No Result
View All Result
المشاهدات 30
قامشلو/ ملاك علي ـ
سنوات ودور المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا نموذج ريادي لتعزيز دور المرأة في المجتمع، فيما تركز عملها أكثر خلال هذا العام 2024 على تعميق الفهم السياسي للنساء، ونشر الوعي الفكري، وبناء مجتمع قائم على المساواة.
شهدت مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، تحولات جذرية منذ اندلاع ثورة التاسع عشر من تموز، أبرزها التغير في مكانة المرأة ودورها الاجتماعي، في هذا السياق، برزت مراكز دار المرأة كأحد أهم المؤسسات التي ساهمت في دعم المرأة، وتعزيز حقوقها، وحماية المجتمع من الممارسات التقليدية التي كانت تقيد حريتها.
أُسِّست أولى مراكز دار المرأة في قامشلو عام 2011 كخطوة جريئة لتعزيز العدالة والمساواة بين الجنسين، وزادت عدد هذه المراكز لتصل إلى 34 مركزاً موزعة في قامشلو، الحسكة، كوباني، والرقة، الطبقة، ودير الزور، (عفرين، والشهباء، ومنبج قبل الاحتلال)، فلعبت دوراً محورياً في التصدي للعنف ضد المرأة، ونشر التوعية القانونية، والاجتماعية، وتحقيق تغيير في الذهنية المجتمعية نحو احترام حقوق المرأة.
واجهت المبادرة صدمة مجتمعية في بداياتها بسبب الذهنية التقليدية، لكنها نجحت في حملات توعية واجتماعات مجتمعية مكثفة تجاوزت ألف اجتماع، في تعزيز القبول المجتمعي وتحقيق أهدافها.
حل القضايا
تتميز دور المرأة بآلية فريدة لمعالجة قضايا العنف ضد المرأة، حيث يتم تشكيل لجنة مختصة تضم جهات عدة منها: دار المرأة، ولجنة العدالة، ولجنة الصلح العام، ومنظمة سارة، وهيئة المرأة، وأسايش المرأة، ومؤتمر ستار، وعند حدوث مشكلة، يتم إبلاغ اللجنة لعقد اجتماع واتخاذ قرار مناسب يعالج المشكلة بشكل جذري.
تهدف هذه المراكز إلى دعم المرأة في مختلف جوانب حياتها، سواءً من خلال التوعية، أو تقديم المساندة القانونية والاجتماعية، أو الوقوف بجانبها في مواجهة التحديات، وتعدُّ هذه المبادرة إنجازاً ملهماً يُبرز تطور المجتمع المحلي في فهم أهمية تمكين المرأة ودورها في بناء مجتمع متوازن.
تستقبل دار المرأة القضايا التي تخص النساء وتعمل على حلها بفعالية، باستثناء حالات الضرب، وزواج القاصرات، وتعدد الزوجات، والتي يتم تحويلها إلى النيابة والمحكمة المختصة، أما باقي الشكاوى، فتُحل في دار المرأة بكتابة تعهدات تُرفع إلى التنفيذ القضائي، مع متابعة دقيقة ومستمرّة لضمان التنفيذ وتحقيق العدالة.
لم يعد دور دار المرأة مقتصراً على التدخل في الأزمات فقط، بل أصبحت مكاناً يقدم استشارات خاصة للنساء لدعمهن في اتخاذ القرارات الصحيحة في حياتهن الشخصية والمهنية، بالإضافة إلى ذلك، تُعد الدار مركزاً للتدريب والتوعية، حيث تسعى الدار إلى تمكين النساء ومساعدتهن على فهم حقوقهن وواجباتهن، مما ساهم في تحقيق نوع من التوازن والمساواة بين المرأة والرجل.
في ظل ظروف الحرب والتهجير، تفاقمت المشكلات الاجتماعية، خاصة في المخيمات التي يعيش فيها المهجرون، ودار المرأة تواجه تحديات إضافية في هذه الظروف، حيث تعمل على حل الخلافات التي تنشأ بين أفراد الأسر أو بين الجيران، مما يعكس دورها الإنساني والاجتماعي الفاعل في ظل الأزمات.
14 عاماً من النضال ونشر الوعي
مع مرور 14 عاماً على تأسيسها، أثبتت دار المرأة قدرتها على التكيف مع التحديات المختلفة، لتكون رمزاً للتمكين والعدالة الاجتماعية في إقليم شمال وشرق سوريا، ومثالًا يُحتذى به في تعزيز حقوق المرأة وبناء مجتمع أكثر إنصافاً واستقراراً، في إطار جهودها المستمرة لدعم وتمكين المرأة، ويذكر أنه نظمت دار المرأة خلال هذا العام 40 دورة تدريبية، شملت تدريبات مفتوحة ومغلقة، بهدف نشر الوعي وتعزيز قدرات النساء في مختلف المجالات الفكرية والسياسية والقانونية.
