سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

معالم حوران الأثرية عراقة تطل على بؤس الحاضر

تعد منطقة حوران وتعني في الآرامية “بلد الكهوف” من أغنى المناطق السورية، وأكثرها تنوعاً بالمواقع، والُّلقى الأثرية بدءاً من عصور ما قبل التاريخ، مروراً بالحضارة النبطية والآشورية والرومانية والبيزنطية، وصولاً إلى عصر الحضارة الإسلامية. وتتوزع هذه المعالم والمواقع الأثرية في معظم أرجاء حوران سهلاً وجبلاً.
تعدُّ مدينة درعا (إذرعات) من أبرز المدن الأثرية في حوران، فقد أثبتت بعض الحفريات، التي قامت بها البعثات الأثرية الوطنية أن البيوت القائمة حالياً تدل على وجود مدينة قديمة بائدة قائمة تحت المدينة الحالية.
 وتعود أول إشارة مكتوبة تذكر مدينة درعا إلى لوحات “تل العمارنة” المكتشفة في مصر عام “1882 ميلادي” والتي تعود إلى 400 ق.م. كما تضم المدينة الأثرية القديمة العديد من المناطق الأثرية أبرزها: المعبد، والمسرح، والكنيسة، والطريق المستقيم.
وفي الجنوب الشرقي من حوران تقع مدينة بُصرى الشام المشهورة بقلعتها ومسرحها الروماني. بالإضافة إلى الكثير من المعالم التاريخية مثل جامع فاطمة، مبرك الناقة، دير الراهب بحيرا، سرير بنت الملك، قصر تراجان، باب الهوى، قوس النصر، الكاتدرائية البيزنطية، باب منجك، الجامع العمري.
وهناك العديد من المواقع الأثرية في حوران أبرزها: “كاتدرائية خبب” والتي بنيت في عام 900 للميلاد، وفي مدينة إزرع توجد كنيسة ”مار جاورجيوس” التي بنيت في عام 516م على أنقاض معبد وثني، وفي بلدة الشيخ سعد يوجد ”حمام النبي أيوب” والذي شيّد في الألفية الثانية قبل الميلاد. إضافة إلى المئات من التلال والخروب الأثرية والبيوت الحجرية. وفي منطقة اللجاة العديد من المباني والقلاع الأثرية مثل “قلعة المسمية”
في المقابل وعلى امتداد سفوح جبل العرب يمتد الإرث الحضاري المشترك، حيث تسجل منطقة حوران سهلاَ وجبلاً تاريخاً وحضارة واحدة مشتركة ومتداخلة. ففي الريف الجنوبي لمحافظة السويداء تقع مدينة صلخد (صرخد) والتي ذكرت في رسائل “تل العمارنة” 1200ق.م تحتوي هذه المدينة التاريخية على العديد من المواقع الأثرية أهمها: القلعة وفيها نفق يربط بينها وبين قلعة بُصرى.
 وتزدهر بيوت مدينة صلخد بالآثار الرومانية من أحجار مقوسة وأعمدة وتماثيل. وتعد قنوات واحدة من أهم المدن الأثرية الرومانية في الإمبراطورية الرومانية الشرقية، تاريخيا كانت القنوات تعرف باسم كانثا أو كاناثا. يوجد بها الكثير من الآثار الرومانية والبيزنطية، وهي مركز أسقفي ديني كان يحج إليه المسيحيون في القرن السابع الميلادي، ولها قداستها وأهميتها الدينية. وهي واحدة من تحالف المدن العشر (الديكابولس) التي لعبت دورا سياسيا هاما منذ القرن الاول ق.م وحتى الحكم الاسلامي.
أما مدينة شهبا فهي إحدى أهم المدن التاريخية المسكونة في سوريا، وتعود معظم آثارها وأوابدها إلى العصر الروماني وقد سميت قديماً فيليبوبولس نسبة إلى الإمبراطور الروماني فيليب ابن مدينة شهبا الذي حكم الامبراطورية الرومانية244م.
وكذا تزخر مدينة السويداء بالمعالم القديمة المتنوعة، ففيها بقايا الكنيسة الكبرى التي بنيت في القرن السادس للميلاد، بالإضافة للكنيسة الصغرى، والكثير من الكنائس الأثرية والمعابد والخزانات والتلال الأثرية ولوحات الفسيفساء. ونستطيع القول: إنه تكاد لا تخلو منطقة في حوران سهلاً وجبلاً من سحر التاريخ، وعبق الحضارات السالفة لا يتسع المجال لذكرها.
تعرضت وتتعرض المعالم الأثرية والمواقع التاريخية في حوران إلى أضرار جسيمة. ففي مدينة بُصرى الشام تم توثيق تهدم “سرير بنت الملك” بشكل كامل وتضررت بشكل متفاوت كل من “مدرسة أبي الفداء الأثرية والجامع العمري، ومبرك الناقة، ومسجد فاطمة، ودير الراهب بحيرا” وفي هذا الصدد فقد أدان المدير العام لليونسكو ” إيرينا بوكوفا ” في شهر كانون الأول من عام 2015 الدمار الكبير الذي لحق بمدينة بصرى الأثرية نتيجة الحرب الدائرة وطالب الأطراف بالحفاظ على التراث الموجود في المدينة.
 كما دمرت الحرب أجزاء من محطات خط الحديد الحجازي في مدينة درعا. وهناك تخريب الآثار المطمورة بشكل كبير. وتتم عمليات تهريب مكثفة للآثار عبر الدول المجاورة، فيما تشير تقارير خاصة إلى أن 80 بالمائة من المواقع الأثرية في محافظة درعا تعرضت للنهب والتخريب والتنقيب السري.
وكالات