سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

القضية الكرديّة والانتخابات التركيّة

رامان آزاد_

لا تخشى حكومةُ العدالة والتنمية الصراع المسلحَ ضدَّ الكرد، بالقدرِ الذي تخشى من مشاركتهم في الانتخاباتِ، ذلك لأنّها تتذرع بالأمن القوميّ في هجماتها الاحتلالية ضد الكرد على أراضيها أو عبر الحدود، فيما الديمقراطيّة تحرجها وتكشفُ عورتها وزيف ادعاءاتها وتؤكد نوازعها العنصرّية، ولهذا السبب ما انفكّت تسعى بكلِّ الوسائل إلى تحييدِ أصواتِ الكرد في كلّ الانتخاباتِ الماضية وحتى اليوم.
اللعبة نفسها ولكن بأسلوبين مختلفين
 يدركُ أردوغان تراجع شعبيته وهو يخوض معركة الانتخابات الرئاسيّة، وإذ لم يكن بالوسع ترميم شعبيته فقد عمل على استهداف المعارضة عبر الاتهام والتشكيك بكلّ الوسائل، وفي مقدم هذه الوسائل أن تخسر المعارضة التصويت الكرديّ، والذي وُصف بأنّه “صانع الملوك”. فقد أسفرت الانتخابات البرلمانية في 14/5/2023 التي خاضها حزب الشعوب الديمقراطيّ باسم حزب اليسار الخضر وضمن تحالف العمل والحرية عن فوزه بـ67 مقعداً بنسبة 10.52% من عدد الأصوات، وهذه النسبة من شأنها أن تؤثر في مسار الانتخابات الرئاسيّة.
وكانت حصته منها 61 مقعداً وحصل على نسبة 8.8% من إجمالي الأصوات، وكانت حصته 67 مقعداً في انتخابات 2018 بنسبة 11.7%.
في تجمع حاشد حضره مئات الآلاف يوم الأحد 7/5/2023، طلب الرئيس التركيّ أردوغان من الحاضرين مشاهدة مقطع مصوّر وصفه بأنّه “مهم للغاية” على شاشة كبيرة وظهر فيه كيليشدار أوغلو مبتسماً، بينما كان يناشد الناخبين قائلاً “Haydi ــ هيا”، اذهبوا معاً إلى صندوق الاقتراع”.
ثم عرض المقطع لقطات للقياديّ مراد قره يلان وهو يقول: “هيا”، وفي الخلفيّة صوّت أغنية لحملة كيليشدار أوغلو، وتساءل أردوغان أثناء عرض المقطع “هل سيصوّت المواطنون الوطنيون من أبناء هذا البلد لصالحهم؟”. وجاء تداول المقطع في وقت تظهر فيه استطلاعات الرأي تفوق كيليشدار أوغلو على أردوغان.
المقطع الذي عرضه أردوغان عبارة عن دمج لمناسبتين مختلفتين بالمضمون والتوقيت، فكليشيدار أوغلو يدعو للتصويت، فيما يتحدث مراده قره يلان عن الكفاح المسلح في مناسبة سابقة ونشر المقطع في 15/8/2022.
ورداً على سؤال حول هذا المقطع واستخدام أردوغان له في حملته الانتخابية، رفض مسؤولون في الرئاسة التركيّة التعليق.
وقال كيليشدار أوغلو غاضباً بعد بث المقطع المُفبرك قبل أسبوع من الجولة الأولى: “كيف يمكن لشخص يجلس في كرسي الرئاسة أن ينزل إلى هذا المستوى المتدني؟”. وقال أوغلو في مقابلة مع رويترز الجمعة 12/5/2023، “ما يُحزنني بشدة هو أن تكون هذه هي اللغة التي يستخدمها الرئيس نفسه” واصفاً المقطع بأنه كذب.