فحسب ناطقة دار المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا “ريما محمود” أوضحت عن برنامج التدريبات “من بين
التدريبات التي أقيمت، كانت هناك 15 دورة مغلقة على مستوى مقاطعة الجزيرة، استمرت مدة شهر كامل، وركزت هذه التدريبات على تعميق الفهم السياسي، ونشر الوعي الفكري، ومعرفة النساء حقوقهن القانونية؛ ما ساهم في إعداد كوادر نسائية قادرات على تحمل المسؤوليات الاجتماعية والمهنية”.
وأضافت ريما، أنه إلى جانب التدريبات المغلقة، تم تنظيم 25 تدريباً مفتوحاً، استهدفت شريحة واسعة من النساء لتعزيز ثقافتهن وتمكينهن من المشاركة الفاعلة في المجتمع، هذه التدريبات تأتي في سياق رؤية دار المرأة التي تؤمن بضرورة نشر الوعي بشكل شامل ومتساوٍ.
فتسعى دار المرأة من خلال هذه التدريبات إلى تعزيز مكانة المرأة في المجتمع، ودعمها لتصبح عنصراً فاعلاً في بناء مجتمع متماسك ومستنير، كما تعكس هذه البرامج إصرار الدار على توسيع أنشطتها لتصل إلى المناطق، بهدف تحقيق العدالة والمساواة.
شهدت السنوات الأخيرة تقديم 6500 محاضرة في دار المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا تناولت قضايا مختلفة، من ضمنها أفكار القائد عبد الله أوجلان، الذي أكد أن المرأة هي الضحية الأولى في الثورات، ما يجعل تمكينها ودعمها ضرورة لنجاح أي ثورة، كما تضمنت المحاضرات قصص نضال شخصيات بارزة مثل الشهيدات “ساكينة، زيلان، وبيريتان” لتسليط الضوء على دور المرأة في مواجهة التحديات وبناء مجتمع قائم على المساواة.
الصلح والعدالة المجتمعية
منذ افتتاح أول دار للمرأة في قامشلو وعفرين عام 2011، ومع اندلاع ثورة التاسع عشر من تموز عام 2012م، أصبحت دار المرأة ضرورة قصوى، خاصة مع تزايد حالات تعدد الزوجات، وزواج القاصرات، وزواج الدية وزواج البدائل بين الأقارب، وقد ساهمت الدار في مواجهة هذه الممارسات، ونجحت بين عامي 2011 و2017 في الحد منها بشكل كبير، في التوعية المجتمعية واتخاذ إجراءات صارمة.
مع اندلاع الحرب وتهجير مئات الآلاف من العائلات إلى إقليم شمال وشرق سوريا، وخاصةً مناطق الجزيرة وعفرين، واجهت المرأة تحديات متفاقمة، كانت دار المرأة حاضرة للتعامل مع هذه الأوضاع، حيث ساعدت النساء، اللواتي فقدن استقرارهن بسبب التهجير والصراعات، كما عملت على تقديم حلول للمشكلات الأسرية، وأوقفت الزواج المبكر والممارسات، التي تُهدر حقوق النساء والفتيات.
ونوهت ريما، أن عمل دار المرأة لا يقتصر على دعم النساء فقط، بل أصبح ملجأً أيضاً للرجال الذين يبحثون عن حلول لمشاكلهم العائلية، مما يعزز دور الدار للمساواة بين الجنسين، وتُركز الدار على تحقيق الصلح والعدالة بدلًا من الطلاق، مما يجعلها نموذجاً للمصالحة المجتمعية.
كما أن دار المرأة خططت للتوسع في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، مثل كوباني و(الشهباء، حلب، وعفرين قبل الاحتلال)، لتصبح صوتاً للنساء اللواتي يعشن في ظل تحديات الحرب والتهجير، هذه المبادرة الرائدة تؤكد أن تمكين المرأة أساس ثورة اجتماعية حقيقية، حيث يمكن للمرأة أن تثبت مكانتها في المجالات كلها، من خلال الحماية والتوعية والدعم المستمر، كما أصبحت الدار ملاذاً آمناً ومصدراً للعدالة، حيث تقدم الدعم والرعاية للنساء اللواتي يعانين من العنف والابتزاز، وتعمل على نشر الوعي بقوانين المرأة والأسرة.
