No Result
View All Result
المشاهدات 5
(الكتابة النسوية نموذجاً)
في حقول الأدب مراتع، ومساحات متنوعة من النتاجات، والإبداعات، فمن النثر الفصيح إلى الشعر، مرورا بالقصة القصيرة، ومن ثم الرواية، والمرأة شريكة فعلية تقوم على حراثة هذه المساحات، وتساهم بزحزحة التخوم بين أجناس الأدب، وممارسة زخرفها الخاصة في بناء النص الأدبي، وأبدعت في إنتاج نصوص شعرية، وسردية مذهلة، جديرة لبناء دراسات متنوعة، وبنية نصوصها من حيث الصورة المخالفة، والبوح في مدارات الأدب الآسرة المفتوحة، والتحليق في سماوات الحرية، وإن كانت أجنحتها من شمع، تحلق دونما وجل في عالم كان يبدو ذكوري الكتابة والقراءة والتوجيه.
من هنا نتساءل عن أهمية وخصوصية الكتابة المرأة، وهل كان الشعر أداة قادرة على تضمين إرهاصاتها، ومعاناتها، وأحلامها، ومن هنا نتساءل أيضا حول هجرتها إلى الرواية، وأسباب ذاك التوجه، فلربما كانت القضية تجنح نحو العلاقة بين المرأة واللغة السردية، ومحاولاتها في جعل اليومي تجربة، واستخراج الحكمة، وإدراج تجربتها في المنحى الخاص لتكوين سردية إنسانية، تبوح بعمق أحزانها ومسراتها، خيباتها ونجاحاتها، كما إن هاجس الكتابة، الذي يتملك المرأة، والعلاقة الانفعالية التفاعلية بين ذاتها والآخر، بما شكل انفتاحاً ثوريا، وانقلابا على حياتها المغلفة بالغموض، والمرتهنة للعتمة، تلك اللغة الصريحة، التي تمتلك استلهامات طاعنة في الرغبة البوحية، والطافحة بغواية الكتابة، وقدرتها على مجاراة العامل التخييلي واستخدام رموز، وتأويلات تراثية، وحياتية عبر منهجية سرد في نطق الشخصيات الرواية، وصياغة حوارات أكثر حرية وتعنيفاً بالمكبوت والممنوعة العلن عنها، أو البوح بها، وتحريك عملية السكون، والمساهمة في رمي حجارتها، وأثقالها في بحيرة الحياة المجتمعية الراكدة، فالتحول من لغة الشعر، ومن مستوى النص الشعري، إلى الأفق الروائي، هو عملية أعنف وأكثر مغامرة لارتكاب الكتابة، فالكتابة لعبة تمارسها على البياض، وعملية نحت ليست في جسد الأنوثة فقط، وإنما في جسد مجتمعاتها أيضاً، فالرواية قادرة أن تعبر عن صوتها الداخلي نحو الخارج، هو ذاك الصوت الحر في داخل كل امرأة، الشهقة، التي إن لم تستطع البوح بها، حتماً ستكون قادرة على كتابتها، وتلك الكتابة ليست مجرد ثرثرة نسائية، كما تعود الرجل الذكر على اتهام المرأة بها، بل إن القضية أكثر تعقيداً، فهي عملية ترويض الصوت الذي يسكنها عبر عملية التدوين، والكتابة، وتمنحه من روحها صدى بعيداً ونقياً، وواضحاً…
ربما كان الصوت هو عملية انغلاق وتحرر من السجن الكبير والقديم، الذي لم تستطع الفكاك منه إلا من خلال إقدامها على فعل الكتابة، فالكتابة فرصة للخلاص، وخاصة إن كان الأمر يتعلق بتحقيق الذات خارج الجسد، فاللغة السردية والكشفية تجمع الحدث والمكان والزمن والشخصيات، في متناقضات ومفارق وفواصل، وانشطارات، وتتشظى في محاور وحقب زمنية، تتباعد وتتقارب لشرح وظيفة وأحداث وغايات، وإفراغ ذاكرة لها أهميتها في مد الحكمة إلى المجتمع، فتبوح بأصداء إضافية ذات دلالات مولعة ومترفة، وموجعة، ومثيرة معا، ربما لغة الشعر تبقى قاصرة، ومحدودة لعدم توفر آليات الحفر في عمق كينونة المرأة بلغة الشعر، فانطلقت نحو رحاب أكثر اتساعا ورحابة وسحراً، ودهشةً…
No Result
View All Result