تعتمد نساء مقاطعة كوباني على الزراعة، لتأمين استقلالهن الاقتصادي، وقوت عوائلهن، وتعد عملية الحصاد ثمرة التعب، والمشقة، التي تحملها منذ بداية موسم الزراعة.
منذ بداية شهر أيار/ مايو تقوم نساء مقاطعة كوباني بإقليم الفرات بشمال وشرق سوريا، بحصاد المحاصيل البقولية والكمون يدوياً، وأكدن، أن المنطقة تشهد موسم حصاد جيد مقارنةً بالعام الماضي.
تشتهر مقاطعة كوباني بزراعة العديد من المحاصيل، منها القمح، والشعير، والكمون، والكزبرة، والبقوليات، كالعدس وغيرها، وتتم زراعتها وفقاً لنظام الدورة الزراعية، الذي يعتمد على تعاقب المحاصيل، بهدف زيادة خصوبة التربة والمحافظة على مكوناتها متجانسة.
مع بداية شهر أيار/ مايو من كل عام تبدأ النساء في أرياف المقاطعة بحصاد محاصيل البقوليات، وعلى رأسها محصول العدس، وبعد الانتهاء من حصاد محصول العدس، يبدأنَ بحصاد المحاصيل الأخرى كالكمون، والكزبرة. والمتعارف عليه في المنطقة أن النساء في طليعة الفئات العاملة، التي تقوم بالأعمال الزراعية، نظراً للخبرة الكافية والمهارة، اللتين تمتلكها المرأة في مجال الزراعة، على عكس الرجل، كما في الحصاد اليدوي، الذي يحتاج إلى أيدي عاملة كثيرة، لإنجازه خلال أقل وقت ممكن، حيث أن المرأة تتحمل المشقة، والتعب المترتب على هذا النوع من الحصاد أكثر من الرجل، فهي تخرج للحصاد منذ الساعات الأولى من الصباح الباكر، ولا تخرج من الحقل حتى غروب الشمس.
النسوة يتحملن أعباء الحصاد
عن عمل النساء في الحصاد اليدوي، قالت العاملة “هيزا محمود” البالغة من العمر 30 عاماً، من قرية أيدق جنوب المقاطعة: “في كل عام، ومع اقتراب فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، وتحديداً في بداية شهر أيار تكون حبوب المحاصيل البقوليات قد نضجت، وهو مؤشر على بدء موسم الحصاد في المنطقة، بعض المحاصيل يلزم حصادها يدوياً مثل العدس، والكمون، أما القمح، والشعير فيحتاجان في عملية جنيهما استخدام الحصادة، إلا في حال زراعتها على مساحة صغيرة فيمكن حصادها يدوياً”.
وأضافت: “تقوم النساء بحصاد محصول العدس في الموعد المحدد، تجنباً لجفافه بشكل كامل، وبالتالي خسارة الإنتاج في حال تم التأخر في جنيه، ولو بضعة أيام”.
وعن عملية حصاد، وجني بعض المحاصيل الزراعية يدوياً أوضحت: ” فيما يتعلق بمحصول العدس، أولاً تقوم النساء بحصاد العدس الرطب بأيديهن، ورميه خلفهن بشكل عشوائي، وليس في أكوام منتظمة، نظراً لضيق الوقت، وبعد الانتهاء من ذلك نقوم بتجميع المحصول على شكل أكوام صغيرة، هذه الأكوام تمكن أشعة الشمس من الوصول إلى كل جزء منها على عكس الكبيرة، هذه النقطة مهمة جداً لأن العدس يحصد وهو لا يزال رطباً، وطرياً”.
وتابعت “في المرحلة الأخيرة من عملية جني محصول العدس، وبعد أن تجف النباتات تماماً، تقوم النساء بوضعها في جهاز الدرس الخاص بآلة الحصادة، وفي نهاية هذه العملية، يتم استخراج حبوب العدس من جهة، ومن جهة أخرى تستخرج مخلفات المحصول، التي تستخدم كمواد علفية لتغذية الحيوانات”.
وأكدت هيزا، أن نساء مقاطعة كوباني، يعتمدن على الزراعة، لتأمين استقلالهن الاقتصادي وقوت عوائلهن: “تشتهر مدينة كوباني بالزراعة، والأهالي هنا وعلى وجه الخصوص النساء يعتمدون عليها بشكل كبير في تأمين احتياجاتهم، وأنا في كل عام أقوم بزراعة محصول العدس أو الكمون وهذا العام قمت بزراعة العدس”.
وحول الصعوبات، التي تواجه النساء خلال مواسم الحصاد، توضح: “أينما وجد العمل وجدت الصعوبات والمشاكل، خاصة إن كان هذا العمل يتطلب إنجازه تحت أشعة الشمس أو في البرد القارس، ولساعات طويلة قد تصل أحياناً لاثنتي عشرة ساعة يومياً، أنه عمل شاق حقاً فالنساء يخرجن منذ ساعات الفجر الأولى، ولا يعدن إلى المنزل حتى يحل الظلام في غالبية الأحيان، وعندما نعود إلى المنزل في المساء يتوجب علينا القيام بالأعمال المنزلية، التي تتراكم طوال اليوم، كون النساء خارج المنزل كل ساعات النهار، لكن على الرغم من كل الصعوبات، أحب القيام بالأعمال الزراعية، فالمرأة لها ارتباطها الخاص بالأرض والزراعة والطبيعة، لذلك فهي متعلقة بها بشكل كبير وغير مسبوق”.
وفي ختام حديثها نوهت العاملة “هيزا محمود” إلى مدى تحسن الإنتاج في العديد من المحاصيل: “فيمكننا القول: إن موسم الحصاد هذا العام جيد مقارنةً بالأعوام القليلة الماضية، والسبب الرئيسي يعود لوفرة وغزارة الأمطار، التي هطلت خلال شتاء هذا العام”.
