وقال السوداني: إن مصادر التهديدات الأمنية، التي تواجه العراق وسوريا تنبع من المناطق السوريّة، “التي لا تسيطر عليها الحكومة السوريّة”، ويقصد بذلك إقليم شمال وشرق سوريا، وبذلك يفهم بعد آخر للمبادرة العراقيّة يتوافق مع توجهات أنقرة. وجاءت تصريحاته بعد زيارة أردوغان إلى بغداد في 22/4/2024، وهي الأولى من نوعها منذ أكثر من عقد. وبالتزامن مع الزيارة تم تداول مسعى تركيّ للحصول على ضوء أخضر لتركيا للتوغل 40 كم في باشور كردستان “شمالي العراق” بذريعة حماية حدودها، ويقصد به قطع التواصل الجغرافيّ بين شمال سوريا وإقليم كردستان، ليجعل ذلك ثمن موافقة أنقرة للموافقة على مشروع طريق التنمية، والذي يشمل مشروع سكك حديد وطرق بريّة لربط تركيا، بأوروبا والخليج.
لكن الأمر يختلف بين دمشق وأنقرة مع وجود جيش تركي يحتل مساحات واسعة من شمالي، وشمال غربي البلاد، ودعم أنقرة لمجاميع المرتزقة بمسميات مختلفة وأسباب سياسة الحدود المفتوحة لتدفق آلاف المرتزقة من مختف دول العالم، والدور التركيّ يتجاوز مجرد التدخل في مسار الأزمة، ليكون واقعاً أحد أهم أسبابها. والمفارقة أنّ بغداد تتبنّى مبادرة المصالحة بين أنقرة ودمشق، وقد زارها أردوغان رغم وجود الكثير من القواعد العسكريّة على الأراضي العراقيّة، ويقصف جيش الاحتلال التركيّ بشكل مستمر مواقع على الأراضي العراقيّة، وهذا ما يُفقد مبادرة بغداد عوامل القوة والجديّة، ولتطرح أسئلة أكثر عمقاً عن توقيت ودوافع المبادرة. الحقيقة أنَّ الدور العراقيّ في المصالحة بين طهران والرياض، كان لوجستيّاً والإيقاع الصينيّ كان أعلى، فيما الملفات بالغة التعقيد بين أنقرة ودمشق، والأمر يتجاوز توفير تسهيلات لوجستيّة، لأنّ مسؤولي الجانبين سبق أن التقوا على مستويات مختلفة، ولم تسفر الاجتماعات عن تقدم ملحوظ بسبب فقدان عامل الثقة، وسعت حكومة العدالة والتنمية إلى توظيف مسار التصالح لأغراض انتخابيّة لسحب هذا الملف من يد المعارضة التركيّة، وبذلك كانت التصريحات التركيّة تتسم بالحماس في سياق مناسباتيّ، دون جديّة واضحة.
القادم بوست