قامشلو/ آرين زاغروس – مع مرور تسع سنوات على تحرير شنكال؛ نظم الإيزيديون أنفسهم سياسياً واجتماعياً وعسكرياً، وفي ذكرى التحرير استذكر الإيزيديون شهداء مجزرة شنكال، وأشادوا بالدور الكبير الذي لعبته المرأة الإيزيدية في مرحلة التحرير، كما أكدوا على مواصلة النضال لتحرير النساء الإيزيديات المختطفات.
في الثالث من آب ترك قرابة عشرة آلاف جندي عراقي، وقوات الحزب الديمقراطي الكردستاني، الإيزيديون المدنيون في شنكال وحدهم ليواجهوا إرهاب داعش، الذي ارتكب بحقهم مجازر وإبادة جماعية، يندى لها جبين الإنسانية.
إبان الهجوم على شنكال والسيطرة عليها، ارتكب داعش مجازر وحشية غير مسبوقة، حيث استشهد الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ الإيزيديين، وتم اختطاف أكثر من خمسة آلاف امرأة وشابة إيزيدية، وتم اغتصاب أكثر من ألف وخمسمائة امرأة، وباعوا أكثر من ألف امرأة في أسواق النخاسة بسوريا والعراق وتركيا، وشردوا ما يزيد عن ثلاثمائة وخمسين ألف شخص، وعثر في شنكال حتى الآن على أكثر من 80 مقبرة جماعية.
وفي ذلك الوقت أدرك الإيزيديون، حقيقة الحزب الديمقراطي، وخيانته للكرد، لذا قرروا تأسيس قوات حماية خاصة بهم، سمّوها “وحدات مقاومة شنكال”، بهدف الدفاع عنهم، وفي شهر شباط 2015، أعلنت نساء شنكال، عن تأسيس وحدات المرأة في شنكال.
وفي آذار عام ألفين وخمسة عشر أطلقت هذه القوات بالتعاون مع قوات الكريلا، حملة تحرير مدينة شنكال، والتي تكللت بالنصر وتحرير شنكال في الثالث عشر من تشرين الثاني في العام ذاته.
وحدات حماية المرأة دور محوري في التحرير
وبعد مرور تسع سنوات على تحرير شنكال، استطاع الشعب الإيزيدي تنظيم أولوياته، وأصبح قادراً على حماية نفسه، وهذا ما بينته عضوة منسقية اتحاد إيزيدي سوريا، كولي جعفر: “لم تصمت المرأة الإيزيدية على الجرائم المرتكبة بحقها، بل نظمت صفوفها، وانتقمت للمختطفات وللشهداء، فشكلت وحدات حماية شنكال، التي حملت على عاتقها الثأر من مرتزقة داعش، وشاركت المقاتلات في المعارك التي دارت ضد المرتزقة، فكان لهنًّ دور في تحرير القرى الإيزيدية من مرتزقة داعش، وتحرير العشرات من المختطفات”.
وأشارت كولي، إلى الأعمال التي يقوم بها الشعب الإيزيدي لحماية تراثه وحضارته: “لقد أسسنا اتحاد إيزيدي سوريا على مستوى سوريا وألمانيا، وقمنا بضم 13 بيتاً إيزيدياً وجمعية ومنظمة إيزيدية، وعقدنا مجلساً مؤلفاً من 33 شخصاً من عفرين، وحلب، والجزيرة، وألمانيا، فيما نسعى لبناء مزار للمجتمع الإيزيدي في روج آفا، وفتح مكتب حماية أملاك الإيزيديين، وإعداد مناهج تعليمية للديانة الإيزيدية لجميع المراحل في مناطق وجود الإيزيديين”.
واختتمت عضوة منسقية اتحاد إيزيدي سوريا، كولي جعفر حديثها عن المعتقلات والأسيرات اللواتي ما زلن مختطفات: “لقد عاهدنا أنفسنا ألا تتكرر هذه المجزرة، وهذا الظلم بحقنا، فلكل دين الحق بممارسة حقوقه، وشعائره الدينية، وهذه المجزرة كانت الصفعة المؤلمة التي أيقظتنا لندافع عن حقوقنا ولن نسمح أن تتكرر، وبإراداتنا وقوتنا سنحرر نساءنا من أيدي المرتزقة”.
من آثار الإبادة إلى قوة الإرادة
وبدوره، أشاد الرئيس المشترك للبيت الإيزيدي، وعضو اتحاد إيزيدي سوريا، إسماعيل دلف، بالإنجازات التي صنعها الشعب الإيزيدي بعد تحرره من مرتزقة داعش: “عمل شعب شنكال على تنظيم نفسه من تأسيس قوات عسكرية وأمنية، وتنظيم سياسي واجتماعي، وهذه اليقظة التي حظي بها الإيزيديون كانت نقطة فصل في تاريخ المجتمع الإيزيدي”.
وانتقد دلف، ما جرى في شنكال من مؤامرات: “في عام 2014 رأينا كيف انسحبت القوات العراقية، وقوات الحزب الديمقراطي الكردستاني من شنكال، وهذا ما جعلها عرضة للإبادة، ولا زال مصير شنكال مجهولاً بسبب التناقضات بين حكومتي هولير وبغداد، على من يسيطر على شنكال ومن يحكمها، لكن أهالي شنكال أسسوا إدارة ذاتية خاصة بهم، ومن حقها اليوم، أن تنال استقلالها وتدير نفسها بنفسها دون تدخل أية قوى قد تبيعها مرة ثانية”.
واختتم، الرئيس المشترك للبيت الإيزيدي، وعضو اتحاد إيزيديي سوريا، إسماعيل دلف، حديثه: “لقد بيعت العديد من الإيزيديات في المناطق التي كانت تسيطر عليها داعش في سوريا، وخاصة الرقة عاصمة خلافتهم المزعومة، وبعد تحرير هذه المناطق عملنا على البحث عن النساء الإيزيديات المختطفات، وتم تحرير الكثيرين منهم، ونتعهد بتحرير البقية الباقية وإعادتهم إلى ذويهم وأهلهم”.
وبالرغم من الإرادة التي تحلى بها الشعب الإيزيدي للنهوض من جديد، والإنجازات التي قام بها، ما زالت آثار الإبادة واضحة على معالم شنكال، من مقابر جماعية وآلاف المختطفات في ظل مصيرهم المجهول حتى الآن، ولم تنتهِ محاولات الإبادة التي تشن ضد الإيزيديين في مكان تواجدهم حتى اليوم.
وبعد مرور تسع سنوات على وقوع الإبادة الجماعية بحق الشنكاليين، عاد العديد منهم إلى موطنهم الأصلي شنكال، وحسب إحصائيات رسمية عاد منذ عام 2023 أكثر من 100 ألف إيزيدي إلى شنكال، وما زال باشور كردستان، يحتضن 15 مخيماً للنازحين الإيزيديين، تتوزع بين محافظة دهوك ومدينة زاخو.