سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

انقطاع شريان الحياة عن مُهجّري عفرين والشهباء

إلهام محمد_

 قبل ستة أعوام بدأت رحلة آلام ومعاناة أهالي عفرين، أي منذ بدء الهجوم الشرس على مدينة عفرين، ومن ثم احتلالها على يد الحكومة التركية أمام مرأى العالم وَسْطَ صمت دولي رهيب، وتشرّد أهالي عفرين في بقاع الأرض، ومنهم من بقي في الداخل يواجهون مصيرهم من الخوف والذل والإبادة، ولكن أغلب سكان هذه المدينة “مدينة السلام والزيتون” هجروا قسراً إلى مناطق الشهباء بعد مقاومتهم ما يقارب الشهرين، والتي سُمِّيت “مقاومة العصر” أثناء الغزو التركي، ودخلت المقاومة مرحلتها الثانية.
رحلة التهجير هذه تخطت كل موازين الإنسانية، أهالي عفرين المُهجرين قسراً وأهالي الشهباء يعانون الويلات من الحصار الجائر، فمنطقة الشهباء التي تبلغ مساحتها بضعة كيلو مترات؛ هذه الجغرافيا الصغيرة، تُمارس عليها عدة سياسات وضغوطات وحصار من قبل الاحتلال التركي ومرتزقته من جهة والنظام السوري والروسي من جهة ثانية والنظام الإيراني واستغلال التجار من جهة أخرى.
أي بقي الأهالي بين مطرقة الحصار وسياسات الأنظمة الدولية وسندان صراع القوى الكبرى.
فحكومة دمشق تتَّبع سياسة الحصار لتحقيق مآربها السياسية؛ حيث يتم قطع الطرق من قبل الفرقة الرابعة بين الحين والآخر، هذا الطريق الوحيد الذي يمد المواطنين بالمستلزمات المعيشية كالمحروقات والطحين والمواد اللوجستية الأخرى ….
ولممارسة أبشع الضغوط على الأهالي لتحقيق سياسات حكومة دمشق ـ خاصةً مع قدوم فصل الشتاء القارص ــ تم قطع مادة المازوت سواءً للتدفئة أو الإنارة وباتت منطقة الشهباء ومخيمات التهجير والبيوت شبه المدمّرة تعاني الظلام الدامس نتيجة انقطاع الأمبيرات، وقلة توزيع المياه وانقطاع متكرر لشبكة الاتصالات والإنترنت وتوقفت أغلب السيارات عن العمل، وقد تم تعطيل المدارس، وحتى المخزون الاحتياطي للمشافي والأفران وتوزيع المياه بات مهدداً بالانقطاع والخروج عن الخدمة. أي سياسة فصل منطقة الشهباء عن العالم الخارجي وانقطاع شريان الحياة عن أهاليها أمام أنظار العالم للتحكم بها كما يحلوا لها.
فأهالي عفرين المقاومون في مناطق الشهباء بات همهم الأول حماية أهاليهم من القصف العشوائي اليومي وتأمين قوت يومهم ومتطلبات عوائلهم وسط الحصار وجشع التجار.
وكذلك هو حال حيي الشيخ مقصود والأشرفية المحاصران، حيث يعانيان الحصار من جميع الجوانب حالهما كحال مناطق الشهباء، إذ يوجد حاجزان يربطهما بأحياء المدينة، هذه الحواجز باتت شبحاً بالنسبة لمواطني الحيين لما يعانون من ضغوطات من قبل عناصر هذه الحواجز، حيث يُمنع دخول أي شيء لحيي الشيخ المقصود والأشرفية. يُمنع حمل مبالغ من الأموال إلا مبالغ ضئيلة جداً رغم ما آلت إليه الليرة السوريّة والغلاء الفاحش. فكل أهالي مناطق الشهباء وحيي حلب يعيشون داخل سجن مفتوح وسط صمت عالمي سواء منظمات حقوق الإنسان أو منظمات عالمية أخرى.
أيُعقل إننا نعيش وسط ظلام دامس حالك كالعصر الحجري في القرن الواحد والعشرين حيث عالم التطور والتكنولوجيا؟
وهدفهم إضعاف المقاومة وكسر إرادة الشعب لإفراغ المنطقة وإفشال الإدارة الذاتية وتحريض المواطنين ضد الإدارة، ولكن رغم ذلك، فالشعب يقاوم البرد في المخيمات والبيوت الشبه مُدمّرة سواء في حلب أو الشهباء، ويقف بجانب أبنائهم وبناتهم الشجعان ويقوم بواجب شهدائه. هذا الشعب الذي لطالما ارتوى من فكر وفلسفة القائد الأممي عبد لله أوجلان ومرتبط بخط الشهداء، هذا الشعب الذي ذاق طعم الحرية في عفرين الحبيبة لن يستسلم ويرضخ للظلام الدامس والبرد القارس. المقاومة هي الطريق الوحيد لتحقيق الهدف.