الدرباسية/ نيرودا كرد – تعد كنيسة مار آسيا الحكيم للسريان الكاثوليك، الواقعة في مدينة الدرباسية، واحدة من أقدم المعالم التاريخية في المنطقة، حيث تحمل في جدرانها قصصًا عريقة ومذهلة، وتجسد بأسلوبها المعماري الرائع جمالية فنية تتداخل مع تاريخ عريق يشكل جزءًا من تراث المدينة.
أُسِّست كنيسة مار آسيا الحكيم عام 1930، وقد عُدَّ هذا الصرح الروحي منذ ذلك الحين مركزًا للصلاة والتأمل، وقد شهدت الكنيسة العديد من التجديدات والتوسعات على مر السنين، حافظت خلالها على جمالها التاريخي وسحرها الروحي، حيث بنيت بأيادٍ ماهرة من الحجر والطوب الأحمر، لتعكس هذه الكنيسة القديمة تراثًا ثقافيًا عميقًا وعمارة تلفت الأنظار بتفاصيلها الجميلة.
وتتميز كنيسة مار آسيا الحكيم، بتصميم معماري فريد يجمع بين الطابع الشرقي والغربي، يضفي عليها سحرًا استثنائيًا، ليتميز داخلها بديكوراتها البديعة والأيقونات الدينية التي تعكس قيم الديانة المسيحية، كما تعد موقعًا ثقافيًا هامًا يجذب الزوار والباحثين عن التاريخ، حيث تشكل مكانًا للعبادة والتأمل، كما أنها تعكس جزءًا من التراث الديني والمعماري للمنطقة.
تاريخ كنيسة مار آسيا
وحول تاريخ كنيسة مار آسيا الحكيم للسريان الأرثدوكس، التقت صحيفتنا “روناهي”، كاهن كنيسة مار آسيا الحكيم بالدرباسية، الأب “ميخائيل يعقوب” حيث قال: “أنا موجود في هذه الكنيسة منذ عام 1996، وهي امتداد لكنيسة مار آسيا الحكيم في المنصورية بتركيا، حيث أن شعبنا المسيحي تهجر من موطنه إبان مجزرة عام1915، التي ارتكبتها الإمبراطورية العثمانية بحق الشعب المسيحي بمختلف طوائفه”.
وتابع: “فقد مورست بحقهم أبشع الجرائم كالقتل والاضطهاد والتعذيب، مما اضطرهم إلى الهروب من بطشهم، واللجوء إلى ما كان يعرف بـ “تحت الخط”، والمقصود منه الحدود السورية ـ التركية، لأن العثمانيين كانوا قد قرروا في حينه إبادة الشعب المسيحي في تركيا.”
وأضاف: “كان شعبنا في المنصورية من جملة الشعب المسيحي الذي انهزم من بطش السلطات العثمانية، وقد جلبوا معهم تراث كنيسة مار آسيا الحكيم التي كانت قائمة هناك، وبنوا في مدينة الدرباسية كنيسة حملت الاسم ذاته عام1930، وقد وضعوا كل تراث كنيسة المنصورية في كنيسة مار آسيا الحكيم في الدرباسية.”
طقوس الكنيسة ومعجزاتها
وتابع الأب ميخائيل يعقوب: “منذ تأسيس هذه الكنيسة، نقوم بكل طقوسنا الدينية، من قداديس دورية كل يوم أحد، وأيضاً الاحتفالات بأعيادنا المسيحية، كما أن هذه الكنيسة يقصدها الكثير من الزائرين، سواء كان من مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، ومن سوريا بشكل عام، والعالم أجمع”.
وأضاف: “كما أن العديد من زائري هذه الكنيسة يقصدونها للنوم فيها فترة معينة، والسبب في ذلك هو المعجزات التي تحدث في كنيسة مار آسيا الحكيم، سواء كان الشفاء من الأمراض، أو التحرير من أعمال السحر والأرواح الشريرة، لذلك هذه الكنيسة تعدُّ مقصداً للأهالي، والنوم فيها بعد أن نقيم لهم الصلوات.”
وزاد: “وهنا لا بد من الإشارة إلى أن زوار كنيسة مار آسيا الحكيم لا يقتصرون على الشعب المسيحي وحده، وإنما من مختلف شعوب المنطقة، حتى من المسلمين، حيث ينال كل شخص شفاءه حسب إيمانه.”
التمسك بهذا التراث
وأردف يعقوب: “أنا كاهن متمسك بهذه الكنيسة، على الرغم من تقلص أعداد الرعية التي بقت في المدينة، حيث كان هناك إلى جانب كنيسة مار آسيا الحكيم، كنيسة “مار جرجس للسريان الكاثوليك”، وكنيسة “العذراء للأرمن الكاثوليك”، فيما لم يبقَ في المدينة، إلا كنيسة مار آسيا الحكيم، لذلك أحرص على بقاء هذه الكنيسة، لأهميتها في حياة العبادة الروحية المسيحية، والمعجزات التي تحدث في هذه الكنيسة بشفاعة القديس مار آسيا الحكيم”.