No Result
View All Result
المشاهدات 4
ميديا غانم_
عندما نذكر كلمة قدوة يخطر ببالنا تلقائياً شخص مثالي، ليس له عيوب أو نواقص مكتمل من النواحي كافة محققاً شيئاً خارقاً للعادة، ولكنني اليوم أريد أن أسلط الضوء على من هنّ قدوتي في الحياة، ولكنهن لسنَ مثاليات، ولا يمتلكن الكمال، ولا خارقات للعادة، قدوتي في الحياة متميزات، ببساطتهنّ، لديهنَّ نقص يكمن في قوة الشخصية.
لطبيعة عملي في الإعلام، أخالط الكثير من الناس، وأسمع آلاف القصص، ولكن بعضها له تأثير كثير عليَّ، فعندما سمعت قصص نسوة مثلي، اكسبت الكثير من القوة والإرادة، وصرنَ قدوتي في حياتي، فهنَّ لم يخترعنَ آلة ما، ولم يدخلنَ موسوعة غينيس للأرقام القياسية، ولكنهن دخلن أبواب العمل بإصرار، ودخلن في مجالات لم يكن المجتمع يتقبلهنّ بدايةً.
سأبدأ بقصة صاحبة الإرادة القوية والمتميزة الإعلامية ليلاف حسن التي دخلت مجال الإعلام منذ بداية الثورة، فكانت من مؤسسات راديو “ستار إف إم” الخاص بالمرأة، ليلاف تميزت عن الإعلاميات الأخريات؛ لأنها تعاني من إعاقة في رجلها، وبالطبع هذا صعب جداً بالنسبة لعملها، وبشكل خاص لأنها لم تقبل أن تختبئ في مكتبها بسبب ذلك، بل أصرت أن تخرج أمام الكاميرا لتقديم البرامج، وتتابع المسيرات، والتظاهرات وسط نظرات المجتمع المريبة بنظرة تنمر، ونظرات أخرى شفقة، ناهيك عن السلالم التي تصعدها وتنزلها ليلاف كل يوم في عملها المتواصل، وأيضاً ليلاف على مدار السنوات الماضية أجرت عدة عمليات جراحية لرجلها؛ ومع كل هذه الصعوبات، هي لم تتوقف عن العمل، ولم تستسلم رغم طلب الطبيب والعائلة منها ذلك خشيةً ضررها، بإصرارها الكبير تكمل ليلاف مسيرتها الإعلامية محققةً ذاتها.. لتستحق أن تُتخذ قدوة في الإرادة والتصميم.
أما قدوتي الأخرى فقصتها بعيدة تماماً عن قصة ليلاف هي تلك الأم النازحة من مدينة حمص؛ بسبب الحرب الدائرة بالمنطقة، فلجأت إلى مدينة قامشلو، الأم أحلام كان لها حلمها، وهو تحقيق وصية والدها بأن تصبح صيدلانية، ويكتب اسمه بعد اسمها على صيدليتها، لكن بسبب ظروفهم المادية الصعبة، لم تستطع تحقيق ذلك، فلم تستسلم وأرادت تحقيق حلمها، ولكن بطريقة أخرى، هي الأخرى تعرضت لانتقادات، وتنمر كبير من المجتمع بسبب العمل، الذي بدأت به، وهو إعداد الأطعمة للراغبين ضمن منزلها، حتى أولادها لم يسلموا من الكلام الجارح؛ بسبب عمل والدتهم، وفي البداية أرادوا أن تترك عملها؛ لهذا السبب، ولكنها أصرت على أن تعمل وتفتخر به، وأحبت عملها كثيراً فكل ما تطبخه يتميز بالمهارة والإبداع، واستطاعت عبر عملها أن تعيل أسرتها وتساعد أطفالها في إكمال دراستهم، وتسعى لأن تحقق حلم والدها وتضع اسمه على مطعمها الخاص، ربما لم تستطع أن تكون صيدلانية، ولكنها أصبحت أمًّا ومعيلة أسرة، وناجحة وماهرة في عملها، الذي تحبه وتكد وتتعب من أجل تحقيق حلمها، جل ما تتمناه الأم أحلام أن تفتح مطعمها الخاص.. ربما يرى البعض قصتها بسيطة، ولكنني أراها امرأة عظيمة لم تستسلم لظروف الحرب ولا لكلام المجتمع السلبي من حولها، وتسعى وراء أحلامها فتستحق أن تكون قدوة.
No Result
View All Result