رتيبة… ومآقيها التي تذرف دماً

تقرير/ ليكرين خاني –

استعصت حالتها طبياً! ادعى البعض أنَّها موعظةٌ إلهية وقد يكون ذلك تبريراً للعجز أمام تشخيص حالتها المرضية النادرة التي تعتبر ثالث حالة في العالم، ظهرت في قرية السكيرية التي تبعد عن بلدة كركي لكي حوالي 15كم، والجدير بالذكر أن هذه الحالة قد نشرت مؤخراً عبر مختلف وسائل الإعلام، على الرغم من أنَّ حالتها قد دخلت عامها الثالث، تعتبر من الحالات المبهمة والمجهولة السبب، هكذا صرَّح الأطباءُ الذين راجعتهم رتيبة الحاصود، حيث لا آثار للكدمات والجروح وإن المنطقة التي يخرج منها الدم لا تعطي أي دليل على مرضٍ عضوي واضح، واستكمالاً للمعلومات التي نشرت في العدد 493 لصحيفتنا؛ قمنا بزيارة قرية السكيرية حيث تقطن رتيبة الحاصود وأعددنا التقرير التالي:

ظهور الحالة بعد الزواج  بخمس سنوات

«لم أكن أشكو من شيءٍ قبل زواجي وانتقالي للعيش في قرية السكيرية، وبعد إنجابي لأربعة أولاد فجأةً وبدون أية أعراض منبئة بهذه الحالة وبعد خمس سنوات من زواجي ظهر هذا المرض مجهول التشخيص!». هكذا تحدثت رتيبة الحاصود وتابعت: «كأية فتاة تزوجت وأنا الآن أم لستة أطفال وعمري سبعة وعشرون عاماً، كنت أعيش حياةً طبيعية، ولا أعاني من أي شيء، ولكن بتاريخ 20/6/2016م، وكان شهر رمضان، أذكر أنِّي كنت في حالةٍ طبيعيةٍ يومها إلى أن جلسنا جميعاً إلى مائدة الإفطار وهنا بدأت أستفرغ وينزف الدم من فمي، لم يبق زوجي وإخوانه مكتوفي الأيدي، بل حالها أسعفوني وتعددت التشخيصات الطبية، وتعرضت لعدة عمليات حسب الأطباء بأنهم يستأصلون المسبب الرئيس لحالتي، ومن ثم نزفت وتدريجياً نزف الدم من أذني وأنفي، حتى من أثدائي وهنا أخذني زوجي إلى العاصمة السورية دمشق لتلقي العلاح، حيث أقمت في مشفى الأسد الجامعي مدة 28 يوماً مع خضوعي لتحاليل عامة، ولكن عدنا خائبين وخاليي الوفاض من أي تشخيص واضح، علماً أنَّ هذه الحالة لم تظهر معي في دمشق. ولذلك؛ عجز الأطباء، ولكن بعد عودتي إلى المنزل وبعد مرور أسبوعٍ تقريباً، بدأت هذه الحالة تظهر معي مجدداً، وهذه المرة انتقل النزف كي يخرج من عيني، وترددنا إلى أطباء العينية وكان الفحص الشامل لعيوني سليماً مئة في المئة، ولم يتوقف الأمر هنا فقد بدأ يظهر مؤخراً من فروة الرأس بدون ترك جروح أو أثر، وأيضاً من أسفل القدم أي من الجلد! حتى أطباء الجلدية صعب عليهم الأمر لأنَّهم لم يروا أي أثر للجروح في جلدي! والجدير بالذكر أنه وبعد توقف النزف يجهل تماماً مكانه؛ لأن الجلد يظهر أملساً تماماً ولا يظهر عليه أي أثر، علماً بأنني زدت وزناً منذ ظهور هذه الحالة معي».

تفاقم الحالة إلى حدّ التسبب بالإغماء

وتابعت رتيبة: «يقومون بإسعافي دائماً وبشكلٍ مستمر، في حال شعوري بأن النزف قد يبدأ في أية دقيقة، وبوادره تظهر على شكل انتفاخ في وجنتي وألم في مكان النزف، حيث أشعر بالضيق ولا أهدأ إلى أن يخرج الدم، ومؤخراً نزفت من رأسي مدة ساعة ونصف وهي أطول مدة نزفت فيها سبَّب لي ألماً شديداً في رأسي انتهى بالإغماء، وهكذا دواليك يخرج الدم فترتاح نفسيتي بسبب الألم ما قبل النزف إلى أن يتوقف، حيث أن النزف يخرج مرتين أو ثلاث في اليوم وفي مختلف الأماكن، ويتوقف النزف في رأسي ليستمر من عيني، ولا يخرج الدم في منطقتين معاً، وفي بعض الأحيان يغيب مدة يومين أو ثلاثة أي فترة لا تتجاوز الأسبوع، ليعود مجدداً…وهلم جراً! مع العلم أنَّ تحاليلي سليمة وخضابي طبيعي ولا أعاني من فقر الدم، وعلماً أن الدم الذي يخرج كامل الخلايا ولا يصنف دماً فاسداً ولا تجلطاً خارج الأوردة ولا تخثراً، ولكني أنزف فحسب!».

«كان أطفالي يخافون مني والآن هم يخافون علي»

واستطردت رتيبة: «زوجي وأهله بالإضافة إلى أطفالي الستة في البداية كانوا يخافون من منظر الدم الذي يخرج من مختلف الأماكن في جسمي ويغضون بصرهم حال رؤيتهم وضعي أثناء النزف، ولكن الآن أضحوا معتادين تماماً على وضعي وأطفالي لم يعودوا يخافون. آلمني في البداية تحاشي طفلتي الصغيرتين لي، بسبب خوفهم من الدم، ولكن الآن وعند ذهابي إلى المشفى يكونون في انتظاري ويرحبون بي، حيث زال خوفهم مني، ولكن يوماً بعد يوم يزداد خوفهم علي».
في الختام ناشد محمود شحادة محمد زوج رتيبة الحاصود المنظمات المعنية بالأمور الطبية كي يأخذوا حالة زوجته بعين الاعتبار وقال: «عانينا الأمرين وعجزنا عن فهم حالتها ونقلها باستمرار إلى المشفى الوطني في قامشلو، حيث هناك لا يقدمون إلا المهدئات ولا يعود عليها ذهابنا إلى هناك بأية فائدة، في الحقيقة قد وصل المبلغ الذي صرفناه على حالة زوجتي إلى خمسة ملايين ليرة سورية من دون أي استفادة أو الحصول على تشخيصٍ واضح ودواء معالج. لذلك؛ أناشد المنظمات والمعنيين وكل من يهمه الأمر أن يساعدونا عن طريق البحث عن تشخيص وعلاج لحالة زوجتي، وأتمنى أن يصل صوتي عبر وسائل الإعلام إلى الجهات المعنية في البلاد وفي خارجها لعلنا نلاقي حلاً لهذا المرض المستعصي».