روناهي/ الطبقة –
أحبت الرسم منذ طفولتها، ولاقت التشجيع من ذويها وأقاربها، وبالأخص والدتها، فخاضت مسيرة فنية في مجال الرسم، وتجاوزت العوائق حتى في ظل سيطرة داعش على المنطقة، ولم تكتفِ بالرسم على الورق أو القماش، حيث كان لريشتها إبداع في تكوين لوحات جدارية تزين الجدران، ولوحات حجرية، وتصنيع وتزيين الأدوات المنزلية، فحولت القطع الجامدة لوحات تحاكي المشاعر والأحاسيس بريشة مرح حطاب.
الشابة مرح من سكان منطقة الطبقة، في العقد الثالث من عمرها، هوت الرسم مذ كانت طفلة في الروضة، حيث رسمت وقتذاك لوحة تحاكي الطبيعة، وقد نالت هذه اللوحة إعجاب الجميع وبالأخص والدتها، التي شجعتها فور رؤيتها وكذلك أخواتها، وقد عرض القائمون على الروضة لوحتها على فنان ذاع صيته هناك، وهو بدوره أكد على أن صاحبة هذه الرسمة تمتلك موهبة في مجال الرسم، كل ذلك ساهم في دعم الطفلة مرح في ذلك الوقت، وتابعت دراستها حتى المرحلة الثانوية، التي نمت موهبة الرسم لديها.
محاربة الإرهاب الفن والحياة
مرح كغيرها من سكان سوريا، تأثرت بالأزمة السورية المستمرة حتى يومنا هذا، وبمرور 12 سنة، ولكن على الرغم من الصعوبات والعوائق، التي واجهتها إلا أنها تابعت مسيرتها الفنية، وانتقلت إلى دير الزور لإكمال دراستها، ورغبة منها في الاستمرار برحلتها الفنية، التي طالما حلمت بتنميتها، ولم تكن ظروف دير الزور مختلفة عن بقية المناطق السورية، إلا إن دعم وتشجيع والدتها لها، كان الداعم الأساسي لها دوماً حتى إنهاء دراستها.
قاست مرح كغيرها من العوائل السورية آلام وويلات مرتزقة داعش الإرهابية أثناء سيطرتها على المنطقة، خاصة إنها امرأة، والحرفة التي تمارسها مرفوضة عند أولئك المرتزقة، ففكر التطرف التي يتمسك به داعش، يمنع النساء من التعليم، ومن ممارسة أية مهنة أو موهبة، فمكانها من وجهة نظرهم، هو المنزل، ولا وجود لقيمتها بعيدا عن الجدران والغرف المغلقة.
لم تستلم مرح لتلك القيود، بل اختارت نهج النضال نحو تحقيق هدفها، فاستمرت بممارسة الرسم في منزلها، واستخدمت أدوات بسيطة، بديلاً عن المواد اللازمة، التي كان يصعب تأمينها في ذلك الوقت.
الانطلاقة الفنية بعد تحرير الرقة
بعد تحرير المنطقة من مرتزقة داعش، بدأت مرح بانطلاقة جديدة، فوجدت في الإدارة المدينة بالطبقة، التي نادت بحرية المرأة وأخوة الشعوب ضمن فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان، ملاذاً لها، فأصبحت معلمة للرسم في المدارس عام 2017، وبأدوات بسيطة، كالطبشور رسمت على الجدران ليتعلم الطلاب كيفية الرسم، وبعد مسيرة هناك، انتقلت بعملها الفني إلى مركز الثقافة والفن في الطبقة، في عام 2019، حيث استقبلها المركز استقبالاً رائعاً.
وفي المركز رسمت لوحات بالفن التشكيلي، وكانت للطبيعة حصة من الرسم، حيث كانت تجربتها الأولى بالرسم عن طريق الألوان الزيتية، والأكريليك، والأولان الحجرية والباستيل.
تنمية الموهبة بطرق جديدة
لم تتوقف مرح بفنها ضمن هذا المستوى، فانتقلت بفنها إلى مرحلة جديدة، فمن الرسم على القماش، والورق إلى الرسم على الحجر، حيث تنبأت بهذه الفكرة من خلال رحلتها على ضفاف نهر الفرات، فوجدت أحجاراً جميلة، فلفت انتباهها، وقررت جعل تلك الأحجار الصماء لوحات فنية جميلة، وكأن الأحجار تتكلم، وعرضت تجربتها هذه على العديد من الأشخاص وأولهم، مصدر إرادتها القوية، والدتها التي شجعتها على فن الرسم منذ البداية.
وبعد الرسم على الحجارة، والإعجاب الذي لاقته ممن رأى تلك اللوحات، طلبوا منها رسم لوحات خاصة، مقابل أجر مادي بسيط على أشياء مختلفة كالأواني المنزلية، وقد قبلت بهذا الشيء لتغطية مستلزماتها الخاصة بالرسم، فأصبحت هذه الموهبة مصدر رزق لها.
وعبرت الفنانة التشكيلية عن محبتها للرسم وكيف أصبح فسحة للتخلص من الطاقة السلبية: “كلما أغضب أو أكتئب ألجأ إلى الرسم، فإنه ينزع مني الطاقة السلبية، ويمدني بالطاقة الإيجابية، وتنتابني أفكار جديدة ومفيدة”.