قامشلو/ سلافا عثمان – لم تقف إصاباته المتكررة في الجبهات عائقاً أمام مواصلة نضاله، فكان يعود الشهيد “خبات قامشلو”، إلى ساحات القتال بعد كل إصابة، بروح لا تعرف الاستسلام، مؤمناً بأن حماية الوطن واجبٌ لا ينتهي إلا بالتضحية والفداء.
وُلد الشهيد “شاهين إبراهيم”، الاسم الحركي “خبات قامشلو”، عام 1997بمدينة قامشلو، حيث ترعرع في عائلة كردية بسيطة تحمل في جوهرها قيم الوطنية، فكان الشهيد “خبات” يتمتع بشخصية صلبة وقوية منذ صغره، وهو ما ظهر جلياً مع اندلاع الأزمة السورية عام 2011، حين قرر الانضمام إلى صفوف النضال والدفاع عن أرضه، رغم صغر سنه.
الشجاعة لا تعرف الاستسلام
وبدأ الشهيد “خبات” دراسته الابتدائية في مدرسة “صالح عبدي”، ثم أكمل المرحلة الإعدادية في مدرسة “حطين”، حيث حصل على شهادة التاسع، وتزامن ذلك مع بداية الثورة، التي لم تكن مجرد أحداث عابرة بالنسبة له، بل نقطة تحول غيرت مسار حياته كاملاً، ومع بلوغه السادسة عشرة من عمره، انخرط في التدريب الفكري والفلسفي داخل أكاديمية “نافكور”، حيث تحدث والد الشهيد خبات “نذير إبراهيم” لصحيفتنا “روناهي”، عن تلك المرحلة، قائلاً: “حاولنا في البداية منع الشهيد خبات من الانضمام لأكاديمية التدريب الفكري بسبب صغر سنه، حتى أننا أغلقنا عليه أبواب المنزل، ولكن إصراره كان أقوى من محاولاتنا، فقد كان يعتبر حماية الوطن واجباً مقدساً، ولم نستطع الوقوف في وجه عزيمته، حتى اقتنعنا بقراره ودعمناه عندما أدركنا مدى إصراره”.
وتابع: “وفي عام 2011، وبعد سنتين من التدريب والتأهيل، انضم الشهيد خبات إلى صفوف وحدات حماية الشعب (YPG) ضمن كتيبة الشهيد صبري، وقد كانت بداية رحلته النضالية مليئة بالتحديات، حيث شارك في أولى معاركه ضد مرتزقة جبهة النصرة في قريتي “تل علو وتل براك”، ومن هناك، بدأ يتنقل بين الجبهات المختلفة، متصدياً العدوان الذي كان يهدد أمن مجتمعه”.
وكانت شنكال محطة هامة في حياة الشهيد خبات، حيث خاض معارك شرسة ضد داعش، وأصيب بشظية في عينه أثناء القتال، نقل على إثرها إلى مشفى الشهيد خبات لتلقي العلاج، ولكن عزيمته دفعته للعودة سريعاً إلى جبهات القتال، وقال إبراهيم حول ذلك: “كان الشهيد خبات يرى أن الدفاع عن الوطن أهم من أي شيء آخر، حتى من سلامته الشخصية، فكان يقول دائماً إنه مستعد للتضحية بروحه من أجل الحرية”.
ولم تكن هذه الإصابة هي الوحيدة، فقد تعرض الشهيد خبات خلال مسيرته النضالية لست إصابات مختلفة، منها شظايا في الرأس، والصدر، والقدم، إضافة إلى إصابة خطيرة في المعدة خلال مشاركته في الجبهات، ورغم تلك الإصابات كان يعود إلى ساحات المعارك دون أن يسمح لجراحه أن تعيقه عن أداء واجبه، فهذا الإصرار أكسبه احترام وتقدير رفاقه، الذين أطلقوا عليه لقب “أسد الكرد”.
الدفاع عن الوطن حتى الرمق الأخير
وأردف إبراهيم: “ومع تأسيس قوات سوريا الديمقراطية (QSD)، انضم الشهيد خبات لصفوفها، وأصبح قائداً لإحدى الأفواج في هذه المرحلة، حيث أظهر حينها مهارات قيادية استثنائية، فقد كان يعمل ليل نهار دون كلل أو ملل، ويقضي أغلب وقته في حماية جنوده والتخطيط للمعارك، وكان الشهيد خبات لا ينام سوى ساعات قليلة، ليكون دائماً يقظاً على سلامة رفاقه، فلم يكن يحسب نفسه قائداً، بل كان كصديق وأخ لرفاقه”.
ورغم انشغاله الدائم، لم ينسَ الشهيد خبات عائلته، ففي الأيام الأخيرة قبيل استشهاده، زاد من اتصالاته ومكالماته مع عائلته، حيث أن مكالمته في يوم الجمعة كانت الأخيرة، حيث سبقت استشهاده بيومين، فكان يحمي دير الزور من خلايا داعش آنذاك، حيث تحدث والده عن مكالمته الأخيرة والتي وصفها بالطويلة: “قال بأنه يشتاق لأمه كثيراً، فكنا نشعر أن النهاية قريبة، حيث طلب منا أن نحمل صورته وشهادته بفخر وألا نبكي عليه عند استشهاده”.
وعبرت عائلته عن فخره بما قدمه ابنه الشهيد خبات من تضحيات: “نحن فخورون بأنه استشهد من أجل قضيته وشعبه، فكان حلمه أن يرى وطنه حراً وآمناً، ونحن سنكمل مسيرته النضالية”.