريخ.
فهو لم يكن مشاركاً عادياً كباقي المحتجين على سد تشرين، بل كان أحد أركانه، حيث يقف بين أبنائه وأحفاده، رغم الحروب والمآسي، ويرفع صوته، متحديًا التهديدات والهجمات الجوية: “نحن لا نخاف من طائرات أردوغان ولا مسيراته، إرادتنا لا تتوقف، لا نعرف الخوف، هذه أرضنا التي ولدنا عليها، وسنموت عليها، ولن نسمح لأحد أن يسلبها منا”.
وكانت كلماته بمثابة شرارة أشعلت الحماسة في قلوب المحتجين، فلم يكن “بوزان” يتحدث عن نفسه فقط، بل كان يتحدث باسم جيلٍ قدّم الكثير من التضحيات، جيل رأى أبناءه يرتقون شهداء في سبيل الحرية.
ورغم التحديات والظروف الصعبة، ذكر “بوزان”، أن الاحتلال اليوم بات أضعف مما كان، وأن “أردوغان” الذي يحاول إخضاع الشعب الكردي، أصبح بحاجة إليهم، وهو اليوم يسعى للتفاوض مع القائد “عبد الله أوجلان”، للخلاص من الورطة التي أوقع نفسه فيها.
فيما كان بوزان، كمن يحمل في قلبه روح المقاومة، لم يغفل عن الحقيقة، حيث دوى صوته من جديد: “ليعلم أردوغان أنه لا مهرب له من العقاب، فلن ينجو من جرائمه، ولن نسمح بأن تذهب دماء أبنائنا الذين قتلوا بغير حق سدى”.
مضيفاً: “سيُحاسَب أردوغان على ما فعله، وسينال الظالمون جزاءهم، وحينها سيحصل كل مظلوم على حقه”. فرسالة بوزان كانت واضحة: “الحرية ليست خيارًا بل مصيرٌ محتوم، فإذا حصل الشعب الكردي على حريته، لن يتوقف عند حدوده، بل سيحرر الأجيال القادمة، ليعيش الجميع في سلام وأمان، دون خوف من القمع والظلم”.
وفي ختام حديثه، هتف “إسماعيل بوزان” بأعلى صوته: “تحيا المقاومة! تحيا الحرية! يحيا القائد ع
بد الله أوجلان”.