ورفع كيليشدار أوغلو الأحد 21/5/2023، شكوى ضد الرئيس التركيّ بسبب بث المقطع المصوّر، فيما اعترف الرئيس التركيّ علناً الاثنين 22/5/2023، بأنّ الفيديو مركب، وكرر أنَّ خصمه “تحالف مع العمال الكردستانيّ” الذي وصفه بـ”الإرهابيّ”.
في 22/5/2023 تداولت عدة مواقع إخباريّة تقريراً بعنوان “سنهدم الجبال على الكردستانيّ هل ورط كيليشدار أوغلو نفسه”، وقيل إنّ حديث كيليشدار جاء خلال تسريبات الحلقة الحواريّة على قناة Babala TV على موقع “يوتيوب” والتي يديرها Oğuzhan Uğurlu، وجاءت كلّ التقارير حول هذا التصريح متطابقة تماماً لتؤكد تداولها بطريقةِ النسخِ الحرفيّ وأنها اعتمدت مصدراً واحداً. والمهم في كلِّ ذلك التوقيت التي تم فيه تداول التصريح وهو أسبوع قبل الجولة الثانية للانتخابات الرئاسيّة، ليأتي ردّ حزبِ الشعوب الديمقراطيّ الذي تصفه الحكومة التركيّة بأنه الجناح السياسيّ لحزب العمال، الخميس 25/5/2023 بتأكيد مواصلة دعم مرشح تحالف المعارضة رغم كلّ الظروف ومنها مبادراته تجاه أحزاب من اليمين المتطرف مثل حزب النصر.
محاولة اختراق المعارضة التركيّة هي الهدفُ الأساسيّ، وتحديداً السعي أن يخسرَ كيليشدار أوغلو أصواتَ الكردِ أو تحييد تلك الأصواتِ بالكاملِ من الانتخاباتِ، وكان تحالفُ أردوغان مع حزب “هدى بار” الإسلاميّ الكرديّ محاولةً لكسبِ أصواتِ الكرد المحافظين، وبذلك فاللعبةُ هي نفسها، ولكن بأسلوبين مختلفين؛ مرةً بتوجيهِ التهمةِ لحزب الشعب الجمهوريّ بالعلاقة مع العمال الكردستانيّ والثانية بنشر تصريحٍ لكيليشدار يهددُ بمواصلةِ الحربِ ضده وهدم الجبال عليهم!
تاريخيّاً حزب الشعب الجمهوريّ هو حزبُ أتاتورك القوميّ العلمانيّ، وهو الذي شن عدة هجمات عسكريّة ضد الكرد، وأعدم قادتهم، واليوم لا توجد علاقة تحالفٍ بين الكرد وحزب الشعب الجمهوريّ، وإنّما مجردُ تكتيك انتخابيّ لإزاحة أردوغان عن السلطةِ على مبدأ “أهون الشرّين”! فتحالف الطاولة السداسيّة المعارض يضم حزب الخير القوميّ الرافض للكرد، وجاء دفع حزب العدالة والتنمية لرئيس حزب النصر أوميت أوزداغ القوميّ للتحالف مع كيليشدار، لتتعزز خسارته لأصواتِ الكرد!

اعتقالات تركيا شملت مرشحين للبرلمان
الاعتقال أحد وسائل الحكومة التركيّة لإزاحة المرشحين من التنافس الانتخابيّ أو الانقلاب على نتائج الانتخابات، فقد كانت الانتخاباتُ البلديّة في 31/3/2019 بمثابة الاستفتاء على النظام الرئاسيّ وعلامة التغيّر في المزاجِ العام في تركيا، وفيما برز حزب الشعب الجمهوريّ نداً قوياً يتمتع بحاضنة شعبيّة، تم تأكيدُ دور حزب الشعوب الديمقراطيّ وثقله السياسيّ في إحداث التغيير وأنّه لا يمكن تجاوزه، وإنهاؤه عبر الاعتقالِ والتضييق. وسمي حينها بـ “صانع الملوك”. والتفتت أنقرة على نتائج انتخابات البلدية، وأقالت رؤساء البلديات من حزب الشعوب الديمقراطيّ، تباعاً لتعيّن آخرين موالين لها، لتنسف مقومات الديمقراطية وتتنكر لأصوات الملايين، فاعتقلت في 19/8/2019 رؤساء بلديات مدن ديار بكر وماردين ووان واعتقلت 418 شخصاً، وسلسلة الاعتقالات طويلة.
