No Result
View All Result
المشاهدات 0
بيريفان خليل_
رغم معارضة ممن له يد في اختفاء عشرات الآلاف من السوريين، يعد إنشاء مؤسسة دولية لاستجلاء مصير المفقودين في سوريا منذ بداية الأزمة خطوة تاريخية يتأمل الأطراف الداعمة لها، ترجمتها فعلياً على أرض الواقع.
بعد قرابة عقد وربع من الأزمة السورية، التي لازالت قائمة، استجابت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 29 حزيران المنصرم لمطالب السوريين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتبنت قراراً بإنشاء مؤسسة دولية جديدة وذلك لاستجلاء مصير المفقودين في سوريا على مدار 12 عاماً، وأماكن وجودهم وتقديم الدعم للضحايا وأسرهم.
وشاركت دول غربية هي بلجيكا، ألبانيا، لكسمبرغ، مقدونيا، الدومينيكان، والرأس الأخضر (كابو فيردي) في صياغة مشروع القرار.
وأشار القرار الذي تبنته الجمعية بهذا الخصوص بأغلبية 83 صوتاً مقابل 11 ضده، وامتناع 62 عن التصويت، بأنه بعد 12 عاما من النزاع والعنف” في سوريا، “لم يحرز تقدم يذكر لتخفيف معاناة عائلات” المفقودين، لذلك قررت الدول الأعضاء، أن تنشئ “تحت رعاية الأمم المتحدة، المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا لتوضيح مصير، ومكان جميع المفقودين” هناك.
ولم يحدد النص طرق عمل المؤسسة التي ستنشأ، لهذا الشأن، والتي سيتعين على الأمين العام للأمم المتحدة تطوير “إطارها المرجعي في غضون 80 يوماً بالتعاون مع المفوض السامي لحقوق الإنسان، في حين يشير النص إلى أنه سيتعين على المؤسسة أن تضمن المشاركة والتمثيل الكاملين للضحايا والناجين وأسر المفقودين وأن تسترشد بنهج يركز على الضحايا.
ودعت الجمعية الدول، وكل أطراف النزاع في سوريا إلى التعاون الكامل مع المؤسسة الجديدة.
ويقدر عدد المفقودين منذ الأزمة السورية حسب منظمات غير حكومية ما يقارب 100 ألف شخص.
مواقف إيجابية وأخرى رافضة للقرار
كم ذكرنا آنفاً هناك دول عارضت القرار، وأخرى امتنعت عن التصويت، وكانت حكومة دمشق وروسيا وكذلك الصين من أوائل الدول، التي جاء رفضها ومعارضتها صريحاً ومباشراً، مبررة عدم استشارتها بهذا الشأن، في حين تبنت الدول العربية موقفاً صامتاً حيال القرار، وهي 13 دولة (لبنان، العراق، مصر، السعودية، الجزائر، البحرين، المغرب، الإمارات، جيبوتي، اليمن، الأردن، عمان وتونس) فيما صوتت كل من قطر، والكويت، لصالح القرار.
ويذكر أن الدول العربية قد أعادت دمشق إلى حضن الجامعة العربية من جديد بعد مقاطعة 12 سنة، من هنا تسعى إلى إخراج دمشق من أزمتها، والوقوف إلى جانبها، حفظ ماء وجه الحكومة، وموقفها من هذا القرار كانت بمثابة خطوة مساندة أخرى لدمشق.
وجاء رد حكومة دمشق على لسان مندوبها الدائم في الأمم المتحدة بسام صباغ رداً لاذعاً وصف فيه القرار بـ المسيس، موضحاً إن بلاده لم تكن طرفاً في أي من المناقشات، التي جرت بهذا الخصوص، ولم يتم دعوتها إليها، ولم يتم التشاور معها بشأن إنشاء هذه المؤسسة.
من جانب آخر رحب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك بقرار الجمعية العامة عبر تغريدة نشرها على صفحة المفوضية على تويتر ذكر فيها: “المبادرة مطلوبة بشدة فالعائلات لها الحق في معرفة مصير وأماكن وجود أحبتها بهدف مساعدة المجتمع بأسره على التعافي”.
كما وقال مندوب لكسمبورغ الدائم لدى الأمم المتحدة، أوليفيه مايس: إن المؤسسة الجديدة ستعمل على التنسيق والتواصل مع كل الأطراف، وستكون نقطة موحدة لجمع ومقارنة البيانات المتعلقة بمصير المفقودين، وأماكن وجودهم.
وأوضح مايس، إن المؤسسة الجديدة ستعمل على سد جوانب القصور الحالية حيث لا يوجد تنسيق كاف بين الأطراف المعنية الأمر، الذي تنتج عنه قوائم غير مكتملة للأشخاص المفقودين، كما لا توجد جهة موحدة يلجأ إليها أهالي المفقودين لمعرفة مصير ذويهم.
وأضاف مندوب لكسمبورغ: أن المؤسسة الجديدة ستنسق مع جميع الأطراف المعنية، وسيكون عملها مكملا لجهود تحديد مصير المفقودين، وستتجنب ازدواجية المعلومات.
خطوة تاريخية ودعم النساء
وعلى عكس حكومة دمشق فقد وصفت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا قرار إنشاء المؤسسة بـ “التاريخي”، وأوضح رئيس اللجنة باولو بينيرو في بيان، أن هذه الخطوة طال انتظارها من قبل المجتمع الدولي، ومساعدة لعائلات الضحايا ممن اختفوا قسراً وخطفوا وعذبوا، واحتجزوا في الحبس التعسفي بمعزل عن العالم الخارجي منذ الأزمة السورية.
