قال خبراء مستقلون في مجال حقوق الإنسان تابعون للأمم المتحدة، إن معاهدة التلوث البلاستيكي العالمية المقبلة يجب أن تضمن المساءلة في كل مرحلة من مراحل دورة حياة البلاستيك، محذرين من تحويل المسؤوليات إلى الدول النامية.
الحاجة ملحة، إذ تنتج البشرية أكثر من 460 مليون طن متري من البلاستيك سنوياً، ونصفها مصمم للاستخدام مرة واحدة.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش قائلاً: “بحلول عام 2050، قد يكون هناك بلاستيك في المحيط أكثر من الأسماك”، حيث أصبح التلوث موجوداً الآن “في كل مكان – حولنا وداخلنا – من بحارنا إلى دمائنا، إلى أدمغتنا”.
وفي تصريحات أدلى بها الخبراء قبيل الجلسة النهائية للجنة التفاوض الدولية بشأن الاتفاق، في بوسان بكوريا الجنوبية، التي ستعقد الإثنين المقبل أكدوا أن الدول والشركات المنتجة للبلاستيك يجب أن تتحمل مسؤولية أكبر في معالجة التأثيرات على حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
الشفافية والوقاية
وأكد الخبراء أن الصك الملزم قانوناً يجب أن يتضمن إشارات صريحة إلى حقوق الإنسان، وأكدوا على أهمية مبادئ الشفافية والوقاية والمساءلة.
وحذر الخبراء من إن “الاتجاه الحالي للمفاوضات.. يهدد بتحويل المسؤولية من الدول المنتجة إلى الدول النامية التي تفتقر إلى القدرة أو الموارد لمواجهة آفة البلاستيك العالمية”.
وأكدوا أن كل مرحلة من مراحل دورة البلاستيك تولد تلوثاً يهدد حقوق الإنسان الأساسية – من الإنتاج حتى التخلص منها.
ويجب أن تكون الشفافية هي الأساس للعملية بأكملها، وقال الخبراء المعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان: “يجب أن يكون لدى الجمهور إمكانية الوصول إلى معلومات دقيقة وسهلة الوصول إليها عن المواد الكيميائية المثيرة للقلق المستخدمة في البوليمرات والمنتجات البلاستيكية، ونوع وكميات الملوثات المنبعثة أو المنبعثة في كل مرحلة من مراحل دورة حياة البلاستيك، وحجم البلاستيك المنتج”.
وأكد الخبراء -الذين ليسوا من موظفي الأمم المتحدة ولا يتقاضون راتباً مقابل عملهم- أيضاً على أهمية الوقاية. وتتطلب الوقاية اتخاذ إجراءات على جبهتين: التحكم في المواد الكيميائية المثيرة للقلق في البلاستيك وضمان تصميم المنتج بحيث يسمح بإعادة التدوير الآمن، وتكتسب هذه التدابير أهمية خاصة بالنسبة للدول النامية التي تفتقر إلى اقتصاديات الحجم وتعتمد على الواردات.
وأشار الخبراء إلى أن هذا النهج من شأنه أن “يمكِّن من الانتقال إلى اقتصاد دائري آمن كيميائياً”.
يجب على المنتجين الدفع
ولدعم هذه الجهود، يدعو الخبراء إلى إنشاء صندوق عالمي إلزامي بمساهمات المنتجين.
وأكد الخبراء إن “المساءلة تعني أن منتجي البلاستيك يجب أن يقدموا مساهمات إلى صندوق عالمي”.
ومن شأن هذا أن يؤدي إلى تفعيل مبدأ “الملوث يدفع” ودعم الدول النامية، وخاصةً الدول الجزرية الصغيرة، في تنفيذ أنظمة فعّالة لإدارة النفايات وتنظيف التلوث الحالي، بما في ذلك الدوامات البلاستيكية البحرية.
انتقال عادل يحمي الجميع ومنهم جامعي النفايات
ويتطلب النهج القائم على حقوق الإنسان أيضاً إتاحة الوصول إلى الحلول، وخاصةً للمجتمعات المتضررة بشكلٍ غير متناسب من التلوث البلاستيكي.
وقد دعا الخبراء في السابق إلى انتقال عادل يحمي المجتمعات الضعيفة، بما في ذلك جامعي النفايات الذين يجمعون ما يقرب من 60% من البلاستيك المُعاد تدويره على مستوى العالم.
وشدد الخبراء على إن “الانتقال العادل الذي لا يترك أحداً خلفه أمر بالغ الأهمية لمعالجة وضع العديد من الأفراد والمجموعات الذين يحصلون على دخل من العمل في مجال البلاستيك”.
وأكد الخبراء إن “المجتمع الدولي لابد أن يتحد لإنهاء التلوث البلاستيكي”، وفي المستقبل، يدعو الخبراء إلى مواجهة “التأثيرات الخارجية السلبية التي تفرضها صناعات الوقود الأحفوري والبتروكيماويات” مع ضمان حماية المجتمعات الضعيفة.
وقد حدد استنتاجهم تفويضاً واضحاً: “إن الانتقال المشروع والعادل نحو إنهاء التلوث البلاستيكي يتطلب وضع حقوق الإنسان في صميم الصك الملزم قانوناً قيد التفاوض”.
وكالات