No Result
View All Result
المشاهدات 2
آزاد كردي_
في ظل غياب أفق الحل السياسي في سوريا، يبرز نجاح النظام الديمقراطي للإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا، على الرغم من الحرب والاحتلالات، التي أدت إلى تشرذم السوريين، خاصة تكريس الاحتلال: اتفاقية أضنة، فيما تبقى تجربة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا حقيقة وبارقة الأمل الوحيدة في حل الأزمة السورية في الوقت الحاضر.
سنناقش في القراءة والتعليق محاور رئيسية عدة للصراع في سوريا: الاحتلالات في سوريا بما فيها “اتفاقية أضنة” التي تكرس واقع احتلال تركيا لشمال سوريا، وصراع النفوذ بين روسيا وأمريكا في سوريا، وعودة سوريا للجامعة العربية كخطوة لإنهاء الأزمة، والنظام الديمقراطي في سوريا.
سوريا تحت وطأة احتلال
تشهد سوريا نزاعاً مسلحاً منذ عام 2011، بدأ بانتفاضة شعبية ضد حكومة دمشق، وتحول إلى حرب أهلية وإقليمية ودولية، شاركت فيها أطراف محلية وخارجية، مثل: إيران، وروسيا، وتركيا، والولايات المتحدة، والمجموعات المرتزقة المتطرفة. وأسفر النزاع عن مقتل أكثر من 600 ألف شخص، وتشريد أكثر من 13 مليون شخص داخل سوريا وخارجها، وتدمير البنية التحتية، والخدمات الأساسية للبلاد.
وتستمر بعض القوى الخارجية في التدخل في شؤون سوريا، سواء عبر دعم حلفائها المحليين، أو عبر شن هجمات عسكرية، أو فرض عقوبات اقتصادية. هذه الاحتلالات عانى منها المدنيون في سوريا؛ بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي، خاصة من الاحتلال التركي، بما في ذلك القتل والتعذيب، والاختفاء القسري، والاستيلاء على الممتلكات، والحصار، والتجويع.
“اتفاقية أضنة” تكريس واقع الاحتلال التركي
اتفاقية أضنة: هي اتفاقية أمنية، وقعت بين تركيا وسوريا في مدينة أضنة التركية في 20 تشرين الأول 1998. هذه الاتفاقية جاءت في سياق توتر كبير بين البلدين؛ بسبب دعم سوريا لحزب العمال الكردستاني (PKK)، الذي يطالب بحقوق الكرد في باكور كردستان المحتلة من دولة الاحتلال التركي. وتعدُّ تركيا أن لديها حق الدخول إلى الأرض السورية بعمق خمسة كيلومترات حال حصول أية مخالفات سورية للاتفاقية. كذلك، نصّ الملحق الثالث للاتفاقية على أن لا خلافات حدودية بين تركيا وسوريا، ما يعني ضمناً عدم أحقية الطرف السوري بالمطالبة باسترداد لواء إسكندرون، الذي ضمته تركيا إلى أراضيها في ثلاثينات القرن الماضي، واستخدمت تركيا اتهامات عدة؛ كذريعة لشن هجمات احتلالية على شمال وشرق سوريا، مثل: عدوان تحت مسمى “درع الفرات” في 2016، وعدوان بمسمى آخر “غصن الزيتون” في 2018، والعدوان الأخير تحت مسمى “نبع السلام” في 2019.
وفي السنوات الأخيرة، طرحت روسيا، “اتفاقية أضنة” أساساً قانونياً لأي هجمات تركية داخل الحدود السورية، بالتنسيق مع دمشق. وبالتالي، تقول موسكو: “إنه لا توجد حاجة لأرضية جديدة للقيام بعمليات عسكرية تركية في الأراضي السورية، وإن هذا كفيل بتحقيق ما يروجون له، تحت مسمى “المنطقة الآمنة”، التي يطالب بها أردوغان”. لكن تركيا ترفض هذه المقاربة، وتصر على أن اتفاقية أضنة لم تعد سارية المفعول، وأنه يجب إبرام اتفاق جديد مع دولة ثالثة مثل، الولايات المتحدة، أو روسيا لإقامة منطقة عازلة في شمال سوريا كما تدعي.

