سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

جنوب الحسكة في مواجهة العطش ونفاد المياه ولا حل مُرضٍ لسكّانه

الشدادي/ حسام الدخيل –

تتصاعد مطالب أهالي مناطق جنوب الحسكة في شمال وشرق سوريا، بإيجاد حلول عاجلة ومستدامة لأزمة مياه الشرب التي تواجههم بشكل حاد، وخصوصاً بعد ارتفاع درجات الحرارة لمستويات غير مسبوقة، وبات انتشار هذه المشكلة تهديدًا لحياة الأهالي، ويؤثر سلباً على الأوضاع الصحية والاجتماعية في المنطقة.
تزداد الأوضاع سوءاً بسبب قطع تركيا مياه نهر الخابور عن مدينة الحسكة، بالإضافة إلى قطعها لمحطة مياه علّوك شمال الحسكة؛ ما فاقم الأزمة وزادها تعقيداً، بالإضافة إلى الملوحة الشديدة للآبار الجوفية؛ بسبب قربها من مالحة الجبسة.
تقع مناطق جنوب الحسكة على حافة الصحراء السورية الشرقية، وتعدّ المياه المتاحة هناك أمراً حيوياً لاستمرارية الحياة في المنطقة القاحلة. ومع ذلك، فإن الأزمة المائية تفاقمت بسبب تداعيات سياسية وجغرافية.
لا حلول منطقية لمشكلة المياه في الحسكة
وفي ظل هذه الظروف الصعبة، يناشد أهالي جنوب الحسكة السلطات المحلية والدولية، بضرورة إيجاد حلول مستدامة لأزمة المياه، حيث قال المواطن “باسم شويخ” المنحدر من قرية البجدلي بريف الشدادي الشرقي جنوبي مقاطعة الحسكة: “إن ما يتعرض له السكان في مناطق جنوب الحسكة يعدُّ نكبة حقيقية، وإن ما يعانيه السكان في المنطقة هو مأساة حقيقية، ولكن مع الأسف مأساتنا لا تزال مستمرة مع غياب الحلول الحقيقية لهذه الأزمة”.
وأرجع الشويخ سبب افتقار مناطق جنوب الحسكة لمصادر المياه لأسباب عدّة، وأهمها قطع المحتل التركي مياه نهر الخابور، التي كانت تغذي مناطق جنوب الحسكة، ومن جهة أخرى قطعها محطة مياه علّوك التي فاقمت معاناة السكان، حيث كان يعتمد السكان على الصهاريج، وبعد قطع مياه محطة علّوك توجهت غالبية الصهاريج لمدينة الحسكة، وهذا الأمر أثر بشكل كبير على سكان مناطق الجنوب، فسببت الصهاريج، التي تعمل على توزيع المياه بفقدان المياه الصالحة للشرب بالدرجة الأولى ورفع أسعارها بشكل كبير، حيث وصل سعر الخزان سعة خمسة براميل إلى أكثر من 40 ألف ليرة سورية إن وجد.
والأمر الثالث الذي زاد من المعاناة، هو افتقار المنطقة للمياه الجوفية العذبة، حيث إن المياه الجوفية تأثرت بشكل كبير بسبب وجود مالحة الجبسة، ولذلك الآبار كلها، التي تُحفر في المنطقة هي آبار مالحة وبنسبة ملوحة مرتفعة، وغير صالحة للاستهلاك البشري.
ومن جهته قال المواطن باسم عزيز: “إن مشكلة المياه تعدُّ معضلة حقيقية، وهي ليست وليدة الساعة، وإنما المنطقة تعاني منها منذ سنوات، لذلك يجب البحث عن حلول حقيقية وجذرية تنهي هذه المعضلة، سواءً عبر إنشاء محطات تحلية في مدن وقرى الريف الجنوبي للحسكة، أو من خلال استكمال مشروع استجرار مياه الفرات الذي توقف لأسباب مجهولة، وكان من المفترض أن تستفاد منه مدن وأرياف جنوب الحسكة”.
وأضاف: “يعدُّ وضع حلول مستدامة لأزمة المياه في جنوب الحسكة ضرورة ملحة. يجب أن تراعي هذه الحلول توفير الموارد اللازمة لتوفير مياه صالحة للشرب للأجيال الحالية والمستقبلية، وضمان استدامة البيئة المحيطة”.
باسم شويخ
باسم عزيز

 

 

 

 

 

 

 

 

أزمة مياه تتطلب جهودا دولية ومحلية
وتابع: “إن إيجاد حلول مستدامة لحل أزمة المياه في جنوب الحسكة يتطلب التعاون بين السلطات المحلية والمنظمات الدولية، والمجتمع المحلي، ومن المهم التركيز على تحسين التخطيط، وإدارة الموارد المائية، وتنفيذ تقنيات متقدمة لتحلية المياه، واستغلال الإمكانات المتاحة لجعل حلول المياه المستدامة واقعاً ملموساً في المناطق المتضررة”.
وكانت الإدارة الذاتية قد أعلنت عن استكمال وصيانة مشروع استجرار مياه الفرات، الذي بدأته حكومة دمشق في عام 2009، وقد أعلنت هيئة الإدارة المحلية والبيئة في إقليم الجزيرة عن المشروع في مطلع عام 2021، بهدف إيصال المياه لمناطق جنوب الحسكة بالإضافة إلى تغطية 20% من احتياجات مدينة الحسكة من المياه، وشمل المشروع استجرار المياه إلى محطة مياه الشدادي، ومن ثم إلى محطة مياه منطقة الـ47 بريف الحسكة، وصولاً إلى محطة مياه العزيزية في الحسكة.
وعلى الرغم من انتهاء المشروع من قبل الإدارة الذاتية، إلا أن السكان المحليين في مناطق جنوب الحسكة، لم يستفادوا من هذا المشروع.