No Result
View All Result
المشاهدات 0
الحسكة/ محمد حمود
تحتفل فضائية “روناهي” في الحادي والعشرين من شهر تشرين الثاني الجاري بمرور أحد عشر عاما على انطلاقتها، وفي هذا الإطار أجرت صحيفتنا حوارا مع الإعلامي بُنياد جزيري؛ إداري الفضائية وأحد مؤسسيها، حول التجربة الإعلامية للفضائية على مدار ١1 عاما، والخطط المستقبلية لتطوير عملها.
ـ عانت مناطق شمال وشرق سوريا تهميشاً إعلامياً كبيراً؛ فهل استطاعت فضائية “روناهي” بعد 12 عاما تجاوز هذا التهميش؟
المنطقة لم تكن مهمشة إعلاميا فقط؛ بل وتم تهميشها من النواحي الاقتصادية والعمرانية والثقافية؛ لأن الأنظمة المتعاقبة على حكم سوريا كانت تنظر إلى المنطقة من بعدها الحدودي الأمني فقط؛ كما أنها تضم مكونات عديدة، رغم غناها بالثروات الباطنية والسطحية من زراعة وغيرها.
فعلى المستوى العالمي؛ فإن خوض تجربة إعلامية كان ولا يزال يحتاج إلى الانتساب لجامعات والخضوع لتدريبات عملية مكثفة؛ وفي سوريا كان هناك احتكار من قبل السلطة للإعلام، بل وسعي إلى إبعاد أبناء المنطقة عن هذه المؤسسات إلى حد بعيد وفق سياسة ممنهجة.
المنطقة كانت بعيدا عن تسليط الإعلام للضوء على معاناة أهلها، ناهيك عن وجود وسائل إعلامية مخصصة لها، أستذكر هنا انتفاضة 12 آذار عام 2004 وما جرى من تكتيم إعلامي شديد في المنطقة، وقطع لأشكال الاتصالات كافة.

أما فيما يتعلق بروناهي فإلى جانب ثورة المرأة وثورة الشباب وثورة اللغة، استطاعت هذه الفضائية أن تطلق ثورة في الإعلام؛ فقد كانت الفضائية الأولى في المنطقة، واستطاعت إيصال صوت الحقيقة، وكسر القوالب التي فرضتها السلطات والنظرة تجاه أبناء شمال وشرق سوريا.
كما استطاعت روناهي التقرب من شرائح المجتمع كافة عبر تبني خطابهم، ونقل همومهم ومعاناتهم، وذلك لأن وجودها كان مطلبا جماهيريا شعبيا قبل كل شيء. فإلى جانب العمل الإعلامي الحثيث؛ كانت روناهي صوت الشاب والفتاة، الرجل والمرأة، الكبير والصغير، كما كان لها دور محوري في تقارب شعوب المنطقة من بعضها؛ الأمر الذي أدى إلى احترام متبادل للثقافات ساد المنطقة ولا يزال.
ـ الحديث عن البدايات أمر لافت.. حدثنا عن بدايات هذا المشروع، وما الدافع الذي أوصلكم إلى 12 عاما من البث المتواصل رغم غياب التجارب السابقة.
البدايات ارتبطت بالثورة؛ فكما يعلم الجميع ثارت شعوب منطقة الشرق الأوسط على الإقصاء، والاستبداد، والفساد، ومن ضمنها أبناء شمال وشرق سوريا، وكان هناك حاجة ملحة لأدوات إعلامية تغطي هذه الثورات، وتظهر رواية مغايرة، لتلك التي تروجها السلطات، وسط احتكار للوسائل الإعلامية من هذه السلطات.
من هذا المنطلق كان هناك، كما قلت، مطلب شعبي جماهيري لمثل هذا المشروع، إلا أن الإمكانات كانت محدودة؛ خاصة في المجال التقني وتهيئة الكادر الإعلامي. الحقيقة لم نكن مهيئين لا سيما أن الإعلام يتطلب دراسة مفصلة في المعاهد والجامعات، والخضوع لدورات خاصة في الأكاديميات، والمحطات الفضائية.
بيد أن الأمر المساعد؛ أننا انطلقنا من الخارج نتيجة الظروف الموجودة في سوريا، والتي كانت تمنع وجود فضائية أو حتى صحيفة؛ فالانطلاق من بلجيكا؛ وعلى إثر وجود كوادر إعلامية مدربة في فضائية “روج” التي حققت نجاحا باهرا في عموم الشرق الأوسط، وكردستان على وجه الخصوص؛ الأمر الذي حدا بالفاشية التركية لمحاولات حثيثة لإغلاقها؛ لأنها تمثل صوت الشعب.
بالتالي؛ الانطلاقة الأولى لفضائية “روناهي” استندت إلى تراكم تجارب في العديد من المشروعات الإعلامية، التي نادت بصوت الشعب، وقامت دولة الاحتلال التركي عبر علاقات المصالح، التي تربطها ببعض البلدان بإغلاقها؛ للتغطية على الحقيقة، وتكميم أفواه الأحرار من الإعلاميين.
وهنا أريد لفت الانتباه إلى أمر مهم؛ وهو أن مشروعا مثل “روناهي” يسعى إلى خدمة الشعب، وتوعيته وتدريبه وتطويره، يختلف كليا عن أي مشروع ذي أهداف ترويجية أو دعائية؛ وهذا ما أضاف عبئا أكبر على كاهل الإعلاميين المؤسسين.
