سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

ست سنوات من الانتهاكات والجرائم والمقاومة مستمرة حتى التحرير والعودة

عين عيسى/ برخدان جيان ـ

ستة أعوام مضت على هجوم الاحتلال التركي، ومرتزقته لمقاطعة عفرين، تحت ما يسمى بعملية “غصن الزيتون” بذريعة حماية أمن تركيا القومي، فاستُخدمت في تلك الهجمات شتى أنواع الأسلحة براً وجواً، كما أن تركيا استخدمت الأسلحة المحرمة دولياً، وبعد 58 يوماً من المقاومة التاريخية، احتُلت عفرين، وسكانها الذين لم يهجروها فيواجهون انتهاكات يومية، أفقدتهم الأمل في التغيير، وذلك كله يحدث بهدف التهجير القسري من أرضهم وبيوتهم، لتقوية الاحتلال وممارسة التغيير الديمغرافي فيها.
ويتم توثيق الانتهاكات، والممارسات، والجرائم في مقاطعة عفرين المحتلة، من الجهات الإعلامية، والنشطاء، والمنظمات الحقوقية والإنسانية، التي ترصد واقع الجرائم التي تمارسها تركيا، ومجموعاتها المرتزقة في عفرين منذ احتلالها عام 2018.
تهجير سكان عفرين
احتلت الدولة التركية ومرتزقتها مقاطعة عفرين في 18/3/2018، بعد استخدامها الأسلحة والترسانة العسكرية جواً وبراً، وبتواطؤ إقليمي ودولي، وفق مصالهم السياسية والاقتصادية، لتطبيق مخطط اقتطاع الأراضي السورية، بعملية ما تُسمى “غصن الزيتون”.
ومنذ اليوم الأول للاحتلال التركي مورست جرائم وانتهاكات ضد سكانها الأصليين، ولم تتوقف إلى الآن، حيث مارس المحتل جرائم، وثقت بالصور والفيديوهات لسرقة المحال التجارية، والسيارات، ونهب، وسرقة المنازل علناً.
وفي ظل العدوان التركي على مقاطعة عفرين، هجر مئات الآلاف من أهلها من ديارهم قسراً، خوفاً من ارتكاب المجازر بحقهم، وحسب الإحصائيات، هُجر أكثر من 300 ألف من سكانها، فيما لازالت عمليات التهجير مستمرة حتى الآن، على من تبقى من السكان الأصليين، واستبدال السكان الأصليين بمستوطنين من (الغوطة، ودرعا، وإدلب …وغيرها) تطبيقاً لسياسية التغيير الديمغرافي، وحسب ما يتم تداوله؛ فإن نسبة السكان الكرد في عفرين تقلصت بشكل كبير، فبعد أن كانت تشكل الغالبية العظمى من سكان المقاطعة، أصبحت نسبتهم أقل من 20%، وهي تعد كبرى عمليات التغيير الديمغرافي، التي شهدتها سوريا منذ بداية الأزمة السورية في عام 2011، وفي مقابل عمليات التهجير القسري للسكان الأصليين تم توطين قرابة 400 ألف مستوطن.
 التغيير الديمغرافي هدف المحتل التركي
ويسعى المحتل التركي إلى تغيير هوية عفرين، ومعالمها وصبغها بالهوية التركية، عبر تغيير أسماء الشوارع، والميادين، والمرافق العامة، والمستشفيات، ورفع العلم التركي فوق المدارس، والمرافق العامة، وتغيير أسماء الساحات الرئيسية بمركز مدينة عفرين، مثل ساحة ( آزادي / الحرية ) إلى ساحة (أتاتورك)،  ودوار (نيروز) إلى (صلاح الدين)، و(الدوار الوطني ) إلى دوار (18 آذار)، ودوار( كاوا الحداد)، إلى دوار (غصن الزيتون)، وفي إطار تغيير أسماء القرى غير المحتل التركي ومرتزقته اسم قرية (قسطل مقداد) إلى (سلجوق أوباسي)، وقرية (كوتانا) إلى (ظافر أوباسي)، و(كرزيله) إلى (جعفر أوباسي)، ورافق تغيير أسماء الأماكن الاستراتيجية، والكردية إلى أسماء عثمانية، ووضع العلم التركي وصور أردوغان في كل مكان وعلى اللوحات الدالة في كل قرية وناحية، ومركز المدينة، فضلاً عن تعليم اللغة التركية في المدارس، ووضع العلم التركي على ألبسة التلاميذ.