روسيا وأمريكا وصراع النفوذ
إن صراع النفوذ بين روسيا وأمريكا في سوريا، هو جزء من المنافسة الجيوسياسية والجيواستراتيجية بين القوتين المهيمنتين في منطقة الشرق الأوسط، التي تشهد تحولات كبرى في ظل الأزمة السورية المستمرة منذ عام 2011. فروسيا وأمريكا لديهما مصالح وأهداف في سوريا، تتعلق بالأمن، والاقتصاد، والنفوذ، والتحالفات. وقد اتخذت كل منهما موقفاً مختلفاً تجاه حكومة دمشق بقيادة بشار الأسد، وما تسمى بالمعارضة التي تطالب بإسقاطه.
روسيا هي حليفة تاريخية لحكومة دمشق، وتدعمه سياسياً، ودبلوماسياً، وعسكرياً، لأسباب عدة:
ترى روسيا في سوريا شريكاً استراتيجياً في المنطقة، وللحفاظ على مصالحها أنشأت قاعدة عسكرية بحرية في طرطوس، وقاعدة جوية في حميميم، وهما أهم موطئ قدم لروسيا في البحر المتوسط. وكذلك تستخدم روسيا سوريا ورقة ضغط على الغرب، خصوصاً أمريكا، لإظهار قدرتها على التأثير في الشؤون الدولية، وللتفاوض على مصالحها في مناطق أخرى، مثل أوكرانيا، وإيران، وكوريا الشمالية. في المقابل، تستفيد روسيا اقتصادياً من سوريا، من خلال بيع الأسلحة، والغاز، والقمح لها، والحصول على عقود إعادة إعمارها.
أما فيما يتعلق بأمريكا فهي تقود “التحالف الدولي” ضد مرتزقة داعش في سوريا، وهي تنطلق في ذلك من محددات معينة مثل: أن الأسد طاغية يقمع شعبه، وينتهك حقوق الإنسان، وتطالب برحيله وإجراء انتقال سياسي ديمقراطي في سوريا. كذلك وتعارض نفوذ إيران وحزب الله في سوريا، وترى فيهما تهديداً لحلفائها في المنطقة. كما وتسعى إلى محاربة الإرهاب والتطرف في سوريا، وتركز على هزيمة مرتزقة داعش، والقاعدة وفروعهما، بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية (QSD).
قراءة في إعادة سوريا للجامعة العربية
إن إعادة سوريا للجامعة العربية هو قرار اتخذته جامعة الدول العربية في بيان رسمي، يوم الأحد السابع من أيار 2023، بعد تعليق عضوية دمشق لأكثر من عشر سنوات؛ بسبب تفجر العنف في البلاد. وكان الهدف من هذا القرار هو إطلاق دور عربي قيادي لحل الأزمة السورية، وضمنها أزمات اللجوء، وتهريب المخدرات، وخطر الإرهاب، والتوصل إلى حل سياسي شامل يحقق تطلعات الشعب السوري، ويحافظ على سيادة سوريا، ووحدة أراضيها.
لا شك أن من بين أهم الأسباب، التي دفعت الدول العربية إلى اتخاذ هذا القرار تتعلق بالتغيرات الإقليمية والدولية، التي شهدتها المنطقة في السنوات الماضية، مثل التقارب بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران، وانسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، وزيادة نفوذ روسيا، والصين في المشهد السوري. إن إعادة حكومة دمشق إلى الجامعة العربية، قد لا تخلو من آثار سلبية وأخرى إيجابية:
الآثار السلبية: قد تؤدي إعادة سوريا للجامعة العربية إلى تقوية موقف حكومة دمشق وزيادة شرعيتها، وتقليل حافزها لإجراء تغييرات جذرية أو التفاوض، وغضب بعض الدول، التي تطالب برحيل بشار الأسد. كما قد تزيد إعادة سوريا للجامعة العربية التوترات والصراعات في المنطقة، خاصة مع دول مثل: الولايات المتحدة، التي تعارض هذه الخطوة، وتفرض عقوبات على دمشق.
