الشهباء/ فريدة عمر – أشار الإداري في قسم الشجريات بلجنة الزراعة في مقاطعة عفرين والشهباء، “محمد عبدو”، بأنهم باشروا بجني محصول الزيتون في القرى الحدودية أولاً؛ نتيجة مخاطر هجمات الاحتلال التركي، متوقعاً إنتاجاً جيداً على الرغم من العديد من الصعوبات.
لا يمكن أن تخلو أجواء مقاطعة الشهباء، من مواسم المحاصيل الزراعية، نظراً لتنوع المنطقة واشتهارها بالزراعة إلى حدٍ كبير، وجودة محاصيلها الزراعية، من البطاطا والكمون والكزبرة وحبة البركة والقمح والبقوليات، إضافةً إلى كروم الفستق الحلبي والزيتون.
وفي هذه الأيام، ومع بدايات شهر تشرين الثاني الجاري، انطلق موسم جني محصول الزيتون، بعد استعداد وتجهيزات جمّة من أصحابها، بالإضافة إلى الكروم العائدة للجنة الزراعة في المقاطعة، بين صعوبات استمرار قصف الاحتلال التركي من جهة، وتداعيات الحصار الحكومي الذي شكّل عبئاً على كاهل المزارعين، ووضع القطاع الزراعي عموماً في مخاطر مستمرة.
إلا أن حلاوة البدء بطقوس جني الزيتون وانتظار الإنتاج، تخفف على المزارعين ما ذاقوه من معاناة، وتُعيد بذاكرة مُهجري عفرين إلى أرضهم وحقولهم تارةً، وتجدد آلامهم تارةً أخرى لأنهم كانوا أصحاب الزيتون واليوم يعملون بساعات لتأمين قوت يومهم، بينما أشجارهم وأملاكهم تلتهم من قبل المرتزقة والاحتلال التركي.
البدء بجني الزيتون في القرى الحدودية أولاً
وبهذا الصدد، قال الإداري في قسم الشجريات بلجنة الزراعة في مقاطعة عفرين والشهباء “محمد عبدو”، بأنهم باشروا بجني المحصول في القرى الواقعة على حدود التماس أولاً، وذلك لتفادي الأضرار والمخاطر: “هنالك مساحة جيدة من الحقول المزروعة بالزيتون، ومع بدء موعد جني المحصول، ارتأينا إلى العمل لإيلاء الأهمية للمحاصيل الواقعة على القرى الحدودية، سواءً الأراضي العائدة للجنة الزراعة، أو محاصيل الأهالي وذلك عن طريق إحاطتهم بالمخاطر التي قد تلحق بمحصولهم نتيجة الهجمات المستمرة على المنطقة”.
ونوه عبدو، بأن العديد من الأهالي غير قادرين على الذهاب إلى أرضهم بسبب هجمات الاحتلال التركي ومرتزقته المستمرة: “إن الأهالي القاطنين على القرى الحدودية، أو على خطوط التماس، يواجهون صعوبات من النواحي كافة، إلى جانب تعرّض حياتهم وممتلكاتهم للخطر بشكلٍ يومي، ففي كل مرة تتعرض محاصيل القمح وغيرها للحرائق، فيما يواجه الأهالي مخاطر الذهاب إلى حقولهم وجني محاصيلهم، نتيجة مخلّفات مرتزقة داعش إلى جانب القنص والقصف المتكرر”.
موسم هذا العام.. بين الصعوبات والتحديات
ويشهد القطاع الزراعي عموماً، في مقاطعة عفرين والشهباء، صعوبات عديدة بسبب عدة عوامل مؤثرة، وحول ذلك أوضح عبدو بأن استمرار الحصار الحكومي يُعدُّ من أبرز تلك العوامل: “طبعا كما يُعرف، لكي ينجح القطاع الزراعي، سواءً أي محصول كان، لا بد من إعطائه الرعاية والاعتناء الكافي، لكن دون شك في بعض الأحيان تتأثر بعدة عوامل منها أحوال الطقس، أو احتمالية انتشار بعض الأوبئة التي من المُحتمل أن تلحق بالمحاصيل، لكن هنالك عامل أبرز ألا وهو استمرار الحصار الحكومي، والذي يُضيف بكل مرة عبئاً مضاعفاً علينا كجهة معنية في إمكانية تأمين المستلزمات، وأيضاً على المزارعين، من تأمين المواد والسماد والبذار، بالإضافة إلى المبيدات وغيرها، وغالباً تكون بأسعار مضاعفة، بسبب صعوبة منعها وفرض الإتاوات التي تُفرض عليها أثناء دخولها إلى المقاطعة”.
واستكمل: “طبعاً هنالك تحديات أيضاً لمجابهة هذه الصعوبات، فنحن كلجنة الزراعة بالتنسيق مع الجهات المعنية، حاولنا قدر الإمكان بالتعاون مع المزارعين، عن طريق جملة من الحلول وخطة مدروسة، كالمساعدة معهم بتأمين البذار والسماد بسعرٍ معقول، إلى جانب مادة المازوت، لأنه كما يُعرف بأن المقاطعة تعاني من نقص مادة المحروقات والذي بدوره يؤثر على القطاع الزراعي بشكلٍ كامل، بالمجمل حاولنا قدر الإمكان إنقاذ الموسم الحالي، لأنه الاعتماد الرئيسي لمعظم سكان المنطقة، كما يُساهم نوعاً ما في الاكتفاء الذاتي للمنطقة”.
تأمين فرص العمل للعديد من العوائل
إلى جانب إن الزراعة هي مصدر رزق لأصحاب الأراضي والمزارعين، إلا أنها مصدر دخل وقوت يومي للعديد من الأُسر المحتاجة، وحول ذلك قال عبدو: “حقيقة إن الوضع المعيشي في المنطقة صعب نوعاً ما، نظراً لظروف التهجير والحصار وغيرها، إلى جانب أن المنطقة ليست بمنطقة صناعية لتوفير المعامل والورشات فيها، لذلك تعتمد أغلب الأسر، إلى ساعات العمل اليومية في القطاع الزراعي، وتحديداً المُهجرين القاطنين في المخيمات، حيث خلال هذا الموسم فتحنا فرصة العمل خلال هذه الفترة الأولى لـ أكثر من 100 شخص للعمل لجني محصول الزيتون للأراضي العائدة للجنة الزراعة، بمقدار 8000 إلى 10000 ليرة سوريّة مقابل كل ساعة، ويعتمد عليه فئة كبيرة من الأهالي”.
واختتم الإداري في قسم الشجريات، بلجنة الزراعة في مقاطعة عفرين والشهباء “محمد عبدو”، حديثه متأملاً أن يختتم موسم العام بالسلام، وأن ينال المزارعين ثمرة جهدهم وتعبهم: “نتيجة ما نعيشه من ظروف صعبة، وعدم الاستقرار في الوضع العام في المنطقة، هنالك دائماً مخاوف على الموسم والقطاع الزراعي بشكلٍ عام، لذلك نأمل أن يكون هذا العام عام الخير، وأن يمر بسلام، وأن ينال المزارعون ثمرة الجهد والتعب، لأنها مصدر رزق لهم ولعائلتهم، والزراعة عامل أساسي لتحقيق الاكتفاء الذاتي”.