قالت وسائل إعلام تركيّة في 26/4/2023 إنَّ الأمن اعتقل المرشحة البرلمانيّة آيتان دونماز، عن حزب اليسار الأخضر، في منطقة أوسكودار بمدينة إسطنبول، وصادر الهاتف المحمول الخاص بها. وآيتان دونماز، كانت مرشحة ضمن قوائم حزب اليسار الديمقراطيّ في ولاية كوجالي شمال غرب تركيا، وتحتل المرتبة الـ13 ضمن القائمة.
ونفذ الأمن التركيّ حملة اعتقالات واسعة طالت عشرات المواطنين الكرد في آمد، وبحسب وسائل إعلام تركيّة، فقد احتجز الأمن العشرات وصفهم بالمشتبهين بتمويل حزب العمال أو المشاركة في إعادة هيكلته، وأكدت ذلك نقابة المحامين في آمد.
من اغتال السلام مع الكُرد؟
في مساء ٢١/3/٢٠١٣، تجمّع مئات آلاف الكرد في مدينة آمد للاستماع إلى بيانٍ كتبه القائد عبد الله أوجلان ــ من سجنه في إيمرالي ــ بعد محادثاتٍ طويلةٍ مع حزب العدالة والتنمية الحاكم، وأعلن فيه وقف إطلاق النار، بعد ثلاثة عقود من الحربِ مع الدولة التركيّة وجاء في الرسالة “لتصمت المدافعُ ولتسود السياسة”.
خلق إعلان حزب العمال الكردستانيّ رسميّاً وقفَ إطلاق النار، البيئة المناسبة لفوزِ حزب الشعوب الديمقراطيّ بنسبة 13.12% في الانتخابات البرلمانيّة التي جرت في 7/6/٢٠١٥، أي بواقع 80 مقعداً في البرلمان، واتّضح أنّهم قد ربحوا على حساب العدالة والتنمية، الذي خسر أغلبيته المطلقة التي تمتّع بها طويلاً. وليكونَ ذلك أولَ مؤشراتِ السلام ووقف إطلاق النار، ما يعني إمكانيّةَ تحقيقِ الكرد لمزيدٍ من المكتسبات في ظلّ السلام، مقابل تراجعِ شعبيّة العدالة والتنمية، وبذلك بدت بوضوحٍ أولى الملامح لتقدمِ الشعوب الديمقراطيّ الذي حقق إنجازاً ملحوظاً رغم الضغوط السياسيّة والأمنيّة، وسعي الحكومة التركيّة الحثيث لاحتواءِ النتائج المحتملة، بكسبِ الأصوات باستثمار التوجهات الدينيّة والقوميّة، وحملةِ التخويفِ، مستخدماً تهمة الإرهاب عصا في وجه مجمل المعارضة وبخاصةٍ الكرد.
هذا التحوّل كان كافياً لينقلبَ أردوغان على تعهداته وشعاراته الديمقراطية لوأدِ الصعود الكرديّ غير المتوقع وغير المحسوب عبر صناديق الاقتراع. فقد تكفل الصوتُ الكرديّ واليساريّ بعرقلة أحلام أردوغان الشموليّة. ولم تلتزم الحكومة التركية بمقتضيات الاتفاق عبر الإصلاحات الموعودة، وكان ذلك السبب المباشر لانهيار اتفاق وقفِ إطلاق النار في 22/7/2015. واستهدفت حينها المقاتلات التركيّة مواقع في إقليم كردستان، فيما كانت مدينة كوباني تشهد أعنف معارك المقاومة ضدَّ مرتزقة “داعش”.