الآثار الإيجابية: قد تساهم إعادة سوريا للجامعة العربية في تحسين العلاقات بين دمشق والدول العربية، وزيادة التنسيق والتعاون في مجالات مختلفة مثل: التجارة والأمن، والثقافة، وتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وإحياء المحادثات السياسية، وإشراك سوريا في جهود إحلال السلام في المنطقة. كما قد تعزز إعادة سوريا للجامعة العربية دور الدول العربية في التأثير على الموقف الدولي تجاه الأزمة السورية، والضغط على دمشق؛ لإجراء إصلاحات سياسية، وإنسانية، والتوسط بينها، وبين دول أخرى مثل: تركيا، وإيران. كما أن أهداف الجامعة العربية من إعادة سوريا إليها لا تتعارض مع مبادرة الإدارة الذاتية لحلّ الأزمة السورية.

النظام الديمقراطي يتقدم في سوريا
الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا هو نظام ديمقراطي في سوريا. يتضمن مشروعاً سياسياً واجتماعياً يقوم عليه الحكم الذاتي لشمال وشرق سوريا. وتضم مناطق شمال وشرق سوريا أكثر من أربعة ملايين نسمة من مختلف الأعراق والديانات، والثقافات، وتقوم قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف عسكري يضم مقاتلين كرد، وعرب، وسريان، وآشوريين، وتركمان، وغيرهم بحماية المنطقة.
1-النشأة: بدأت فكرة النظام الديمقراطي في سوريا بالظهور في عام 2011، عندما بدأت الأزمة السورية وانتفض الشعب ضد حكومة دمشق، وبدأت بعض المجموعات المحلية في شمال وشرق سوريا بتشكيل هيئات مدنية وعسكرية لحماية نفسها من الحكومة والجماعات المسلحة المتطرفة مثل: مرتزقة داعش.
2-التأسيس: أُسِّست الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا رسمياً عام 2013، والتي تضمن إقامة مشروع نظام اتحادي ديمقراطي في المنطقة، يستند إلى مبادئ التعددية، واللامركزية، والديمقراطية المباشرة، والمساواة بين الجنسين، والحفاظ على التنوع الثقافي والديني. وهذا المشروع ضمن إصدار عقد اجتماعي للإدارة الذاتية في كانون الثاني 2014، يحدِّد هوية المنطقة، وهيكلها الإداري والتشريعي والقضائي. كما شكَّل هذا المشروع قوات سوريا الديمقراطية (QSD) في تشرين الأول 2015، قوات عسكرية موحدة للإدارة الذاتية، تضم مقاتلين من مختلف الجماعات العرقية، والدينية في المنطقة.
3-الشكل: تتبع الإدارة الذاتية نظاماً اتحادياً ديمقراطياً، وتتألف من ثلاث سلطات رئيسية، هي: السلطة التنفيذية، والسلطة التشريعية، والسلطة القضائية. وتضم كل منطقة مجالساً عامة ومحلية، على أن أعضاء هذه المجالس يتم اختيارهم بواسطة انتخابات دورية حرَّة.
4-الأهداف: تهدف الإدارة الذاتية إلى إقامة نظام اتحادي ديمقراطي في المنطقة، يستند إلى مبادئ التعددية، واللامركزية، والديمقراطية المباشرة، وإلى دور المجتمع المدني في صنع القرار، ويشكّل نموذجاً لسوريا فدرالية، بدلاً من النظام المركزي.
5-الأسس: تستوحي الإدارة الذاتية أفكارها من أيديولوجية القائد عبد الله أوجلان. هذه الأفكار التي تستند إلى مفهوم” الديمقراطية المجتمعية“، وهو نظام سياسي يقوم على تشكيل هيئات محلية تضم مختلف فئات المجتمع، وتشارك في صنع القرارات المتعلقة بشؤونه، وفي المحصلة تستهدف هذه الأفكار تحرير المجتمع من قوى القهر والظلم والاستغلال.
6-تحديات النظام الديمقراطي: هناك بعض التحديات والمخاطر، التي تواجه الإدارة الذاتية في سوريا، مثل: رفض حومة دمشق الاعتراف الرسمي بها، والتهديدات العسكرية والسياسية من تركيا، وحكومة دمشق، ومرتزقة داعش وغيرهم، والعقوبات الاقتصادية والإنسانية المفروضة على المنطقة، والانقسامات والصراعات في سوريا، والنقص في الموارد والخدمات والبنية التحتية. هذه التحديات تتطلب تضافر الجهود والتعاون بين الأطراف المعنية كلها، لإيجاد حلول سلمية، وعادلة للأزمة السورية.
No Result
View All Result