قامشلو/ دعاء يوسف –
“متى يمكننا الوقوف أنا وأخي، واللعب مع أصدقائنا”، بهذه الكلمات عبر الطفل “عيسى” عن معاناته وشقيقه مع إعاقتهم التي رافقتهم منذ الولادة، آملاً بالعلاج، والانطلاق للحياة، فقصة الشقيقين “عيسى وأحمد” كآلاف قصص الأطفال “ذوي الاحتياجات الخاصة” في مواجهة ظروفهم الصعبة.
يراقب الطفل “عيسى” أصوات أقرانه، ممن يلعبون بالقرب من خيمته، وهو ينظر إلى شقيقه الأكبر، والمستلقي بجانبه عاجزاً عن الحركة، فداعبت أنامل يديه الصغيرة وجه أخيه المبتسم، والمفعم بالأمل.
حلم الجري يكسر حاجز الإعاقة
في زيارة صحيفتنا “روناهي” مخيم واشو كاني، التقينا بطفلٍ يدعى “عيسى” ويبلغ من العمر خمس سنوات، جالس بالقرب من خيمته، يتأمل أصدقاءه يلعبون ويركضون، وقد حدثنا بكلمات متقطعة، ونبرة خافتة، آملاً بعلاجهما السريع هو وشقيقه، ومشاركتهما اللعب مع أصدقائهما، وقد ألقى نظرة أمل لوالدته: “سأفوز، فأنا أسرع منهم أليس كذلك”.
“عيسى” الذي يزرع الأمل بسؤاله الملح للطبيب: “متى سأقف على قدمي أنا وأخي، ونتمكن من اللعب مع الأطفال”، والذي يصر بعزيمة، وإصرار في تدريب أطرافه يومياً من قبل والدته، على أمل أن يشفى، فيتمكن من المشي والحركة بسرعة قصوى.
فبعد رحلة علاج طويلة، تمكن عيسى من الوقوف مرة واحدة لثوانٍ معدودة، والتي كانت كفيلة بكسر حاجز الإعاقة الجسدية لديه، لكن لم يتكرر الأمر مرة أخرى، فهو يجد صعوبة في تحريك قدميه، حسب والدته.
ولمعرفة وضع الشقيقين أكثر، حدثنا والدهما “محمود محمد الخضر” عن حالتهما، ومدى تطورها في مخيم واشو كاني: “لقد فقدت الأمل مع ولدي “أحمد”، إلا أن الأطباء شجعوني على إكمال علاجهما، وبإصرار عيسى يعود لي الأمل من جديد”.
ونوه “الخضر”، أن طبيباً في مركز الصحة بالمخيم، قد أرسل الطفلين لطبيب مختص في الحسكة، لتقييم وضعهما منذ سنة، فأكد لنا الطبيب المختص بتحسين وضعهما بالعلاج الفيزيائي”.
رحلة العلاج الطويلة
ويتابع والدا الطفلين حالتهما، بالتنسيق مع الطبيب المختص، الذي يشرف على علاجهما، والتي من الممكن أن تستمر لسنوات طويلة، حيث يتلقى الطفلان العلاج الفيزيائي داخل خيمتهما، من خلال جلسات أسبوعية مستمرة منذ ثلاث سنوات، وفقاً لخضر.
وبين والد الطفلين، بأن “عيسى” يستجيب للعلاج بسرعة كبيرة، لتلقيه العلاج منذ الصغر، على عكس شقيقه “أحمد” الذي خضع لعملية في عمر ثلاث سنوات، والتي أثرت عليه سلباً.
وبالإضافة لإعاقتهما الحركية، عدم قدرتهما بإجراء أي عملية معرفية بسيطة تناسب عمرهما الزمني، أما بالنسبة لقدراتهما اللغوية فان” اللغة التعبيرية “كانت ضعيفة فتكوين الجمل ضعيفة، والكلمات الواضحة لديهما قليلة جداً، أما بالنسبة لحركتهما، فضعف العضلات كانت عائقاً كبيراً أمام تعلمهم لأي مهارة حركية جديدة، وبعد تلقيهما العلاج الجسدي والفكري، لمدة ثلاث سنوات، أصبحا في حالة أفضل بكثير من قبل.
فأشارت نتائج العلاج إلى ارتفاع مستوى قدرات الطفل “عيسى” العقلية، وذلك من خلال تطور القدرات المعرفية لديه، وبالنسبة للجانب اللغوي، فإن اللغة التعبيرية تقدمت قليلاً، فأصبح قادراً على التعبير بكلمات واضحة يمكن فهمها من قبل الآخرين، على عكس شقيقه “أحمد”، الذي مازال يعاني صعوبة في التعبير عن رغباته.
وبالنسبة للجانب الحركي فقد استطاع “عيسى” الوقوف على قدميه لبضع ثوانٍ، وعلق الخضر على ذلك مختتماً: “لقد عاد الأمل إلينا من جديد، بعد رحلة علاج دامت سنوات، بإصراره وعزيمته”.