وأكد بأن إنشاء هذه المؤسسة ضرورة إنسانية، وتكمل الجهود نحو تحقيق المساءلة.
وبدورها أفادت المفوضة لين ولشمان بأن دمشق، وأطراف النزاع تعمدت إطالة أمد معاناة العائلات من خلال حجب المعلومات عن مصير عشرات الآلاف من المفقودين والمختفين، وبأن أهلهم معرضون لخطر الاعتقال، والابتزاز وسوء المعاملة، موضحة أكثر بأن غالبية المختفين من الرجال، وإن النساء هنّ من يقدن عمليات البحث ويتعرضن للمعاملة التمييزية، والإساءة على أساس جنسهن. وبأن أولئك النساء الشجاعات بحاجة إلى كل دعم يمكن أن يحصلن عليه من هذه المؤسسة الجديدة.

تحذيرات من هذا القرار
إلى جانب ردود الفعل الرافضة والمصالحة لهذا القرار، إلا أن هناك بعض الأطراف الحقوقية، التي تحذر من بعض الأمور فيما يخص القرار، ومنها الشبكة السورية لحقوق الإنسان، حيث حذرت في بيانها من “خطورة رفع سقف التوقعات من هذه الآلية على أهالي المفقودين والمختفين قسريا”.
وأوضحت: “يجب علينا أن نشير إلى المهام، التي بإمكانها القيام بها والمهام التي لا يمكنها أن تقوم بها معا، وألّا يتم التركيز فقط على ما يمكنها القيام به”.
وكشفت أيضاً “إنَّ الآلية المشكلة سوف تقوم دون شك بحشد الجهود الحقوقية السورية والدولية لدعم ملف المفقودين، وربما تتمكن من بناء قاعدة بيانات مركزية، وسوف تشكل منصة، يمكن لعشرات الآلاف من أهالي المفقودين التواصل معها، لكن دورها لن يكون الإفراج عن المعتقلين تعسفيا”.
وشددت على أنها تعتقد بشكل جازم أن حكومة دمشق وبقية أطراف النزاع، لن يتعاونوا معها؛ ما سيعقد مهامها في الكشف عن مصير المفقودين وأن ولايتها لن تنص على محاسبة مرتكبي الانتهاكات.
مبادرة دعم للمؤسسة
كالعادة أعلنت المظلة السياسية للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا؛ مجلس سوريا الديمقراطية عن دعمها لقرار الجمعية فيما يخدم السوريين ويزيل معانتهم.
ورحبت بالقرار من خلال بيان، أملت فيه أن تساهم هذه الخطوة في التخفيف عن معاناة السوريين، وإنهاء أزمتهم وترجمته على أرض الواقع فعلياً
وأبدت استعدادها لتقديم جميع أنواع الدعم والمساندة لجميع المبادرات والمساعي، التي من شأنها إنهاء الأزمة السورية والتخفيف عن معاناة السوريين، ملفتة إلى ما أصدرته الإدارة الذاتية مؤخراً بهذا الشأن، من مبادرة حل وقرار محاكمة مرتزقة داعش، وقال: إن الأخيرة كفيلة بالكشف عن الحقائق لمصير المفقودين.
ودعت المجتمع الدولي لأخذ هذه المبادرة بجدية، وأكد بأن مصير المفقودين والمغيبين لن يخرج للنور، بل سيكون هناك المزيد من المفقودين والخسائر في الأرواح، ما لم تتم معالجة قضية مرتزقة داعش على الأصعدة كافة، وتأمين عودة كريمة للمهجرين قسراً إلى أماكنهم الأصلية.
ووجدت بأن لا سبيل لحل الأزمة السورية إلا عبر مشاركة كافة السوريين دون إقصاء، أو تمييز لأية جهة أو طرف، والالتزام بالقرارات الأممية وتنفيذها بكل صرامة وجدّية.
وبدوره كشف الرئيس المشترك لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، بدران جيا كرد عن كيفية دعم الإدارة للمؤسسة، التي أقرت الجمعية بإنشائها “كما تعلمون هناك الآلاف من معتقلي داعش، ولديهم معلومات وتفاصيل، واستطعنا خلال المدة الماضية الوصول لبعض التفاصيل خاصة فيما يتعلق بالإيزيديات اللواتي اُختُطفن في شنگال 2014، هذه النقطة ومن خلال التحقيقات الموسعة وإجراء المحاكمات، يمكن أن يكون لها فائدة مهمة، من جهة ثانية مناطقنا شهدت خلال الفترة الماضية حملات عدة لاعتقال الخلايا خاصة المدعومة من داعش ومن تركيا والذين يمتلكون أيضاً معلومات حول مصير بعض الأفراد، وأيضا يتم الكشف الآن في المناطق التي تم تحريرها من داعش على المزيد من المقابر الجماعية التي ارتكبتها تلك المجموعات الإرهابية وهذه القضية بحد ذاتها تعد من القضايا الأساسية، التي يجب أن تتعامل معها المؤسسة الدولية للمفقودين في سوريا بفعالية وبشكل مباشر عبر المؤسسات المحلية للإدارة الذاتية”
وأكد في الحوار الذي أجراه المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن القرار من حيث المبدأ رغم التأخر إلا أنه مهم وضروري.
ويذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش كان قد أوصى في تقريره الصادر في آب عام 2022 الدول الأعضاء في الجمعية العامة بالنظر في إنشاء المؤسسة العام الماضي بوصفها حجر الزاوية في إطار حل قضية الأشخاص المحتجزين والمختطفين والمفقودين.

No Result
View All Result