صناعة الطوب الطيني في مناطق جنوب الحسكة… تقليد متجدد للبناء الأصيل

الشدادي/ حسام الدخيل ـ

على الرغم من التحديات، التي تواجه صناعة الطوب الطيني في ظل التطور العمراني الحديث، إلا أن الأهالي في جنوب الحسكة لازالوا متمسكين بها كهوية ثقافية، ومعمارية إلى جانب الاستفادة منها كمصدر دخل.

تتميز مناطق جنوب الحسكة في سوريا بتاريخها العريق في صناعة الطوب الطيني، وهي صناعة تعود إلى آلاف السنين. وعلى مر العصور، استخدمت هذه المناطق الطين لإنتاج الطوب، واستفادت من فوائده العديدة كمادة بناء قوية ومتينة. ويعدُّ الطوب الطيني جزءًا أساسيًا من الهوية الثقافية، والمعمارية لهذه المنطقة.

تعد صناعة الطوب الطيني مصدر رزق للعديد من سكان جنوب الحسكة، حيث تشكل مصدر دخل رئيسي للعديد من العائلات في المنطقة. وتعتمد عملية صناعة الطوب الطيني على عمل يدوي متقن، يتطلب خبرة ومهارة. تبدأ العملية بجمع التربة من المناطق المحلية، ثم يتم خلطه بالماء والقش (التبن)، للحصول على خليط لين، وقابل للتشكيل.

يتم بعد ذلك صب الطين في قوالب خشبية متخصصة، ويتم ترك الطوب ليجف تحت أشعة الشمس لفترة من الزمن. تلعب طبيعة التربة المحلية دورًا هامًا في جودة الطوب المنتج. فالتربة التي تحتوي على نسبة مناسبة من المواد العضوية، والرمال تعطي الطوب قوة ومتانة أكبر.

وأشار عبد الله المحمد العامل في صناعة الطوب الطيني إلى أن صناعة الطوب الطيني في جنوب الحسكة، تعدُّ مستدامة بشكل كبير، فهي تعتمد على مصادر متجددة ومتوفرة محليًا؛ ما يحد من التأثير البيئي المحتمل. بالإضافة إلى ذلك، فإن صناعة الطوب الطيني تساهم في الحفاظ على التراث الثقافي والمعماري للمنطقة، حيث يتم استخدام الطوب الطيني في بناء المساكن.

وأضاف مع استمرار التطور وظهور مواد البناء الحديثة، تواجه صناعة الطوب الطيني في جنوب الحسكة تحديات جديدة، حيث لجأ الكثير من الأهالي إلى الطريقة المعمارية الحديثة، ما تسبب بقلة الطلب على الطوب الطيني خلال السنوات الماضية. ونوه العبد الله إلى أن الصناعة عادت من جديد إلى الواجهة بعد الأزمة الاقتصادية الأخيرة، التي ضربت البلاد، حيث يوفر بناء منزل طيني نسبة تصل إلى 75% من البناء الإسمنتي الحديث.

علاوة على ذلك، فقد ثبت أن الطوب الطيني يتمتع بخصائص حرارية ممتازة، وقدرة على تنظيم درجة الحرارة في الداخل؛ ما يؤدي إلى تقليل استهلاك الطاقة وتحسين كفاءة العزل الحراري. يمكن استخدام الطوب الطيني أيضًا في تصميم الحدائق والمساحات الخارجية لإضفاء جو طبيعي وجمالي على المناطق الحضرية.

وأشار إلى ثمن صناعة الطوبة الواحدة من الحرفيين هو 375 ليرة سورية، ويضاف إليها ثمن التربة والتبن، حيث تصل تكلفة الطوبة الواحدة إلى قرابة الـ1000 ليرة سورية، وتبلغ تكلفة بناء منزل كامل مساحة 100 متر قرابة الـ 1000$ دولار أمريكي، بينما تتجاوز تكلفة بناء بيت إسمنتي حديث أضعاف مضاعفة للسعر، وهذا ما يفسر لجوء الأهالي إلى هذا الإرث الثقافي.