قامشلو/ دعاء يوسف ـ بيّنت الناشطة الفلسطينية “فاتن ازدحمد” أنها اهتمت بقضية الشعب الكردي وقد قارنتها مع قضية الشعب الفلسطيني؛ ما زادها تعلقاً بالقائد عبد الله أوجلان، فوصفته برمز المقاومة والنضال في تبني أفكار راسخة حول تحرر الشعوب، واحترام المرأة، والمساواة الاجتماعية، والعدالة، بالإضافة إلى صموده في مواجهة الأنظمة القمعية التي تحاول إبادة هوية شعبه.
القائد عبد الله أوجلان أصبح رمزاً عالميّاً للكفاح والمقاومة ضد الظلم والقمع الذي يعانيه الشعب الكردي على مدى عقود من الزمان، ولم يقتصر على الدفاع عن شعبه فحسب، بل تطور ليشمل القضايا الاجتماعية والحقوقية، مثل الدفاع عن حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين في المنطقة، ومن هنا تعرفت على فكره العديد من النساء من مختلف دول الشرق الأوسط من ناشطات نسائيات وحقوقيات.
الإبادة العرقية دافع للبحث عن القائد أوجلان
وقد تحدثت الناشطة الفلسطينية “فاتن ازدحمد” مع صحيفتنا “روناهي” عن تشابه قضية الشعب الفلسطيني بالقضية الكردية: “لطالما كانت القضية الفلسطينية عنواناً لنضال طويل من أجل الحرية والكرامة، ومرت بالعديد من المحطات السياسية المعقدة، والتحديات الكبيرة، وقد توحدت جميع شرائح الشعب الفلسطيني في مقاومة إسرائيل. لكن، في الوقت ذاته، كان هناك نضال آخر لا يقل أهمية، رغم أنه لم يحظَ بالاهتمام الدولي، وهو نضال الشعب الكردي، الذي عانى من القمع والإبادة عبر تاريخ طويل. لذلك، عندما بدأت البحث عن القائد عبد الله أوجلان، كان هناك شعور عميق بالتشابه بين معاناته ومعاناة الفلسطينيين، خصوصاً في غزة”.
وتابعت: “كما هو الحال مع النضال الفلسطيني، فقد كان للقائد عبد الله أوجلان دور كبير في تحفيز الثورة الكردية ضد الاضطهاد والظلم. القائد أوجلان، الذي يعتبر من أبرز القادة الكرد في العصر الحديث، حمل قضية الشعب الكردي على عاتقه وقاد حركة التحرر الكردستانية رغم التحديات الكبيرة التي واجهها. وقد اعتُقل في عام 1999 من السلطات التركية وتمت محاكمته في محاكمة مثيرة للجدل. لم يكن القائد عبد الله أوجلان مجرد قائد سياسي بل كان أيضاً رمزاً للنضال ضد الاستبداد. وما أعجبني في القائد أوجلان هو قدرته على الجمع بين النضال من أجل حقوق الإنسان وحقوق المرأة، وجعل هذا جزءاً أساسياً من حركته”.
وعن كيفية تعرفها على فكر القائد عبد الله أوجلان قالت فاتن: “عندما بدأ فضولنا في البحث عن القائد عبد الله أوجلان، وجدت نفسي غارقة في مكتبة الكتب والمراجع التي تروي نضاله وتاريخ الشعب الكردي. كانت رحلة جديدة لاستكشاف هذا القائد الذي أصبح رمزاً لحركة التحرر الكردستانية. كما استمعت إلى العديد من الأصدقاء الكرد، مثل (حنان عثمان)، التي شاركتني بمشاعرها حول القائد أوجلان وأهمية نضاله، ومن خلالها، بدأت أفهم بعمق أن النضال الفلسطيني والكردي متشابهان في الجوهر، على الرغم من تباين الظروف الجغرافية والسياسية. فقد كان القائد أوجلان للكرد، كما كان ياسر عرفات للفلسطينيين، رمزاً للنضال المستمر في وجه القمع والإبادة”.
وقدمت فاتن أوجه الشبه بين قضية الشعبين: “من خلال الاهتمام بقضية القائد عبد الله أوجلان وفهم نضاله، باتت الصورة أكثر وضوحاً حول أوجه التشابه بين نضال الشعب الفلسطيني والشعب الكردي. في كلٍ من الحالتين، نجد أن هناك قضية شعب يطالب بالحرية والكرامة، وكل منهم يسعى لبناء هوية وطنية، رغم الأوضاع السياسية المعقدة التي تعيشها المنطقة. إن الاستفادة من تاريخ هؤلاء القادة النضاليين وقراءتهما في ضوء قضايا أخرى يُظهر لنا أن الحق في الحياة، في الحرية، وفي الكرامة، هو حق إنساني لا يجوز التفريط فيه لأي شعب كان”.