ـ بعد 11 عاما.. كيف يصف بنياد جزيري تجربة فضائية “روناهي” الإعلامية، وما وصلت إليه اليوم؟
الحديث عن التجربة يجرني للترحم هنا على أرواح زملائنا الذين استشهدوا في سبيل اكتمال هذه التجربة؛ فقاموا بتغطية الأحداث والوقائع وقدموا أرواحهم في سبيل هذا الهدف، كما أنتهز الفرصة لتهنئة زملائنا وشعبنا بمناسبة الذكرى السنوية لتأسيس فضائية “روناهي”.
بدأنا بثلاث ساعات؛ نصفها باللغة الكردية، ونصفها الآخر باللغة العربية. كنا نفتقر إلى الكوادر البشرية بشدة. سعينا للوصول إلى الخبر ونقل الحقيقة بوسائل اتصالات لم تكن متطورة كما هي اليوم. واجهتنا الكثير من الصعوبات، التي تغلبنا عليها بعزمنا وإصرارنا.
حينها لم يكن لدينا أستوديوهات متطورة كما اليوم، ولم نستطع أن نبث بشكل مباشر، إلا أن عدد المتابعين كان على الدوام كبيرا؛ لأن الفكرة حملت هموم الجميع وجسدت معاناتهم، وأحس أبناء شمال وشرق سوريا أن هذه الفضائية تخصهم، وهي ملكهم، ومن هنا كان النجاح الأكبر.
أقول هذا لأؤكد، أن التجربة لم تكن هينة أو سهلة، وأننا لم نكن لنصل إلى ما وصلنا إليه اليوم لولا ذلك التعب الذي مررنا به، وتلك الصعوبات، التي واجهتنا. فما أتعبنا أمس وأرقنا هو ما صنعنا اليوم. هو ما صنع فضائية “روناهي”.
ـ هذا ينقلنا للحديث عن الطموح والخطط المستقبلية.. قد يسأل سائل؛ ثم ماذا؟
العمل في مشاريع ذات أبعاد كبيرة مثل هذا المشروع ليس له حدود، لأن من يقول سأكتفي بالإنجاز الفلاني لن يتطور أو يستطيع خدمة شعبه، لذا فإن ارتباط عملنا بالشعب يجعله دائم التطور؛ لأن “روناهي” اليوم غدت صوت شعوب شمال وشرق سوريا، ويجب أن تستمر بإيصال صوتها للعالم بأشكال الخطاب الممكنة.
نحن نجير إمكاناتنا في الفضائية من كوادر بشرية، وتقنيات، وآراء وحوارات، لأجل تحقيق هذا الهدف، وديمومة الهدف تخلق ديمومة لعملنا؛ برتم متطور يواكب آخر التقنيات الإعلامية في العالم، وأساليب الخطاب الإعلامي، التي نستطيع من خلالها إيصال صوتنا للعالم، والدفاع عن قضايانا المحقة.
نحن اليوم نرى، أن الدولة التركية تعمل جاهدة من أجل تدمير مكتسبات شعوب شمال وشرق سوريا، فهي تحاول تغيير ديمغرافية المنطقة، وتهجير الشبان والترويج للمخدرات، ومن واجبنا محاربة هذه الممارسات، والوقوف بوجهها؛ لذا نحتاج لإعلام قوي يسلط الضوء على هذه الممارسات، ويحذر منها؛ وهنا يأتي دور فضائية “روناهي”.
دولة الاحتلال التركي حاولت خلال الفترة الماضية إغلاق “روناهي”، وذلك عبر ممارسة ضغوط على الدول الأوروبية، لأن الرخصة الإعلامية صادرة من هناك؛ إلا أن المحاكم في الاتحاد الأوروبي، أثبتت أن “روناهي” تعمل وفق المعايير الأوروبية، ولم تقم بأي خرق لها.
أما عن الخطط المستقبلية؛ فتتمثل بتطوير العمل وتوسيعه؛ إضافة إلى توسعة شبكة التغطية. ونحن اليوم نعمل وفق خطي اللغتين الكردية والعربية حيث تم تقسيم البث وفق هذين الخطين، ولدينا طموح، إن سمحت الإمكانات، أن نفصل الخطين إلى فضائيتين مستقلتين، إحداهما ناطقة باللغة الكردية، والأخرى باللغة العربية.
اليوم نحن مقبلون إلى مرحلة البث الجديد، التي ستنطلق في ذكرى تأسيس الفضائية؛ في الـ 21 من تشرين الثاني، ونسعى خلال البث الجديد إلى توسيع الرؤى من خلال العديد من البرامج الحوارية، والنشرات الإخبارية، التي تلامس هموم أبناء المنطقة، ونسعى دائما لتقديم الأفضل لأبناء شعبنا؛ وذلك من خلال التركيز على التعايش المشترك وفق مشروع الإدارة الذاتية، كما أننا نخصص جزءا كبيرا من بثنا لتسليط الضوء على شؤون المرأة والفئة الشابة
ـ بعد كل هذا الشرح الوافي نحتاج إلى كلمة أخيرة.. ماذا تقولون لمتابعي فضائية “روناهي” بمناسبة ذكرى الانطلاقة؟
أستذكر هنا انطلاقتنا بإمكانات محدودة وعدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، واليوم أصبحنا أسرة كبيرة مؤلفة من مئات الإعلاميين والتقنيين، وما كان هذا ليحصل لولا تضحيات عديدة بذلت؛ تضحيات شهدائنا. تضحيات شعبنا. إضافة لوقوف هذا الشعب إلى جانبنا في مراحل النضال الإعلامي التي خضناها كافة.
من هنا نعد شعبنا بأن نكون لائقين بالتضحيات، التي قدمها شهداؤنا، وسنستمر بتقديم الخدمة لأبناء المنطقة عبر نقل همومهم وإيصال صوتهم للعالم، وستبقى فضائية “روناهي” صوت الحق، والحرية على الدوام.
No Result
View All Result