سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الاصطفافات الجديدة في العالم بعد قمة فيلنيوس…

محمد بيرم

قمة فيلنيوس لزعماء دول حلف الناتو، والتي انعقدت بتاريخ ١٢ تموز لعام ٢٠٢٣  جاءت لتصحيح المسار الأمريكي  الأوروبي  بعد مرور عشرات الأعوام على إنشاء هذا التحالف لمحاربة الاتحاد السوفييتي، أرادت البعض من الدول المنضوية تحت العباءة الأمريكية الخروج  منها والبحث بشكلٍ مُغاير تماماً عن مصالحها بعيداً عن الدولة الأمريكية، إن كانت الدول الأوربية أو الشرق أوسطية وحتى دول الخليج العربي، ومن هذا المنطلق كان لا بد لقائد هذا التحالف  في إعادة تكوين حلفاءه من جديد، وأن تكون هذه التكوينة متماشية مع مصالح الجميع، وإعادة تسمية الأعداء في الطرف المقابل.

وجاءت هذه الخروقات من بعض الدول بعد الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط، لما تحمله من ثروات باطنية هائلة وموقع جيو سياسي. كما كان الربيع العربي أحد أسباب هذه الخروقات لصفوف دول حلف الناتو، واستغلال تلك الفرصة من قبل دول إقليمية. وبعد الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كانت هناك تدخّلات للدول الإقليمية في الثورات العربية واستغلت هذه الثورات لمصالحها الخاصة في إعادة أمجاد أسلافهم، كالدولة التركية والإيرانية، وفي الجانب الأخر الدول الأوربية هي أيضاً أرادت أن تتواجد وبقوة في هذه الثورات وذلك لإعادة تصحيح مسار التقسيمات بعد مرور مئة عام على اتفاقيات سايكس بيكو ولوزان، والاتفاقيات التي بموجبها تم تقسيم المنطقة إلى دويلات، وفي الجهة المقابلة تم إمحاء وإنكار شعوب وأقوام نتيجة هذه الاتفاقيات.

في الآونة الأخيرة الجميع أراد أن يستغل هذه الثورات، ولكن كان لأبناء المنطقة الكلمة الفصل في مشروع يضمن لهم حقوقهم وصون كرامتهم، وحماية أرضهم وعرضهم، وذلك من خلال مشروع الأمة الديمقراطية، الدول الإقليمية ما تزال تريد إفراغ هذا المشروع من مضمونه، ولكن جميع محاولاتهم باءت بالفشل، الدول الإقليمية أرادت العمل على استغلال هذه الثورات في فرض تواجدها كقوة عالميّة وليست إقليمية.

لأن هذه الدول / تركيا / تريد اللعب على استغلال الموقع الجيو سياسي لها بين حلف الناتو والتحالف غير المعلن بين كل من روسيا الصين إيران كوريا الشمالية، بينما إيران أرادت اللعب على الوتر الديني في تشييع المنطقة، ولم يدركوا بأن أمريكا ستكون لها كلمة الفصل في هذه المواضيع.

لذلك نقول بعد اثني عشر عاماً على الأزمة السورية، وابتعاد التركي عن المحور الأمريكي /ولو نظرياً/ كان لابد لأمريكا أن تعقد اجتماعاً مهماً للتعريف بأهمية سايكس بيكو، لتحديد مسارات الدول التي تريد الخروج من تحت قبة الناتو، وفرضها على الدولة التركية اتخاذ خطوات ملموسة في هذا الصدد، وذلك بقبول انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو والشيء المُلفت هو مكان انعقاد الاجتماع على حدود روسيا الاتحادية في دولة لتوانيا، وعاصمتها فيلنيوس لما تحمله من دلالات كثيرة جداً.