No Result
View All Result
المشاهدات 1
قامشلو/ دعاء يوسف –
رغم الأدوات الحديثة، لا يزال “خاجيك خجادوريان” الأرمني الذي ناهز السبعين عاماً، يستخدم أدواته القديمة في الحلاقة منذ أن تعلم المهنة على يد أول حلاق في قامشلو، وبقي محافظًا على مهنته 58 عاماً، حتى غدا أقدم حلاق في المدينة.
روت تجاعيد وجهه رحلة عمل دامت سنوات، حيث يرتبط الحلاق خجادوريان بالوسط الاجتماعي ارتباطاً مباشراً، مهني مدرَّب قادر على تنفيذ وظيفته اليومية بدربة ودراية، فيشكّل وجوده الدائم مناسبة لتزيين الرؤوس وقص الشعر الطويل منها، وتصفيفه بما يناسب أعمار الآخرين وأذواقهم وطلباتهم المتغيرة تبعاً لتغير ظروف الحياة، والموديلات الوافدة على الأغلب كموضات شبابية لابد من أن تمر على رؤوس مختلف الأجيال، والحلاق خاجيك خجادوريان من مواليد قامشلو عام 1954م.
وما يُجذبك إلى دكانه القديم تلك الحكايات التي يحكيها على زواره من الكبار والصغار، فتتراقص الكلمات مع حركة مقصه، لتأخذك للزمن القديم، فتلك العقود من الزمن قد مرت عليه بالكثير من القصص الممتعة التي يرويها، وفي أحد زوايا الدكان يوجد مذياع قديم قد توقف صوته إلا أنه مازال محتفظاً به، ويستخدم خجادوريان العدة التقليدية، التي كان يحلق فيها منذ زمن، فدكانه عباره عن متحف صغير يحمل العديد من أدوات الحلاقة القديمة، التي لا تجدها في المحلات الأخرى.
رحلة عمل… وحب الحلاقة
خجادوريان اضطر في طفولته إلى العمل في إحدى محال الحلاقة لتعلّم المهنة نظرًا للظروف الاقتصادية السيئة، وخلال عمل مقصه بين خصلات زبونه، وهو منهمك على رأس الزبون، حدثنا عما يميزه عن الحلاقين القدامى: “ما يميز الحلاق عن غيره من ذوي المهن الحرة، متعة الحديث إليه، وأنني قديم كقدم قامشلو، ففي الماضي كانت وسائلنا بدائية وكانت الحياة من حولنا أكثر بساطة، وهذه الروايات، التي أرويها تجلب الزبائن ممن عشقوا رائحة القدم في دكاني الصغير”.
ترك خجدوريان الدراسة منذ أول سنة دراسية، وتوجه للعمل في الحلاقة لدى العديد من الحلاقين على مدار 40 سنة، بعد أن مارس العديد من الحرف والمهن حتى وجد مهنة الحلاقة التي برع فيها، وأتقنها ولا يزال يمارسها، ويؤمّن بها لقمة عيش أسرته.
فيما بعد، افتتح خجدوريان دكاناً مستقلاً بعد أن باع المحل، الذي كان يعمل به على مدار 30 سنة، ومنذ 18 عامًا، وهو يعمل في محله الخاص الكائن في حي الوسطى في مدينة قامشلو.
فيما ترى أن معظم زواره من كبار السن، الذين لم يتوقفوا عن زيارة محله منذ افتتاحه، وذلك لأن فئة الشباب تفضل القصات، التي تواكب الموضة، وخجدرويان يتبع الأسلوب القديم في الحلاقة، قصة واحدة لجميع الأعمار.
وأكثر ما يميز محله هو الأسعار، التي يترك للزبون حرية تحديدها، فهو لا يحدد سعر القص والحلاقة، وعلق على الأمر: “إن في المجتمع طبقات فقيرة غير قادرة على دفع تكاليف باهظة في الحلاقة، ومنهم دون دخل حتى، ودكاني مفتوح لهذه الفئة دائماً”.
من لم يأتِ إليه لأشهر في منزله: “إنني أزور منازلهم، لأحلق لهم ولأولادهم، فأشعر بالسعادة عندما أرى الأطفال تفرح بالقصات التقليدية،
التي أصنعها”.
دكانه قصة ماضٍ سلف
فيما يجد خجدوريان إن دكانه قطعة من الماضي الذي أبى أن يطويها، ويطمح لتعليم الأطفال هذه المهنة بعد أن تجاوز السبعين؛ كي لا يغلق دكان الحكواتي والحلاقة: “لقد سمعت القصص وتداولتها في هذا الدكان عن قامشلو وقدمها وعن توالي الأجيال جيلاً وراء جيل، ولن أغلق محلي حتى لو تجاوزت المائة عام، ففيه أشعر بالراحة والسعادة، وسأورثه لغيري”.
No Result
View All Result