الطبقة/عبد المجيد بدر – في مساعٍ من هيئة الثقافة والفن في إقليم شمال وشرق سوريا في المحافظة على الإرث التاريخي للمنطقة، تم إطلاق مشروع ترميم قلعة جعبر الأثرية في مقاطعة الطبقة.
تعد قلعة جعبر الأثرية من المواقع التاريخية المهمة في إقليم شمال وشرق سوريا، وتعود جذورها لحضارات واختلفت الروايات عن تاريخ القلعة، وهي شاهد على الحضارات التي مرت بها مقاطعة الطبقة، ولها أهمية تاريخية وثقافية وتلعب دوراً هاماً في الحفاظ على التراث والترويج للسياحة الثقافية.
البنية المعمارية والمعالم الأثرية
تتربع قلعة جعبر على هضبة كلسية هشة وتتوسط ضفاف نهر الفرات من الضفة اليسرى، وتبعد 13 كم عن مدينة الطبقة، ويصل ارتفاعها ٣٤٧ متراً فوق سطح البحيرة، متطاولة الشكل، يحيط بالقلعة سوران ضخمان، سور داخلي وآخر خارجي، تحوي القلعة عدد غفيراً من الأبراج ويصل عددها ٣٥ برجاً، بأشكال مختلفة تتراوح بين المربع ونصف مسدس ونصف مثمن والنصف دائري، وفي وسط القلعة تم تشييد مسجد وما زالت مئذنته ليومنا الحالي، وفي الجهة الجنوبية يتربع برج من أبراج القلعة وفي الفترة السالفة تحول لمتحف لآثار القلعة.
الأهمية التاريخية والثقافية
حملت القلعة اسم “دوسر” سابقاً نسبة إلى دوسر وهو أحد غلمان الملك النعمان بن المنذر في عصور ما قبل الإسلام، أما الاسم الحالي فيعود إلى جعبر بن سابق القشيري في القرن الخامس الهجري ـ الحادي عشر الميلادي، حيث كانت قلعة جعبر قلعة دفاعية وأحد أهم الخطوط والحصون الدفاعية للدولة الإسلامية ضد الأطماع الاستعمارية التاريخية السابقة والتي سيطرت عليها عدة قوى منذ عصور ما قبل الإسلام وعهد الصليبين ثم تحريرها من المسلمين ثم عهد عماد الدين الزنكي والأيوبيين وغيرهم، ووقوعها على نهر الفرات جعلها مقصداً للسياح والزوار من مناطق شمال وشرق سوريا.
الحفاظ على التراث
قامت هيئة الثقافة والفن في إقليم شمال وشرق سوريا، بإطلاق مشروع ترميم القلعة في الأول من شهر تشرين الأول من العام الجاري، وسيشمل المشروع الأجزاء المهددة بالانهيار.
وللحديث أكثر عن هذا المشروع التقت صحيفتنا “روناهي” نائب الرئاسة المشتركة لهيئة الثقافة والفن في إقليم شمال وشرق سوريا “زردشت عيسو” والذي تطرق في بداية حديثه إلى أهمية القلعة: “قلعة جعبر لها العديد من الخصائص التاريخية والثقافية في المنطقة، فهي تمثل هوية تاريخية لمدينة الطبقة، وتحوي الأبراج الشاهقة، وما أعطاها الأهمية الكبرى احتواؤها الأبراج على أشكال متعددة، ما أعطاها الاهتمام الكبير خلال العصور السابقة، أضافة لتربعها على ضفاف نهر الفرات، فشكلت جزيرة محاطة بالمياه، واحتواء القلعة على الأحجار الكلسية”.
وأردف “عيسو”: “تعرضت القلعة للعديد من الأعمال التخريبية في فترة سيطرة مرتزقة داعش على المنطقة والتي دمرت العديد من معالم القلعة الأثرية؛ فاستخدموها مستودعاً للأسلحة وساحة تدريبية لأعمالهم الإجرامية، أضافة للرطوبة العالية بسبب وجود المياه في جميع الاتجاهات والعوامل الجوية أصبحت معالم القلعة مهددة بالانهيار”.
وعن أعمالهم في ترميم القلعة هذا العام أوضح: “ستشمل مراحل الترميم بناء جدار استنادي قرب برج الإمارة وعزل سطح الأبراج والجدران في أجزاء القلعة، إضافة لعزل سطح المتحف وغرفة الاستعلامات على مدخل القلعة كما وسيتم وضع سور معدني بمسافة ٣٠ متراً طولياً”.
المواد المستخدمة في ترميم القلعة
أتى البدء بمشروع ترميم القلعة، بعد دراسة فنية واقتصادية للنقاط المهددة بالانهيار، والتي تتطلب التدخل السريع، حيث سيتم مد ٣٠ متراً مكعباً من الطوب المشوي و٨٠ متراً مكعباً من مواد جدار الغمس على الأجزاء المتضررة، وحفاظاً على سلامة الزوار سيتم إنشاء سور معدني بطول ٣٠ متراً بشكل طولي”.
مدة المشروع وأهميته
واختتم نائب الرئاسة المشتركة لهيئة الثقافة والفن في إقليم شمال وشرق “زردشت عيسو” في نهاية حديثه منوهاً: “يعد ترميم القلعة خطوة هامة للحفاظ على هذا الصرح التاريخي الهام، وحماية السواح والزوار من خطر انهيار الأجزاء المتضررة من القلعة حفاظاً منا على سلامة الزوار والسياح، وسينتهي المشروع خلال ٩٠ يوماً”.
ويعدُّ هذا المشروع هو المشروع الثاني لترميم القلعة، وقد تم ترميمها في عام 2021 وقد شملت أعمل ترميم لـ “برج الغريب وتدعيم قاعدته، ووضع المواد العازلة بين جدران القلعة”.