سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

القنويج… ذاكرة المرأة العفرينية الحية

تحاول النساء المهجرات من عفرين المحتلة منذ عام 2018، حماية تراثهن وثقافتهن، في ظل محاولات الاحتلال البائسة لإبادة الهوية الثقافية لعفرين وتتريك المنطقة.
“القنويج” حرفة وهواية نسائية ومفردة متميزة في صفحات التراث الكردي عامة، والعفريني خاصة، تناقلته الأجيال وما زالت وعلى مر عقود وعقود.
المرأة العفرينية، والمهجرة منها على وجه الخصوص ما زالت تتحدى التهجير ومحاولات الإبادة الثقافية، وتجد في هذه المهنة والهواية والمحافظة عليها شكلا من أشكال رفض العدوان والصهر والتمسك بالهوية والتراث الكردي الأصيل.
تقول مريم أحمد (47 عاماً) من مدينة جندريسة التابعة لعفرين المحتلة (وتقطن حالياً في حي الشيخ مقصود بحلب) بعدما هجرت وعائلتها قسراً إبان الهجوم الاحتلالي التركي على عفرين في 18 آذار 2018، لوكالة أنباء هاوار: “إن القنويج يُعدّ ذاكرة العفرينيين”، لكنها توضح في الوقت نفسه أنه “مهدد بالزوال”.
وتبحث مريم عن بدائل لإبقاء هذا التراث حياً في ظل الغزو التكنولوجي واللجوء إلى الآلات، من خلال استبدال “الغربول” بالإبرة والخيط، وتوضح في هذا الشأن: “نحاول التشبث بهذا التراث بشتى الوسائل؛ لأننا ورثناه عن أمهاتنا، عبر إيجاد البدائل لكل ما يفقد من مواد أساسية، مثل استبدال الغربول بالإبرة والخيط لعدم توفرها”.
ويدخل في صناعة القنويج، قماش قطني أبيض بالإضافة إلى قماش الإيتامين القطني ذي الألوان المختلفة، و”الغربول/ الشبك” وهو قماش على شكل شبكة من المربعات الصغيرة، والخيوط القطنية اللامعة والناعمة، وإبر من مختلف القياسات.
ويشتهر القنويج بنقوشه وألوانه المختلفة، حيث تختلف دلالات تلك النقوش حسب المنطقة، ويلاحظ الاختلاف من خلال الألوان والرسومات والأشكال، فتعكس النساء طبيعة عفرين من خلال نقش صور النباتات والطيور الكثيرة والمتنوعة.
وتتعدد استخدامات القنويج، فهناك من يستخدمه غطاء للوسائد والأسرّة، بالإضافة إلى الصرة القماشية المعروفة باسم (بقجك) والمناديل ومناديل الجيب.
بدأت مريم تعلُّم صنع القنويج، وهي في الرابعة عشر من عمرها مع شقيقاتها من والدتها، واستطاعت حتى الآن نسج 75 قطعة، وتتحدث عما كان يرافقها من أجواء: “لا أبالغ عندما أقول إن المنسوجات كانت تجمعنا تحت شجرة واحدة وحتى ساعات متأخرة من الليل وعلى ضوء السراج الخافت بروح المحبة والتعاون”.
وعند تهجيرها قسراً مع عائلتها في الهجوم التركي على عفرين، لم تنسَ مريم أن تأخذ معها ما صنعته بيدها، وتنصح الأمهات العفرينيات تعليم بناتهن كيفية صناعة منسوجة القنويج: “ما نصنعه بأيدينا ذو قيمة ومعنى أعمق”.
وأهدت مريم الأم لـ (ثلاث شابات وشاب)، قسماً من قطع القنويج المصنوعة بيديها، فيما احتفظت بقسم: “أسترجع من خلالها ذكرياتي ورائحة مدينتي”.