بوزان كرعو
مع سقوط نظام البعث في دمشق وهروب بشار الأسد إلى روسيا، تعيش سوريا مرحلة جديدة من التحولات السياسية والاستراتيجية.
هذا الحدث غيّر المعادلة بشكلٍ جذري، مما دفع روسيا، التي فقدت حليفها التقليدي في سوريا، إلى البحث عن شركاء جُدد يضمنون استمرار وجودها في المنطقة، وفي هذا السياق، تبرز الإدارة الذاتية الكردية كطرف قادر على لعب دور حيوي، مما يفتح أمامها فرصًا لتعزيز مكانتها السياسية وضمان استقرار مناطقها.
الفرصة الروسيّة بعد سقوط نظام الأسد
تجد روسيا نفسها اليوم أمام واقع جديد في سوريا مع غياب نظام الأسد عن المشهد السياسي وفقدان الدعم المحلي الذي أضعف قدرتها على التأثير المباشر، ومع تراجع الدور الإيراني، أصبحت موسكو بحاجة ماسّة إلى شريك محلي يحفظ لها نفوذها في سوريا، ولأن تركيا لا تزال خصمًا حذرًا في هذه المنطقة، فإن التحالف مع الكرد يمكن أن يكون خيارًا عمليًا لروسيا.
في ظل هذا الواقع، يمكن تلخيص الدوافع الروسية كما يلي:
ـ الحفاظ على الوجود العسكري: روسيا تسعى للحفاظ على قواعدها العسكرية الاستراتيجية في سوريا، كبديل عن قاعدة حميميم.
ـ تعزيز التأثير السياسي: تحتاج موسكو إلى طرف محلي يوفر لها شرعية وقاعدة دعم جديدة.
ـ إعادة بناء التوازن الإقليمي: الشراكة مع الكُرد قد تساعد روسيا في مواجهة النفوذ التركي المتزايد.
كيف يمكن للكرد الاستفادة؟
الإدارة الذاتية الكردية، التي تُدير مناطق واسعة من شمال وشرق سوريا، تمتلك أوراق قوة تجعلها شريكًا جذابًا لروسيا في المرحلة الراهنة، ويمكن للكرد الاستفادة من هذا الوضع من خلال:
ـ التفاوض للحصول على دعم سياسي: من خلال تقديم أنفسهم كشريك موثوق، يمكن للكرد دفع روسيا للاعتراف بمناطق الإدارة الذاتية ككيان شرعي، هذا الدعم قد يعزز من موقف الكرد في المحافل الدولية.
ـ تعزيز الاستقرار المحلي: روسيا بحاجة إلى حليف يضمن استمرار مصالحها في المناطق التي لا تزال تحت سيطرتها، يمكن للكرد لعب هذا الدور وفق تفاهمات مستقبلية.
ـ تقليل التهديدات التركيّة: التعاون مع روسيا قد يُخفف من الضغوط التركية على مناطق الإدارة الذاتية، خاصةً في ظل تراجع قدرة موسكو على تقديم تنازلات لأنقرة.
ـ الاستفادة من الموارد الاستراتيجية: يمكن للكرد استغلال ثروات مناطقهم، مثل النفط والغاز، كوسيلة ضغط لكسب دعم روسي إضافي.
الخطوات العملية لتحقيق المكاسب
لتحقيق أقصى استفادة من هذا الوضع، يمكن للإدارة الذاتية الكردية اتباع خطوات استراتيجية مدروسة:
ـ فتح قنوات دبلوماسية مباشرة مع موسكو: يجب على القيادة الكردية تكثيف التواصل مع المسؤولين الروس لبحث المصالح المشتركة.
ـ عرض مبادرات للتعاون الاقتصادي: يمكن للكرد دعوة روسيا للاستثمار في مناطقهم، مما يعزز العلاقة بين الجانبين.
ـ تقديم ضمانات أمنية: طمأنة روسيا بأن مصالحها العسكرية والاستراتيجية لن تتعرض للخطر.
ـ التنسيق مع القوى الدولية الأخرى: الاستفادة من العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا لخلق توازن في التعامل مع روسيا.