إلى جانب ذلك كتب اسم مشفى (آفرين) باللغة التركية، بعدما كان مكتوباً باللغتين الكردية والعربية، ناهيك عن تغيير اللوحات التعريفية للمحال، والشوارع، وكتابتها بالتركية فقط، تزامناً مع ذلك عبث المحتل التركي بالأماكن المقدسة، ودمر المزارات الدينية للإيزيديين في القرى الإيزيدية، وضمن عملية التغيير الديمغرافي وتغيير هوية المناطق التي تحتلها تركيا، عمد المحتل التركي إلى إصدار هويات تعريفية تركية للمدنيين السوريين الذين وطنوا في عفرين، وفي المناطق التي تحتلها تركيا من الأراضي السورية.
وفيما يخص موضوع توطين أسر أعضاء حماس في مدينة عفرين المحتلة، فكانت وكالة أنباء هاوار قد نشرت تقريراً في الرابع من كانون الثاني استناداً إلى شهادة أحد عاملي جمعية شغف الممولة من الدولة التركية، وقد أشار إلى توطين 35 أسرة، تنتمي للعوائل التالية (الحسيني، والخوري، وتوغان، والنشاشيبي، والرضوان، وزوطاوي).
أما أسماء الجمعيات والمنظمات التي تدعم سياسة التغيير الديمغرافي فهي (جمعية أجنادين فلسطين ـ وجمعية شام الخيرية ـ ومؤسسة الرسالة الإخوانية ـ وجمعية العيش بكرامة – وفلسطين 48ـ وجمعية سخاء ـ ومنظمة يداً بيد، ومنظمة سوريا ياردم).
الانتهاكات التركية وجرائمها بحق الأهالي
مع كل عام يمضي، وعفرين تحت نير الاحتلال التركي ومرتزقته، يعملان بحق الأهالي جرائم وانتهاكات متعددة، لكن هناك لجان ومرجعيات توثق تلك الجرائم والاعتداءات؛ بغية تقديم هذه الملفات وثائق وأدلة دامغة لإدانة المتورطين في ملف تدمير المدينة وتغيير سكانها وتغيير النمط الاجتماعي والطبيعي فيها.
وخلال ستة أعوام من احتلال عفرين، تم توثيق لاستشهاد (706) مدنيين، والعشرات من حالات الانتحار؛ بسبب القهر والظلم، إلى جانب خطف أكثر من (9008) مدنيين، بينهم (1200 امرأة)، و (600 طفل)، حيث تعرضت المئات من النساء المختطفات لحالات اغتصاب، واعتداء جنسي”.
فيما تم قطع أكثر من (391900) شجرة مثمرة وحراجية، بهدف العمل على المتاجرة بالأخشاب وبيعها، بالإضافة إلى حرق 12 ألف هكتار من الأراضي الزراعية على يد مرتزقة تركيا، كما استولى جيش الاحتلال التركي ومرتزقته على ممتلكات أهالي عفرين المحتلة، وتقدر بسبعة آلاف محل تجاري وعشرة آلاف منزل. وفُرضت الضرائب والإتاوات من مرتزقة الشرطة العسكرية، والمجالس المحلية التابعة لجيش الاحتلال التركي على أصحاب كروم الزيتون، حيث راوحت نسبتها بين عشرة إلى خمسين بالمائة، وتصل أحياناً إلى 70% كضرائب على محصول الزيتون، وزيت الزيتون. كما يمكن التأكيد على أن المرتزقة تتعمد إلى التهديد والابتزاز للمطالبة بالإتاوات.