جهود مستمرة لمعالجة الأزمات الاجتماعية
ويذكر أنه في ظل الأوضاع الصعبة، التي تعيشها المنطقة، تواجه دار المرأة قضايا عجزت حتى الحكومات السابقة والعشائر عن حلها، مثل النزاعات العائلية والعشائرية، وبفضل آلية العمل الفعالة، يتم استقبال النساء على مدار الساعة، سواءً في المراكز أو عبر الاتصالات الهاتفية، فتُقدم الدار الدعم الفوري، بما في ذلك الرعاية الصحية والنفسية، وتتعامل مع حالات العنف والابتزاز الإلكتروني بحزم، عبر إحالة القضايا الخطيرة، مثل الضرب، إلى النيابة العامة بالتنسيق مع قوات الأسايش.
حيث أصبحت قضايا الابتزاز الإلكتروني من التحديات البارزة، فتهرب بعض الفتيات من منازلهن خوفاً من العار أو العنف، فتتدخل الدار بسرعة لمعالجة هذه القضايا، حيث تعمل على إعادة الفتيات إلى منازلهن بعد توفير الحماية والتواصل مع عائلاتهن لتخفيف الضغط الذي قد يؤدي إلى العنف أو الانتحار.
شهد العام الحالي ارتفاعاً في حالات الانتحار والقتل نتيجة الضغوط العائلية، هذه الظاهرة دفعت دار المرأة إلى تكثيف جهودها بوضع خطط عمل جديدة تركز على التوعية المباشرة وزيادة الزيارات إلى المنازل لتوضيح قوانين المرأة والأسرة.
على مدار العام، نظمت دار المرأة 55 ندوة حوارية بالتنسيق مع مؤتمر ستار ومنظمة سارا، شملت مواضيع مثل مناهضة العنف ضد المرأة، واليوم العالمي للمرأة، وأفكار القائد عبد الله أوجلان، إضافةً إلى استذكار الشهيدات المناضلات “ساكينة، وزيلان” كما شملت الأنشطة 8740 زيارة إلى المنازل في إقليم شمال وشرق سوريا، تم خلالها مناقشة قانون الأسرة وحقوق المرأة.
في خطوة لتعزيز المساواة في مختلف قطاعات المجتمع، استهدفت دار المرأة منذ ثلاث سنوات القوات العسكرية، حيث تم تنظيم جلسات تدريبية في النقاط العسكرية لنشر قانون المرأة وتعزيز فهمه.
رؤية استراتيجية لبناء مجتمع ديمقراطي
تواجه دار المرأة صعوبات كبيرة، أبرزها الشعور بالمسؤولية عند وقوع جرائم قتل ضد النساء، فتعد هذه الحالات دافعاً لتكثيف الجهود والتخطيط للعمل بشكل أوسع للوصول إلى النساء قبل وقوع الكارثة.
فيما بينت ريما عن خطواتهم المستقبلية: “تسعى دار المرأة إلى تعميم هذه التجربة الناجحة لتشمل المقاطعات في الإقليم. فتأتي هذه الخطوة ضمن خطة استراتيجية تهدف إلى بناء قدرات النساء في المناطق، وتحقيق المساواة عبر تمكينهن بالمعرفة اللازمة”.
فأثبت دار المرأة من خلال عملها الدؤوب أنها ليست مجرد جهة قانونية أو اجتماعية، بل هي حركة تغيير تسعى لبناء مجتمع يحترم حقوق المرأة ويضمن العدالة والمساواة، بفضل برامجها التوعوية وآلياتها الفعالة، تستمر الدار في تعزيز دورها كصوت للمرأة وحامية لحقوقها في إقليم شمال وشرق سوريا، تؤكد دار المرأة من خلال جهودها المتواصلة أن التعليم والوعي هما أساس التمكين الحقيقي للمرأة، مما يجعلها شريكاً أساسياً في بناء مجتمع متوازن يسوده العدل والإنصاف.
تواصل دار المرأة دورها الريادي في تحقيق المساواة وبناء مجتمع ديمقراطي مستقر في إقليم شمال وشرق سوريا، من خلال برامجها التوعوية وقوانينها التي تستهدف تمكين المرأة والأسرة، وتسعى الدار في العام الحالي إلى إطلاق برنامج تثقيفي حول “قانون الأسرة”، ليتم تطبيقه في المنازل، بهدف تحقيق العدالة داخل العائلة، انطلاقًا من القناعة بأن بناء عائلة ديمقراطية هو الخطوة الأولى نحو بناء مجتمع ديمقراطي.
No Result
View All Result