أوضح الجيولوجي “عامر الركراك” أنه تم إنهاء جزء كبير من أعمال مشروع جر مياه الشرب من عامودا إلى الحسكة، مشيراً إلى أن المشروع يتعرّض لصعوبات فنية ومالية أدت لتأخره.
ضمن مساعيها لتخفيف معاناة نحو مليون ونصف نسمة في مدينة الحسكة، عملت الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا على تأمين مياه الشرب بعد قطع الاحتلال التركي مياه محطة علوك عن المدينة.
ويعتبر مشروع جر المياه إلى الحسكة من عامودا، هو الثالث الذي ستنفذه الإدارة الذاتية الديمقراطية، كبدائل من محطة علوك الخاضعة لسيطرة الاحتلال التركي بريف مدينة سري كانيه.
كان أحدها مشروع آبار الحمة شمال غربي الحسكة، وكان من المقرر أن يؤمن نحو 50% من حاجة الحسكة بمياه الشرب، المشروع أطلقته الإدارة الذاتية الديمقراطية أواخر آذار 2020، وقالت حينها، إنها ستُحفِر 50 بئراً في محطة الحمة وذلك خلال شهر، لكن تنفيذه تأخر حتى آب 2022، وانقطعت المياه بعد أيام معدودة من وضعها ضمن الخدمة، دون أي تعليق.
البديل الثاني مشروع استجرار مياه الفرات من ريف دير الزور إلى الحسكة، والذي أصبح في الخدمة منذ قرابة شهر.
مشروع استجرار مياه الشرب
فيما خصصت الإدارة الذاتية الديمقراطية موازنة خاصة للمشروع الثالث “جر المياه من عامودا إلى الحسكة” ضمن موازنة عام 2023، واختير ريف عامودا، بعد إجراء الدراسات والتجارب اللازمة، وحُدِّد هذا الموقع بناءً على رأي الجيولوجيين المختصين، الذين أكدوا وجود حوض ماء كافٍ، دون أن يخلّف تأثيرات بيئية على التربة، لذلك يجري العمل على إنشاء محطة لتجميع مياه الآبار التي يتم حفرها وصالة الضخ وخزان المياه الذي يتسع لنحو 5000 متر مكعب.
وفي الصدد التقت صحيفتنا “روناهي” الجيولوجي والمشرف على مشروع جر مياه من عامودا إلى الحسكة “عامر الركراك” والذي استهل حديثه: “تم الإعلان عن مشروع جر مياه الشرب من ريف عامودا “سنجق سعدون” في 3/8/2023، من قِبل الإدارة الذاتية الديمقراطية، وتمت المباشرة في أعمال المشروع نظامياً منذ قرابة خمسة أشهر تقريباً”.
وأضاف الركراك: “جر مياه الشرب من عامودا إلى الحسكة هي ثلاثة مشاريع مُكملة لبعضها، مؤلفة من حفر للآبار، وإنشاء محطة تجميع، وربط الآبار بالمحطة”.
مراحل حفر الآبار
وعن مشروع حفر الآبار أوضح بأن المرحلة الأولى: “يتم الحفر إلى عمق قد يصل إلى 200 متر أو أكثر وذلك حسب الطبقات الجيولوجية الموجودة، وتعتبر هذه الطبقات غير مرغوبة ويتم عزلها بالروبة الأسمنتية المقاومة للكبريتات، وذلك من أجل عدم تلوث المياه المستهدفة، عدم التأثير على المياه السطحية بالمنطقة، عدم اختلاط المياه السطحية مع المياه الجوفية، وثم تركب مجموعة الضخ الغاطسة على عمق 175 م وذلك كحد أعلى لإنزال المضخة وذلك للحفاظ على المخزون المائي الجوفي للمنطقة ككل”.
وأردف الركراك، إلى المرحلة الثانية: “يتم الحفر في المرحلة الثانية بعد العزل بقطر أقل من المرحلة الأولى ومن قطر إكساء العزل حتى العمق المُحدد الذي يتم من خلال المختص الموجود، وذلك ضمن الطبقات الكلسية الدولوميتية المشققة ويتم توقيف الحفر على نفس الأسس لاستخراج مياه نقية غير ملوثة”.
ونوه إلى عملية التجريب: “يتم تجريب هذه الآبار على مدى (72) ساعة متواصلة يتم فيها مراقبة البئر وبغزارات بين 125 – 170 متر مكعب حسب التجارب التي أُجريت عليها من قِبل المختصين بالجولوجيا والعاملين عليها”.
الأعمال المُنفذة
وفيما يخص مشروع خط التجميع للآبار بيّن الركراك: “إنه الخط الواصل بين الآبار باتجاه محطة الضخ التي تضم خزان سعة 5000 متر مكعب، ومضخات أفقية كبيرة تدفع باتجاه خط الجر الذي يتم البدء به حتى الآن بقطر800 مم باتجاه مدينة الحسكة خزان الحسكة”.
كما أكد الركراك أنه تم حفر 12 بئراً من أصل 20 حتى الآن، ومشروع خط التجميع قيد التنفيذ وسينتهي خلال الأيام القليلة المقبلة، وذلك حسب الإمكانيات المتاحة “فنية ومالية”، مشيراً إلى أن مشروع محطة الضخ قيد التنفيذ أيضاً: “أنه من المفترض أن تكون غزارة الآبار 3000 متر مكعب في الساعة، وبذلك يتم الضخ على الأحياء في مدينة الحسكة كامل السنة”.
جودة المياه
ويعتقد أن مشروع جر المياه قد لا يكون له تأثير في جفاف المياه في المنطقة، إذا نُفِذ طبقاً للمواصفات التي حددتها الإدارة خاصةً لناحية العمق والعزل والمطلوب المراقبة الدوريّة لكميات المياه: “إن المياه التي يتم استخراجها صالحة للشرب والاستهلاك البشري حسب التحاليل المخبرية المأخوذة من قِبل الكيميائيين والمراقبين المختصين في هذا المجال”.
الصعوبات والمعوّقات
وعن الصعوبات والعراقيل التي تواجه العمل أوضح الركراك بأنه هناك صعوبات “فنية ومالية”، ومن الصعوبات “الفنية” طبيعة الأرض كونها مكونة من طبقات ويعتمد الحفر على طبقات الأرض فمنها (قاسية، لجنة،…)، درجات الحرارة المرتفعة في فصل الصيف، الأعطال المفاجئة للآلات، تأخر إصلاح الآليات وصيانتها وصعوبة إيجاد قطع التبديل.
فضلاً عن الأسباب المالية والتي اعتبرها الصعوبة الأكبر، حيث بيّن إن الإمكانات المتاحة لدى الإدارة الذاتية الديمقراطية والميزانية المكلفة للمشروع تؤدي أحياناً لتوقفه.
وعن الميزانية فقد تم دراسة المشروع بتكلفة 18 مليون دولار تقريباً وتم تخصيص قرابة ثلاثة مليون دولار للمشاريع الثلاثة.
ودعا الجيولوجي “عامر الركراك” في ختام حديثه الرأي العام والمنظمات الدولية لتقديم الدعم اللازم لهذا المشروع، لإنجازه في فترة زمنية قصيرة، لتقديم مياه الشرب لأهالي الحسكة وريفها.
والجدير ذكره: قطع الاحتلال التركي المياه عن أكثر من مليون ونصف نسمة، منذ احتلاله مدينة سري كانيه وسيطرته على محطة آبار علوك لمياه الشرب بريفها في خريف 2019.