بيريفان عمر_
يحتفل العالم سنوياً باليوم العالمي للسلام في الأول من أيلول، وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا التاريخ؛ ليكون يوماً موقوفاً لتعزيز السلام بالاحتفال مدة 24 ساعة من بوقف إطلاق النار والتوقف عن العنف، وموضوع هذا العام هو (العمل من أجل السلام، طموحنا لتحقيق الأهداف العالمية)، حيث يمثل دعوة للعمل على تعزيز السلام، الذي يمكن أن يحقق أهداف التنمية المستدامة، التي يؤدي تحقيقها إلى تكوين ثقافة سلام للجميع، ولكن هل يمكننا اليوم أو هذا العام الاحتفال بالسلام؟ وهل بإمكاننا التحدث عن السلام وسط ما نعيشه اليوم، وسط الحروب التي تدار في معظم بقاع العالم، ومنها مناطقنا؟ فما زال التحدث عن أدنى حقوق الإنسان يقابله إطلاق رصاص، واعتقال وتعذيب، وماذا تقدم الدول الأعضاء في الجمعية؟ وما مسؤولياتها؟
تركيا، وروسيا، وسوريا، وليبيا، وغيرها، تعتبر من الدول الأعضاء في الجمعية، وبعضها من المؤسسين، هل فعلاً تسعى هذه الدول إلى إرساء السلام وتحقيق أهداف التنمية المستدامة؟ هل الاحتلال هو من مرادفات السلام؟ وهل التهجير والقتل، والتعذيب أيضاً من مرامي السلام؟
خلال عشرة الأعوام التي مضت، عانت شعوب المنطقة، وبالأخص سوريا من غياب السلام، لا بل مرت بكافة أشكال العنف، والقتل والتهجير، وإلى اليوم مازالت مستمرة، حيث نرى احتجاجات هنا وهناك للمطالبة بحقوق شرعية تقابل بالقتل والاعتقال.
ففي سوريا، خلال عشرة أعوام، حصدت الحرب أرواح قرابة 400ألف شخص من بينهم 22ألف طفل، وتسببت بتهجير ونزوح الملايين، وفي اليمن وصل عدد ضحايا الحرب من الأطفال إلى 11 ألف طفل، وفي الحرب الأوكرانية الروسية، وصل عدد القتلى من المدنيين إلى ما يقارب 30 ألف مدني.
وتسبب التدخل التركي في مناطق شمال وشرق سوريا، بحصد أرواح أكثر من 1500 شخص، من بينهم 300 طفل و150 امرأة، ويتم فيها بشكل دائم انتهاك كافة المعايير الدولية للحقوق الإنسان، التي أقرتها الجمعية نفسها دون أن يكون هناك أدنى ردة فعل من الدول الأعضاء، لا بل يمكن القول: إنه ربما لم تسلم دولة منهم من ارتكاب انتهاكات، ولكن بشكل مختلف وبصورة أخرى، وهذا جزء من الاحصائيات، أو يمكن القول: إن ما تم إحصاؤه، ولكن ماذا خلفت الحرب أيضاً؟ وهنا يتبادر إلى ذهني مقولة قرأتها ذات يوم وهي أن إحصاءات الحرب مخطئة تماماً، فكل رصاصة تقتل اثنين، وقد تقتل عائلة بأكملها، حينما تفقد عزيزا تقضي حياتها حزينة على ذكراه، لكنني وحين أتحدث عن ضحايا البشر بالحروب، يكون لزاما علي أن أعرج إلى دمار البيئة والمنازل والأحياء والجماد، وهنا أحصي الدمار الهائل بالبيئة الذي يحتاج لمئات السنوات لمعالجة ما دمر، وحرق الأشجار، وقتل مئات الأنواع من الحيوانات.
وهنا يطرح سؤال آخر، هل مازال الإنسان جاهلاً إلى هذا الحد، الذي يرى في الحرب سبيلاً ليحل السلام….؟