سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الأمان في العمل

لافا خلف_

مكان العمل هو غابة ذات وجه حضاري، وعمل المرأة ليومنا هذا هو محط جدال عند الكثيرين، ففي مجتمعاتنا الشرقية ونظامنا الأبوي، المرأة العاملة هي محط أنظار الجميع، وتتعرض أحياناً للعنف في مكان عملها أو مكان دراستها أو حتى في الشارع والأماكن العامة التي هي ملك للجميع، وهذا يشكل حاجزاً أساسياً واسع النطاق يعيق تمتعها الكامل بالحقوق والحريات الأساسية، وأيضاً يشكل انتهاكاً أو إساءة لحقوق الإنسان.
ومن أشكال هذه الانتهاكات المختلفة تأتي على غرار التنمر، العنف الجنسي، والتحرش الجنسي والمضايقات النفسية والجسدية واللفظية، فالتحرش يأتي من موقع سلطة، وغالباً الرجال يمتلكون مثل هذه المواقع أكثر من النساء، حتى في السياسة عدد النساء اللواتي يملكن السلطة أعدادهن أقل بكثير من أعداد الرجال مثال: البرلمان يمتلك 128 (مئة وثمان وعشرون عضواً) فقط ست منهم نساء أما الباقي رجال.
تعرض المرأة للمخاطر النفسية والجسدية
ونحن نعيش وسط غابة (مجتمع +واقع) مثير للشفقة تتعرض فيها المرأة إلى سلوكيات وممارسات تؤدي إلى إلحاق الأذى النفسي والجسدي وحتى الاقتصادي، ويمنعهن من دخول سوق العمل والعالم الريادي بحرية تامة، ويمنعهن من البقاء في العمل وممارسة أعمالهن والتقدم إلى الأمام لتحقيق مطالبهن وأحلامهن بشكل آمن ومستقر، ووصولهن إلى مرحلة الاستحقاق بالنفس وتقدير الذات؛ بسبب هذه الأفعال الشنيعة.
فالمرأة العاملة، تتعرض للمخاطر النفسية والجسدية في مكان عملها سواءً كانت سيدة أعمال أو عاملة في القطاع الزراعي أو في مصنع، أوفي مشفى، أو في مدرسة أو جامعة أو حتى عاملة منزلية وللأسف تجبر على الصمت، ولا تطالب بحقوقها ولا تعبر عن الظلم التي تعانيه، بسبب عدم وجود آلية لمثل هذه الحوادث، وبسبب معايير المجتمع الفاشلة، والتي ليس لها قوة وحكم إلا على المرأة، نغض بصرنا عن مثل هذه الانتهاكات اللاإنسانية واللاأخلاقية، لأننا في مجتمع ذكوري لا يريد إلا الذكور، ويعارض المرأة في شتى مجالات الحياة سواءً في عملها أو في تعليمها.
لذلك ترضخ المرأة وتجبر على الصمت لأنها إذا تكلمت عن تعرضها للخطر في العمل، فأول سؤال سوف تتلقاه شو كنتي لابسة ؟؟؟؟
بتكوني عاطيتيه وجه كتير؟؟؟؟؟
أما إذا كانت امرأة ناجحة، فيلصقون بها الشك بأنها وصلت إلى الترقيات والنجاحات والإنجازات بوسائل غير أخلاقية، ومن هذا المنطق باتت مجرد جسد لا أكثر.
ففي الجامعات والمؤسسات التي يفترض أنها تربوية ويطلقون على أنفسهم أسم مؤسسات تعليمية تربوية، تتعرض الفتيات إلى أبشع أنواع التحرش اللفظي وبعض من العروضات اللاأخلاقية مقابل نجاحهن في مادة، أو حرمانهن بشكل نهائي، وبهذه الطريقة تجبر الفتاة إلى الرسوب أو ترك التعليم، ويصبح هذا الانتهاك، سبباً يعيق لمسيرتها المهنية والتعليمية.
وفي أماكن العمل تتعرض أيضا فئة من النساء لهذه التجاوزات، ما يسبب لهن حالة نفسية وتعقيداً من الرجال والمجتمع والحياة بأكملها، ومع كره جنسها والنفور منه وأيضاً يعيق لمسيرتها المهنية، ومنع دخولها إلى سوق العمل، وإثبات نفسها والحصول على استقرار مادي ومعنوي وجعلها امرأة عاملة منتجة.
“نحتاج إلى ثورة أخلاقية”
فنحن نحتاج إلى تغيير قوانين أكثر عدلاً، وأماناً، ووضع مناهج دراسية تعلم الناس الحقوق والاحترام ومعنى الحب والحياة، والمرأة، وحماية اجتماعية (نحتاج إلى ثورة أخلاقية).
نستحق جميعاً أن نكون بمنأى عن العار وسوء المعاملة والعمل بكرامة واحترام، ومساواة، فيجب منع التحرش، وليس منع عمل المرأة، فهذا الواقع أثبت أنه يمكن للمرأة أن تشارك في سوق العمل وأن تكون أماً في آن واحد.