أصبحت بريطانيا رسمياً العضو الثاني عشر في اتفاقية التجارة عبر المحيط الهادئ التي تضم اليابان وأستراليا وكندا، يوم الأحد المصادف الخامس عشر من كانون الأول، في إطار سعيها إلى تعميق العلاقات في المنطقة وبناء روابطها التجارية العالمية بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، وأعلنت بريطانيا العام الماضي أنها ستنضم إلى هذا التكتل الضخم ووقّعت بنود الشراكة في تموز 2023، في أكبر اتفاقية تجارية لها منذ انفصالها عن التكتل الأوروبي رسمياً مطلع يناير 2021.
ويعني الانضمام أن بريطانيا ستتمكن من تطبيق قواعد التجارة الخاصة باتفاقية الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ وخفض التعريفات الجمركية مع ثمانية من الأعضاء الأحد عشر الحاليين، وهم بروناي وتشيلي واليابان وماليزيا ونيوزيلندا وبيرو وسنغافورة وفيتنام.
وقال وزير الأعمال في حزب العمال جوناثان رينولدز إن البلاد “في وضع فريد للاستفادة من الأسواق الجديدة المثيرة، مع تعزيز العلاقات القائمة”، وأضاف أن هذه الخطوة “هي دليل آخر على أن المملكة المتحدة مكان رائع لممارسة الأعمال التجارية، مع اقتصاد مفتوح ومتطلع إلى الخارج يقود النمو الذي يمكن للناس أن يشعروا به في مجتمعاتهم”.
وأكد رينولدز أن الحكومة “ستضع أخيراً خطة استراتيجية طويلة الأجل للتجارة الدولية تساعد الشركات والمستهلكين، وفي نهاية المطاف، تُنمي الاقتصاد”. وستدخل الاتفاقية حيّز التنفيذ مع أستراليا بداية الأسبوع المقبل، وستطبق على العضوين الأخيرين، وهما كندا والمكسيك بعد 60 يوماً من التصديق عليها.
وتمثّل الاتفاقية أولى صفقات التجارة الحرة لبريطانيا مع ماليزيا وبروناي، ولأن كان لديها اتفاقيات مع الدول الأخرى، فإن أحكام الشراكة عبر المحيط الهادئ تذهب إلى أبعد من ذلك، وخاصةً في منح الشركات خيارات حول كيفية استخدام أحكام “قواعد المنشأ”.
ولا تحتوي الشراكة عبر المحيط الهادئ على سوق واحدة للسلع أو الخدمات، وبالتالي فإن التناغم التنظيمي غير مطلوب، على عكس الاتحاد الأوروبي، الذي غادرت بريطانيا مداره التجاري في نهاية عام 2020، وتقدّر بريطانيا أن الاتفاقية قد تبلغ قيمتها ملياري جنيه إسترليني (2.5 مليار دولار) سنويًا في الأمد البعيد، أي أقل من 0.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ولكن في إشارة إلى الآثار الاستراتيجية، وليس الاقتصادية البحتة، للاتفاقية يمكن لبريطانيا الآن التأثير على ما إذا كان المتقدمتان الصين وتايوان قد تنضمان إلى المجموعة، وتستمد اتفاقية التجارة الحرة جذورها من الشراكة عبر المحيط الهادئ والمدعومة من الولايات المتحدة، والتي تم تطويرها جزئياً لمواجهة الهيمنة الاقتصادية المتنامية للصين.
وتم إنقاذ هذه الاتفاقية من رماد كتلة الشراكة عبر المحيط الهادئ المخطط له، والتي كان من المفترض أن تشمل الولايات المتحدة أيضاً عقب انسحاب واشنطن بعد فترة وجيزة من انتخاب دونالد ترامب في عام 2016 رئيساً للولايات المتحدة، وقد احتفظت بمعظم أحكام تلك الصفقة، وخفضت الحواجز التجارية بين الدول الأعضاء على مجموعة متنوعة من السلع، ومع ذلك تُقدم الاتفاقية تجارة حرة أقل شمولاً بكثير من الحركة غير المُقيدة للسلع والخدمات مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
ويُنظر إلى الكتلة على أنها نوع من الثقل الاقتصادي الموازن للصين في منطقة المحيط الهادئ، رغم أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم هو أيضاً واحد من العديد من المتقدمين الذين يسعون حالياً إلى العضوية، ويمثل أعضاؤها مجتمعين حالياً ما يقرُب من 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي مع عدد سكان يبلغ قرابة نصف مليار نسمة.