الشدادي/ حسام الدخيل ـ شح المياه، وارتفاع تكاليف الإنتاج ينذران بتراجع زراعة المحصول الاستراتيجي؛ القطن في منطقة جنوب الحسكة، واقتصرت زراعته على مساحات قليلة لدى المزارعين الذين يملكون آبار على أراضيهم الزراعية.
يشهد قطاع الزراعة في منطقة جنوب الحسكة، وخاصةً زراعة القطن، تراجعاً حاداً وغير مسبوق، وذلك نتيجة لعدة عوامل متداخلة، أبرزها الجفاف الشديد الذي يضرب المنطقة منذ سنوات، وتحديداً جفاف مياه نهر الخابور، الشريان الرئيسي للزراعة في المنطقة، بالإضافة إلى سياسة الري غير العادلة التي تتبعها الدولة التركية المحتلة، والتي أدت إلى تقليص حصة المنطقة من المياه.
جفاف الخابور.. ضربة قاصمة للزراعة
يعتبر نهر الخابور من أهم المصادر المائية في المنطقة، حيث يعتمد عليه المزارعون بشكلٍ أساسي في ري محاصيلهم، إلا أن الجفاف المستمر أدى إلى انخفاض منسوب المياه في النهر بشكلٍ كبير، مما جعل الوصول إليها صعباً ومُكلفاً، الأمر الذي دفع الكثير من المزارعين إلى التخلي عن زراعة القطن، وهي محصول يتطلب كميات كبيرة من المياه.
بدأت مياه النهر بالتراجع منذ عام 1990، ليجف بشكلٍ نهائي خلال الأعوام الماضية بسبب التغيرات المناخية وقطع المياه من الجانب التركي.
السياسات التركيّة.. عامل تفاقم للأزمة
تعتبر سياسة الري التي تتبعها الدولة التركية في حوض نهر الفرات، والذي يعتبر الخابور أحد روافده، عاملاً هاماً في تفاقم أزمة المياه في المنطقة، حيث تقوم تركيا ببناء سدود وخزانات على النهر، مما يؤدي إلى تقليص حصة سوريا والعراق من المياه، وتزداد هذه الأزمة سوءاً في ظل التوترات السياسية بين الدول الثلاث.
وعملت دولة الاحتلال التركي على تخفيض حصة سوريا من مياه الفرات من 550م³/ثا إلى ما دون الـ 250م³/ثا، كما عمدت على قطع مياه نهر الخابور بشكلٍ كامل، في أمر مناف للاتفاقات الدولية بين الطرفين.
ارتفاع تكاليف الإنتاج.. تحدي آخر يواجه المزارعين
إلى جانب شح المياه، يعاني المزارعون في المنطقة من ارتفاع كبير في تكاليف الإنتاج، حيث ارتفعت أسعار الأسمدة والمبيدات الحشرية بشكلٍ كبير، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الطاقة اللازمة لتشغيل الآبار، الأمر الذي جعل زراعة القطن غير مُربحة بالنسبة للكثيرين.
وتبلغ تكلفة زراعة الدونم الواحد من القطن تشمل أسعار البذور، وأجور الحراثة، وأجور العمال، بالإضافة إلى تكاليف الري والمحروقات، على سبيل المثال، يحتاج الدونم الواحد إلى حوالي 10 كيلوجرامات من بذار القطن، ويبلغ سعر الكيلوجرام الواحد نحو خمسة دولارات، مما يجعل تكلفة زراعة الدونم الواحد من 60 إلى 75 دولار أمريكي، من ثمن البذار والحراثة وعمليات القطف، بالإضافة إلى أسعار المحروقات حيث وصل ثمن البرميل الواحد من الديزل اللازم لتشغيل المحركات قرابة الـ 100 دولار أمريكي في السوق السوداء.
آثار وخيمة على الاقتصاد المحلي
تتجاوز آثار تراجع زراعة القطن في المنطقة الأبعاد الاقتصادية المباشرة، حيث يؤدي هذا التراجع إلى فقدان العديد من فرص العمل، وزيادة معدلات الفقر والهجرة، كما يؤثر سلباً على الأمن الغذائي في المنطقة، ويقلل من قدرة المنطقة على المساهمة في الاقتصاد الوطني.
ومع استمرار جفاف نهر الخابور وارتفاع تكاليف الزراعة، يواجه المزارعون في جنوب الحسكة تحديات كبيرة في الحفاظ على زراعة القطن، حيث بدأت زراعة المحصول الاستراتيجي بالتراجع بشكلٍ كبير في المنطقة، واقتصرت زراعته على مساحات قليلة لدى المزارعين الذين يملكون آبار على أراضيهم الزراعية.
تحتاج المنطقة إلى حلول مستدامة لتوفير المياه ودعم المزارعين اقتصادياً لضمان استمرار هذا المحصول الحيوي. بدون تدخّلات فعالة، قد تستمر زراعة القطن في التراجع، مما يؤثر سلباً على الاقتصاد المحلي وحياة المزارعين في المنطقة، مما قد يخلّف تداعيات كثيرة من انتشار الفقر والبطالة، حيث اضطر العديد من المزارعين إلى ترك أراضيهم والبحث عن مصادر رزق أخرى.
وسبق أن حددت الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا تسعيرة القطن لعام 2023 بـ 800 دولار أمريكي للطن الواحد، نحو 12 مليون ليرة سوريّة، على سعر الصرف الحالي، والذي يبلغ 15500 ليرة سوريّة للدولار الواحد.
فيما لم تحدد الإدارة الذاتية حتى اللحظة سعر شراء محصول القطن الحالي من المزارعين.
وتأكيداً على التعميم السابق ذو الرقم /747/ بتاريخ 16/7/2024 والمتضمن ضرورة تعبئة محصول القطن بالشلول القطنية وخياطة فوهاتها بالخيوط القطنية.
أصدرت هيئة الزراعة والري لإقليم شمال وشرق سوريا مؤخراً، بأن المؤسسة العامة للاقطان لن تقبل الأقطان بالشلول المخالفة لما للشلول غير القطنية تأثير سلبي على عمليات الحلج وتخزين القطن وانخفاض قيمة القطن المحلوج.
علماً أن الشلول القطنية متوفرة لدى فروع شركة تطوير المجتمع الزراعي بالطبقة والرقة ودير الزور والحسكة والدرباسية وتربه سبيه وبسعر التكلفة (3,5) دولار أمريكي.