No Result
View All Result
المشاهدات 5
محمد القادري_
من الأمور العقائدية المهمة في الإسلام، الإيمان بوجود الله وماهيته، وكيفية تواصله مع عباده، وكما كان الحال في الشرائع السابقة والديانات السماوية وغيرها، فإن الإسلام تعرض لهذه المشكلة، حيث أن المستوى الأعلى من العلماء كان لهم باع طويل، وأمضوا سجالات ومجادلات وصلت الى مستوى الصراعات وإراقة الدماء، لأن الجميع كان يقول: “إن الحق والحقيقة عنده ومعه وباقي الطوائف والنحل والملل على شرك وضلال، أو إلحاد وزيغ وفسق”، حتى إنهم أصدروا الفتاوى في قتل من عارضهم في نظرتهم، وآرائهم بوجود الله في الكون والطبيعة، وأكبر فئه تعرضت للنفي والقتل والصلب والإعدام كانوا الفئة، التي سموها بالحلولية والاتحاد، حيث أنهم يؤمنون بحلول الذات الإلهية في جسد الإنسان، وإن الوحي الرسائلي كان يأتي من العقل الإلهي إلى العقل الرسولي، وإن حلول الذات الإلهية في الشخصيات كانت ترتقي بها إلى مستوى النبوة والرسالة، أما أصحاب رأي الاتحاد فإنهم يقولون: “إن الله اتحد مع النبي، أو الرسول، أو أي شخص طاهر مقدس، وأصبح موجوداً واحداً”، فالذي ينظر هو الله، والذي يتكلم هو الله، والذي يسمع هو الله، والذي يتصرف هو الله ذاته، لذلك لم يقبل علماء الشريعة أقوال تلك الفئتين، وعدُّوهم ضرباً من الشرك والإلحاد، وإنهم يقاربون قول المسيحيين في وحدة الله مع شخص المسيح، ويقاربون الديانات الأخرى للأشخاص كالديانة البوذية والكونفوشية والتاوية.
وكان من أبرز هذه الأسماء، التي تعرضت للقتل “الحسين بن منصور الحلاج”، الذي يعدُّ أعظم شخصية إسلامية ظهرت في هذا الفكر، الذي كان يقول ما في الجبة غير الله أي أنه هو الله وله كلمات وأبيات شعر كثيرة تدل على إيمانه بوحدة الوجود، وإنه يمثل رعاية الله لهذا الوجود، وكذلك الشيخ الأكبر في وحدة الوجود “محي الدين بن عربي”، العالم الفيلسوف، ذو المؤلفات الكثيرة، وتعرض للقتل كما نعلم حينما قال لأهل الشام: “يا أهل الشام! معبودكم تحت قدمي”، وكان يقصد به المال والكنوز ولكنهم لم يفهموا من كلمته إلا ظاهر القول، فتم حبسه وإصدار الفتوى بإعدامه، وكذلك “السهر وردي، وجلال الدين الرومي والتبريزي وغيرهم”، ولكن لشدة الحرب عليهم تقلصت هذه الفئة، ولم يبقَ إلا القليل جداً من روادها، أو من يجرؤ أن يكتب عن فلسفة وجود الذات الإلهية وتواصلها مع المخلوقات، حيث أن ظواهر الآيات القرآنية تشير على إنه” لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” وكذلك الكلمة الأساس، التي يستند عليها علماء العقائد والمنطق، ويضعون حداً للمفكرين في هذا المجال، قولهم عن وجود الله كيف ما خطر في بالك فهو خلاف ذلك، أي أن العقول لا يمكن أن تصل إلى تحديد الكيفية والماهية، وأصلاً ليس هناك مادة يمكن أن يوصف بها الله، فكل ذلك حسب الاعتقاد الديني الإسلامي، يوصل الإنسان الى مزالق ومهاوي الإلحاد، أو الشرك، أو الاتحاد والحلول.
No Result
View All Result