في آب 2015 أعلن حزب العمال الكردستانيّ مناطق إدارة ذاتيّة، لتبدأ أنقرة هجمات احتلالية، وحرباً بلا هوادة كان مسرحها مناطق جنوب شرق البلاد، واُعتمدت سياسة الحصار وحظر التجول واستخدمت كلّ أنواع الأسلحة وصنوف القوات وتسببت بدمار كبير، خاصة قضاء جزير، واجتاح الجيش التركيّ مدن سلوبي ونصيبين. وعطّل أردوغان تشكيل الحكومة وأعلن في 25/8/2015 إعادة الانتخابات في 1/11/2015، لتحصيل مزيد من المقاعد. وخلال هذه الفترة بين جولتي الانتخاب تم التلاعب بالبيئةِ الأمنيّة تحضيراً لإعادة الانتخاب، فوقعت سلسلة حوادث التفجير من بينها تفجير سروج في 20/7/2015 لمتضامنين مع مدينة كوباني وتفجير أنقرة في 11/10/2015 الذي استهدف أنصار حزب الشعوب الديمقراطيّ، وبهذا وضعت الحكومة المجتمع التركيّ أمام خيار افتراضيّ إما انتخاب الحزب الحاكم أو الفوضى في جولة إعادة الانتخابات تراجعت نسبة حزب الشعوب الديمقراطيّ إلى 10.75%، وعدد المقاعد 59.
وفي 4/11/2016 تم اعتقال الرئاسة المشتركة لحزب الشعوب الديمقراطيّ صلاح الدين ديمرتاش، وفيغان يوكسداغ، وتواصلت حملات الاعتقال لمسؤولي الحزب وأعضائه، وأسقطت الحصانة البرلمانيّة عن نوابه في انقلابٍ مباشرٍ على نتائج الانتخابات، ولم يُقِم أردوغان وزناً لملايين الأصوات التي انتخبت كتلة نواب حزب الشعوب الديمقراطيّ، وكذلك فعلت بالانتخاباتِ البلدية، فواصلت اعتقال رؤساء البلديات من حزب الشعوب الديمقراطيّ واستبدلتهم بممثلين من الحكومةِ لتفرغ الانتخاب من مضمونها الديمقراطيّ.
في نيسان 2020 نشر موقع “نورديك مونيتور” السويديّ، وثائق عسكريّة مسرّبة عن “وحشية” النظام التركي ضد الكرد، والتي أسفرت عن قتل وإصابة 12 ألف مواطن كرديّ في الفترة من تموز 2015 إلى حزيران 2016. ووفقاً للأرقام السريّة، التي تضمنتها وثيقة عسكريّة مؤرخة 30/6/2016، قُتل نحو 8 آلاف مواطن كرديّ وأُصيب أربعة آلاف آخرين. فيما مجزرة روبوسكي في 28/12/2011 لا تحتاج وثائق.
في 25/4/2017 قصف الطيران التركيّ مواقع قرب جبال شنكال وشمال شرق سوريا. وشنّت عدواناً على عفرين في 20/1/2018 واحتلتها بعد شهرين من المعارك، وبدأت هجمات احتلالية على تل أبيض/ كري سبي وسري كانيه في 9/10/2019، وبدأت عملية باسم “مخلب النسر” في باشور في 14/6/2020.

لا صديق للكُرد إلا الجبال!
هذه المقولة كذبة تاريخيّة، رغم واقعيتها، وتجربة حزب الشعوب الديمقراطيّ نموذج لنزول الكرديّ عن الجبال وخوض الانتخابات البرلمانيّة وتحقيق إنجاز غير مسبوق فماذا كانت النتيجة؟ الحقيقة أنّ أنقرة لا ترغب بنزولهم، لأنّ بقاءهم في الجبال يُسهّل عليها توصيفهم بالإرهاب. وتضع حكومات العالم أمام خيارين لا ثالث لهما، والمثال هو السويد وهولندا.