تدمير الإرث الثقافي والأثري للمنطقة
كما تم تدمير أغلب الأماكن، والمواقع الأثرية المدرجة على لائحة اليونيسكو، خلال الهجمات على عفرين، مثل “معبد عين دارا، والنبي هوري، وكهف الدودرية، وقبر مار مارون” وغيرها العديد من المواقع الأثرية.
وحسب ما أكدته مديرية آثار عفرين، فإنه يوجد في عفرين نحو (75) تلاً أثرياً، وأن جيش الاحتلال التركي ومرتزقته، حفرا معظم التلال بحثاً عن الآثار، واللقى الأثرية، لبيعها خارج الحدود السورية.
بالإضافة إلى تخريب وتدمير أكثر من (55) موقعاً أثرياً ومستودعاً، وأكثر من (15) مزاراً دينياً لمختلف المذاهب والأديان، وتجريف العديد من المقابر وتحويل إحداها إلى سوق للماشية، وتدمير العديد من الجوامع التاريخية، من بينها جامع كمروك، بحجة تصدعه بسبب الزلزال للتنقيب تحته عن الآثار.
أما ملف التغيير الديمغرافي، فقد بُنيت 18 مستوطنة على مدار ست سنوات السابقة، وخمسة مخيمات لنحو 648 ألف مستوطن من المرتزقة وأسرهم، لتغيير ديمغرافية المنطقة الكردية، فقبل احتلالها في 2018، كانت نسبة الكرد في مدينة عفرين تتجاوز 95%، إلا أنهم الآن يشكلون أقل من 20 % فقط من مجمل السكان، مع زيادة تضييق الخناق عليهم، عبر اتباع أساليب التخويف والترهيب.
سجون الاحتلال والمرتزقة مليئة بالمعتقلين
ويواصل الاحتلال التركي ومرتزقته عمليات الاعتقال التعسفي بحق سكان مقاطعة عفرين، على الرغم من امتلاء تلك السجون بالمعتقلين والمغيبين قسرياً، وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، قد أفاد بأن جيش الاحتلال التركي أنشأ سجناً جديداً داخل منطقة عفرين، حيث تم تحويل مبنى خاصاً في قرية ميدان أكبس التابعة لناحية راجو بريف عفرين، عند (الحدود السورية ـ التركية)، إلى سجن تابع للمخابرات التركية.
ووفقاً لتقارير تداولتها وسائل الإعلام، فإن تعداد المعتقلين الذين جرى نقلهم إلى السجن الجديد يقدر بنحو 100 إلى 150 معتقلاً، ممن اعتقلتهم تركيا ومرتزقتها، عقب سيطرتها على عفرين، كما أن جيش الاحتلال التركي يُشرف بشكلٍ مباشرٍ على السجن.
وبلغت السجون الموثقة في مناطق مقاطعة عفرين المحتلة 25 سجناً تشرف على إدارتها الاستخبارات التركية، ومجموعاتها المرتزقة، ترتكب بحق المعتقلين شتى أنواع التعذيب، في ظل عدم وجود قضاء عادل.
ويُعرف منها: سجن باسوطة، تديره مرتزقة الحمزات، وبإشراف من الاستخبارات التركية، عرف هذا السجن باسم القلعة نسبة إلى إحدى السجون في فترة العثمانيين أثناء احتلالهم مدينة دمشق.
 ـ سجن المحطة، وسمي بالمحطة نسبة لكونه محطة القطار أيضا تشرف عليه الاستخبارات التركية، ويقع بالقرب من راجو، وأغلب المختطفين فيه هم من أهالي (راجو، وماباتا وميدانو) وهو من السجون السيئة الصيت.
ـ سجن راجو أو ما يعرف بالسجن السلفي.
ـ سجن الاستخبارات التركية في راجو، ويعدُّ أيضا من السجون السرية، وتديره وتشرف عليه الاستخبارات التركية وحدها، ويعدُّ السجن مكاناً للتحقيق وترحيل المختطفين إلى تركيا.