دفاعه عن المرأة
كما أشارت فاتن، أن أبرز ما ميّز قضية القائد عبد الله أوجلان هي دفاعه عن حقوق المرأة، خاصةً في مجتمعات المناطق الكردية التي تعاني من التقاليد البطريركية القوية. منذ البداية، أكد القائد عبد الله أوجلان على ضرورة مشاركة المرأة في النضال الكردي، ووصف تحرير المرأة كجزء أساسي من النضال التحرري لشعبه. وفي هذا السياق، اعتبر القائد عبد الله أوجلان أن تحرر المرأة هو عنصر رئيسي لتحرير المجتمع بأسره، مؤكداً على أن المرأة يجب أن تكون في قلب المعركة من أجل التحرر الوطني والمساواة الاجتماعية.
بيّنت فاتن، أن ما لفت انتباهها في فكر القائد عبد الله أوجلان هو دفاعه المستمر عن حقوق المرأة: “كان دائماً يؤكد على أهمية تحرر المرأة في المجتمع الكردي، وكان يرى أن تحرير المرأة هو خطوة أساسية نحو تحرير المجتمع بأسره. هذا النوع من التفكير في القضايا الاجتماعية يشبه إلى حد كبير المواقف التي تبناها القائد الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، الذي أيضاً كان يرى أن دور المرأة لا يقل أهمية عن دور الرجل في النضال الوطني”.
وأردفت إلى: “إن القائد أوجلان قدم أفكاراً جديدة حول دور المرأة في المجتمع، وفي النضال السياسي، حيث دعا إلى تمكين النساء، وتحريرهنّ من القيود الاجتماعية التي تكبلهن، ودمجهن في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية. فكان له دور كبير في تحفيز النساء الكرديات على الانخراط في الحركات المسلحة والمقاومة، حيث أُسست وحدات نسائية، مثل وحدات حماية المرأة (YPJ)، التي أصبحت رمزًا لنضال النساء ضد القوى الداعمة للقمع والإرهاب في سوريا والعراق، وقد لعب القائد أوجلان دوراً محورياً في تغيير مفهوم العلاقة بين المرأة والرجل في الثقافة الكردية. لقد جعل المرأة عنصراً فعالاً في حركة التحرر الكردستانية، وجعل النضال من أجل حقوق المرأة جزءاً من القضية الكردية”.
مناقشة القضية في المحافل الحقوقية
تعد قضية القائد عبد الله أوجلان موضوعاً رئيسياً في المناقشات الحقوقية، خاصةً في المحافل الدولية التي تتعلق بحقوق الإنسان وحريات الشعوب. فقد جرت العديد من الندوات والمؤتمرات حول حقوق الكرد، بما في ذلك حقوق المرأة الكردية وحقها في المساواة، حيث تتم الدعوة إلى ضرورة التحرك الدولي لإنهاء الاعتقالات التعسفية ومحاكمة الشخصيات السياسية بدون عدالة.
كما ترى فاتن، أن دعوات المجتمع الدولي، بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان، تستمر من أجل وقف القمع التركي ضد الكرد وإطلاق سراح القائد عبد الله أوجلان: “إن تحرر القائد أوجلان يمثل خطوة نحو السلام والاستقرار في المنطقة، وأن إطلاق سراحه قد يساعد على إيجاد حل مستدام للقضية الكردية، بما يعزز من حرية الشعب الكردي وحقوق المرأة في المنطقة”.
واختتمت الناشطة الفلسطينية “فاتن ازدحمد” حديثها عن القائد عبد الله أوجلان: “إن القائد أوجلان الذي قضى أكثر من عقدين من الزمن في السجون التركية، لا يزال رمزاً للكفاح الفلسطيني. لقد أصبح خطابه الهادف لتوحيد الشعب الكردي، وتحقيق مساواة كاملة بين الجنسين، والأمل في بناء حل سلمي يعكس الأهداف العليا للحرية والعدالة، ومن خلال مطالبات المجتمع الدولي بإطلاق سراحه، يظل القائد أوجلان فخراً للكرد وحلماً للأجيال القادمة في السعي نحو حقوقهم وحرياتهم، في وقت يتطلع فيه الشعب الكردي لتحقيق مستقبله داخل وطنه، بعيداً عن أي مظالم أو اعتداءات، ورغم الاعتقال، ظلّ القائد أوجلان شخصية محورية في الحركة الكردية. عبر رسائل مكتوبة من سجنه، وجّه دعوات من خلالها للمصالحة بين الأتراك والكرد، مشيراً إلى أن الحل السياسي للقضية الكردية يتطلب التفاهم المشترك والتعايش السلمي”.