على مدى قرنٍ كانتِ القضية الكرديّة مسألة وجوديّة تتعلق بحق تقرير المصير إلا أنَّ الحكومات التركية المتعاقبة تعاطت معها على أنّها ملفٌ أمنيّ يتمُّ تداوله بمعطياته المحليّة، والفرقُ جوهريٌّ بين شموليّةِ القضيةِ بأبعادها الإنسانيّة والتاريخيّة والثقافيّة والسياسيّة وأن تكون ملفاً أمنياً يتم تناولها ضمن أقنية أمنيّة واتفاقاتٍ سياسيّةٍ ذاتِ ملاحق أمنيّة، وجعلت أنقرة التوصيفِ الكرديّ موازياً للخطرِ الأمنيّ. وبهذا تمَّ استهدافُ وحدةِ القضيةِ الكرديّةِ.
تحاولُ أنقرة منذ عقودٍ أن تحصرَ القضيةَ الكرديّةَ بالبُعدِ العسكريّ وتصوّرَها اليوم كحركةِ تمرّدٍ مسلحةٍ تتمركزُ في جبالِ قنديل، وأنّها ليست حركة تحرر وتعزلَها عن سياقِ التاريخِ، وبذلك يسهلُ توصيفُها بالإرهابِ، والغربُ مضطرٌ لمجاملة أنقرة، ولذلك تمنعُ أنقرة فرصَ مشاركةِ الكردِ بالعملِ السياسيّ والذي يتطلبُ النزولَ إلى الحواضرِ الكبرى، ما يؤدّي لإسقاطِ الادعاءاتِ التركيّةِ، فعرقلت أنقرة على حزبِ الشعوب الديمقراطيّ مشاركته بالانتخاباتِ البرلمانيّة، واعتقلت قادته بعدما نجح بإيجادِ متغيّرٍ سياسيّ عبر تجاوز العتبةِ الانتخابيّةِ.
تُمثّلُ الإدارةَ الذاتيّة في شمال وشرق سوريا منظوراً سياسيّاً لحلّ الأزمةِ، وهي بوضعها الحالي مشروعٌ غير ناجز ويتطلب حواراً وطنيّاً للتوافقِ حول صيغته وإطاره القانونيّ، وتخشى أنقرة تداعيات هذا المنظور على الداخلِ التركيّ نظراً لتعدادِ الكردِ الكبيرِ الذي يبلغُ نحو 20 مليون، ما يحدث على سبع سنوات من التدخّل العسكريّ المباشر هو تفويضٌ روسيّ لأنقرة لتقومَ بهجمات احتلالية متتابعةٍ بالتوازي مع المماطلةِ بالحلِّ السياسيّ، حتى لا يبقى شيء من المشروع ليُطرحَ على طاولة الحوارِ.
موسكو على علاقة جيدة مع أنقرة ودمشق، ولن تسمحَ بصدامٍ عسكريّ بين الطرفين، بل تقومُ بتجيير ما تسمى ىالعملياتِ العسكريّة التركيّة لصالح دمشق، والأمر يحتاج وقتاً ليتبلورَ، ولذلك ضغطت على أنقرة لبدءِ المسارِ التصالحيّ، وأيّ تصورٍ خلافَ ذلك أيضاً هو سطحيّة.
الهجمات الاحتلالية التركيّة تهدف إلى تصدير أحد أهم مشكلات أنقرة التاريخيّة عبر الحدود بذريعة “الأمن القوميّ”، والذي لم يحدد عمقه تماماً مع استمرار القصف التركيّ وتجاوزها عمق الأراضي السوريّة والعراقيّة ليصل إلى نقاط تبعد نحو 70 كم، ولكنه بالمطلقِ يستهدفُ الإدارة الذاتيّة.

kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle