الدرباسية/ نيرودا كرد ـ في قلب الريف الجميل، تتفتح حقول الزيتون كمشهد أخاذ يعكس تراثاً زراعياً عريقاً وثقافة قديمة، كما أكدت المزارعة في ريف مدينة الدرباسية “حميدة حج قادو” بأن زراعة الزيتون تتطلب الكثير من الصبر والتفاني لرعاية الأشجار بشكلٍ صحيح وإنتاج زيتون بأعلى جودة ممكنة.
تعتبر زراعة الزيتون من الأنشطة الزراعية القديمة في العديد من بلدان البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط. يُعتبر الزيتون من أحد الثمار الهامة التي تُستخدم في العديد من الجوانب الغذائية والاقتصادية والصحيّة، وذلك من خلال تعدد استعمالاته، بما فيها الزيت المستخرج من ثمرة الزيتون.
في أحضان الأرض الخصبة وتحت أشعة الشمس الدافئة، تنمو أشجار الزيتون وتنتج الثمار الغنية بالزيت العطري واللذيذ. إن تطوير زراعة الزيتون يمثل تحدياً مستمراً للمزارعين والمهنيين في هذا القطاع، حيث يسعون جاهدين للحفاظ على جودة المنتج وزيادة الإنتاجية.
تعتبر زراعة الزيتون أكثر من مجرد زراعة عاملة اقتصادية، إنها فن وعلم ينبعث منها جمال الطبيعة وقدرتها على تقديم الثمار الصحية واللذيذة، وهنا سنستكشف معاً عالم زراعة الزيتون في إقليم شمال وشرق سوريا، ونتعرف على قصص النجاح والتحديات التي تواجه هذا القطاع الحيوي في عالمنا الحديث.
زراعة وإنتاج الزيتون
تتطلب زراعة الزيتون مهارة عالية وإتقان في العمل، كما أنها لا تخلو من بعض المصاعب، خاصةً في مرحلة القطاف والتجميع، وحول زراعة الزيتون، وكذلك استخراج زيت الزيتون، التقت صحيفتنا مع المزارعة “حميدة حج قادو” صاحبة بستان للزيتون بريف مدينة الدرباسية، حيث أشارت إلى: “تحتاج أشجار الزيتون إلى المناخ المعتدل والتربة الجيدة لتتمكن من النمو بشكلٍ جيد، يتطلب إنتاج الزيتون الناجح موسماً دافئاً وجافاً مع فصل الشتاء البارد، حيث يجب اختيار موقع يوفر الإشعاع الشمسي الكافي؛ لأن الحرارة الشديدة تؤدي إلى مرض الأشجار. كما يجب تصريف المياه بشكلٍ جيد، وأن يكون بعيداً عن المناطق التي تتعرض للتجمّد الشديد”.
وتابعت: “نقوم باختيار التربة المناسبة التي تحتوي على العناصر اللازمة لنمو الأشجار، ونقوم بزراعة الشتلات أو نقل الشجيرات المستنبتة إلى الحقل، مع الاهتمام بتوزيعها بشكلٍ مناسب لضمان النمو الجيد، كما يتطلب نجاح زراعة الزيتون رياً منتظماً خاصةً في فترة النمو وتوفير التسميد المناسب لتغذية الأشجار”.
وزادت “قمنا بزراعة حوالي 1000 شجرة، ولكن بعضها مات، وقد تبقت حوالي 700 شجرة حالياً وقد استأجرنا عدد من العمال لرعاية الأشجار، حيث يقومون بسقايتها وتنظيف محيطها وأيضاً تقليم الأشجار بانتظام لإزالة الأغصان الميتة وتشجيع نمو الأفرع الجديدة. كما يجب الاهتمام بمكافحة الآفات والأمراض التي قد تؤثر على الأشجار”.
البدء بقطاف الزيتون
عملية قطاف الزيتون هي لحظة مهمة في صناعة زيت الزيتون، وحول هذه النقطة أوضحت حميدة: “تُحصد الثمار الناضجة والجاهزة للاستخدام لاستخراج الزيت، ويعتبر تحديد وقت الحصاد من العوامل الحاسمة، حيث يجب أن تكون الثمار ناضجة تماماً للحصاد، ويعتمد وقت الحصاد على الصنف وشروط الطقس وغيرها من العوامل. وقبل الحصاد، يتم تحضير الشجرة بعناية بإزالة الأوراق القديمة والأغصان الفاسدة وتنظيف المنطقة المحيطة بالشجرة”.
وتابعت: “للزيتون وسائل حصاد خاصة، ويمكن استخدام أدوات مختلفة لقطاف الزيتون، مثل العصي الطويلة أو الآلات الخاصة بالحصاد. يجب أن تكون الأدوات نظيفة ومعقمة للحفاظ على جودة الثمار، نقوم بجمع الثمار يدوياً وبحرص، خاصةً وإننا نتبع حالة الزراعة التقليدية، ونقوم بوضع الثمار في أكياس خاصة لمنع التلف، بعد الحصاد، يتم تخزين الثمار في أماكن باردة وجافة لمنع تلفها وضمان استمرار جودتها حتى يتم استخدامها في عملية استخراج الزيت، حيث أن عملية قطاف الزيتون تتطلب دقة وحرفية لضمان جمع الثمار بسلامة وجودة عالية، تلك الخطوات الأساسية تساهم في الحصول على زيت الزيتون عالي الجودة وذو القيمة الغذائية والصحية”.
عملية استخراج الزيت
فيما لفتت حميدة إلى أنها إلى جانب بيع الزيتون كثمار، يقومون باستخراج الزيت منه وبيعه في الأسواق، وأوضحت: “عملية استخراج زيت الزيتون هي خطوة حاسمة للحصول على زيت عالي الجودة والقيمة الغذائية، حيث تبدأ العملية بعصر الثمار المُجمعة للحصول على العصير الخام، يتم ذلك عن طريق وضع الثمار في المطحنة، حيث يتم طحنه بعناية لفصل العصير عن القشور والنوى، وبعد عملية العصرة الأولى، يتم نقل العصير الخام إلى مرحلة الضغط لفصل المركبات الداخلة في العصير مثل الزيت والماء والركاز، ويتم فصل الزيت عن بقية السوائل والجزيئات الصلبة من خلال عمليات تنقية وترشيح للحصول على زيت نقي خالٍ من الشوائب. بعد استخراج الزيت وتنقيته، يتم تخزينه في حاويات مُظلمة ومحكمة الإغلاق للحفاظ على جودته وثباته، بعد ذلك، يتم تعبئته في عبوات مناسبة للبيع في الأسواق”.