 ـ سجن كوران، وهو سجن صغير عبارة عن أحد المنازل الواقعة على أطراف القرية، تديره مرتزقة فيلق الشام، أغلب المختطفين فيه من أهالي قرية كوران وكفر صفرة وناحية جندريسه.
ـ سجن المواصلات (أمنيات الجبهة الشامية)، أيضا يعدُّ من أسوأ السجون في مدينة عفرين، وتديره مرتزقة الجبهة الشامية.
ـ سجن مدرسة الكرامة، والتي من أقدم المدارس في مدينة عفرين المحتلة، تمارس فيه شتى أنواع التعذيب وتديره مرتزقة فيلق الشام والاستخبارات التركية، وفيه جناح للنساء.
ـ سجن المحكمة، ويقع بالقرب من مشفى آفرين الجراحي قديماً، وهو عبارة عن أحد الأقبية، التي تقع ضمن المحكمة القديمة، وهو سجن خاص بالنساء.
ـ سجن حاجز ترنده، تديره وتشرف عليه الاستخبارات التركية، وهو من أخطر السجون التركية تمارس فيه أنواع التعذيب الجسدي والنفسي.
ـ سجن مدرسة أزهار عفرين الخاصة، تديره وتشرف عليه الاستخبارات التركية بشكل مباشر.
ـ سجن مدرسة أمير غباري، يقع وسط عفرين تديره وتشرف عليه الاستخبارات التركية.
ـ سجن مدرسة قرية خربة شران.
ـ سجن مدرسة الاتحاد العربي في عفرين، أصبح مقراً عسكرياً، ويوجد فيه جناح خاص للسجناء تشرف عليه مرتزقة الجبهة الشامية.
ـ سجن شارع الفيلات في عفرين، وهو عبارة عن أحد المنازل المهجورة حولته مرتزقة أحرار الشرقية لسجن.
ـ سجن الأشرفية، عبارة عن أحد المنازل، التي استولت عليه مجموعات تابعه لمرتزقة عدل بقيادة المدعو أبو إدريس وتم تحويله إلى سجن سري.
ـ سجن عفرين أو كما يعرف باسم سجن معراته، يتألف من قسمين مدني، وعسكري.
ـ سجن الشرطة العسكرية.
ـ سجن مرتزقة أحرار الشام، وهو من السجون السرية.
-السجن الأسود” ويضم هذا السجن حوالي 800 سجين أكثرهم متهمون بالتعامل مع الإدارة السابقة.
ـ سجن الشرطة العسكرية في مقر الثانوية التجارية بعفرين.
 ـ سجن كفر جنه.
ـ سجن ميدان إكبس، تديره مرتزقة فيلق الشام.
ـ سجن الحمزات، في مدينة عفرين وهو سجن سري تابع لمرتزقة الحمزات، حيث تم اقتحامه مؤخراً من الأهالي، وتبين وجود العشرات من المعتقلات والمختطفات منذ عامين دون عرضهم على القضاء بينهم 11 امرأة.
ـ سجن العمشات، موجود في منطقة الشيخ حديد بعفرين، تم تحويل مدرسة القرية لسجن، ووثق مقتل مدنيين داخله، واسم السجن نسبة لاسم قائد فيصل سليمان شاه الذي يسيطر على الناحية واسمه محمد الجاسم (أبو عمشة).
ومما يجب التنويه، أن ما يتم توثيقه من جرائم وانتهاكات لا يتخطى نسبة ٣٠ بالمائة من الجرائم المرتكبة بحق السكان الأصليين، في ظل التكتم الإعلامي وملاحقة الناشطين الناطقين بالحقيقة، ما يزيد من أعباء الجهات الحقوقية والإنسانية المعنية بتوثيق الانتهاكات في ظل نقص المعلومات للجرائم المرتكبة، إلا أن النسبة المذكورة، والأرقام الموثقة تشير إلى أعداد مهولة من الانتهاكات يتعرض لها من تبقى في عفرين على يد المحتل التركي ومرتزقته.