منحت جمعية القلم الأمريكية جائزة “حرية الكتابة” السنوية للناشطة الحقوقية الإيرانية المسجونة، نرجس محمدي، وقد وصفتها بكلمات أليمة: “إن الكاتبة كانت في الحبس الانفرادي لفترة طويلة، وكانت تتعرض لتعذيب نفسي شديد”.
وقد تسلم تقي رحماني، زوج نرجس محمدي، هذه الجائزة نيابة عنها، وفي هذا الصدد دعت نرجس محمدي، إلى الإطاحة بنظام إيران “الكاره للمرأة والقمعي والثيوقراطي”.
وأشارت نرجس محمدي في رسالتها بمناسبة تسلمها جائزة جمعية القلم الأمريكية السنوية إلى بكتاش أبتين، الشاعر والمخرج المسجون، الذي توفي بسبب التأخير في العلاج، وإلى يوسف مهراد، وصدر الله فاضلي زارع، اللذين تم إعدامهما في السابع من أيار بتهمة سب نبي الإسلام.
وقالت نرجس: “لا تخطئوا! لم يتم إعدام يوسف مهراد، وصدر الله فاضلي لنشرهما كتابا أو مقالا. “لقد تبادلوا فقط بعض الرسائل في مجموعة على تلغرام”.
وفي وقت سابق، قالت سوزان نوسل، الرئيسة التنفيذية لجمعية القلم الأمريكية، في بيان، إن نرجس محمدي مصدر إلهام للعالم كله، لشجاعتها ومقاومتها للجهود الحثيثة، التي يبذلها النظام الإيراني لإسكاتها.
يُذكر، أن نرجس محمدي فازت في الثاني من أيار من هذا العام بجائزة اليونسكو العالمية لحرية الصحافة، إلى جانب نيلوفر حامدي، وإلهة محمدي. اللتين تواجهان تهمة التخابر مع الاستخبارات الأمريكية، على خلفية متابعتهما لقضية جينا أميني، منذ مقتلها في 16 أيلول/ سبتمبر الماضي على يد شرطة الأخلاق بذريعة “الحجاب السيء”.
فمع تصاعد الانتفاضة في إيران، نفذت السلطات حملةً غير مسبوقة ضد الصحافة، على خلفية تغطيتها للأحداث الدامية، التي تلت مقتل جينا أميني، وبالتوازي، أطبق النظام مزيداً من القيود على الإنترنت، لمنع تسريب صور وفيديوهات القمع، والتظاهرات المستمرة في مناطق إيرانية مختلفة، واستهدفت حملات الاعتقال 46 صحفياً ومراسلاً ومصوراً، حسب لجنة حماية الصحفيين، ومقرها نيويورك.
اتهامات باطلة
طالت حملات الاعتقال، في الأيام الأولى من الانتفاضة، الصحفية نيلوفر حامدي العاملة في صحيفة “شرق” الإصلاحية، وإلهة محمدي العاملة في صحيفة “هم ميهن” الإصلاحية.
ووجهت كلٌّ من وزارة الاستخبارات الإيرانية، واستخبارات الحرس الثوري، في بيانٍ مشتركٍ غير مسبوقٍ، تهمة التخابر مع الاستخبارات الأمريكية للصحفيتين.
ودعا البيان، أن الصحفيتين أدتا مهمات استخباراتية “تحت غطاء العمل الصحفي”.
إذ أشار بيان الاستخبارات الإيرانية إلى أن: “أول صورة لجينا أميني على سرير المستشفى نشرتها الصحفية نيلوفر حامدي”، وزعم البيان، أن نيلوفر “من المتدربات في دورات تعليم الحروب التركيبية، التابعة لجهاز الاستخبارات الأمريكية المركزية (سي آي إيه)”.
وادّعى أن نيلوفر حامدي، التي كانت من أوائل اللواتي حضرن إلى المستشفى واستقرن فيه، “حرّضت أهالي جينا أميني”.
من جهةٍ ثانية، زعم البيان، أن إلهة محمدي: “حرضت أقارب الراحلة، ودبرت بعض المشاهد، وغطت أخباراً وصوراً موجّهة، أثناء حضورها الفوري في مدينة سقز لمراسم التشييع والدفن والتجمعات، التي نظمت في تلك المدينة”.
وادّعى أن إلهة: “تدربت في دورات النظام العصابي الأمريكي في الدول الخارجية”.
واتهم البيان الصحفيتين، أنهما “لعبتا دوراً في صناعة الأخبار لوسائل الإعلام الأجنبية حول جينا أميني”.
وفي استكمالٍ لسيناريو المؤامرة، اتهم البيان أجهزة استخبارات الولايات المتحدة الأمريكية “بالتخطيط للانتفاضة الواسعة الأخيرة في إيران، والتعاون مع أجهزة التجسس الحليفة والوكيلة”، ضارباً بعرض الحائط القتل، والقمع، اللذين ترافقا مع الاحتجاجات الأخيرة.
غضب وتنديد
وأثارت هذه الخطوة غضب الصحفيين الإيرانيين وتنديدهم بالتضييق على حق ممارسة عملهم. إذ رفض عدد من الصحفيين الإيرانيين، ما جاء في بيان الاستخبارات حول الصحفيتين نيلوفر حامدي وإلهة محمدي.
ووقّع أكثر من 300 صحفي، ومصور صحفي، في 30 تشرين الأول المنصرم، بياناً أدان اعتقال السلطات زملاء لهم، وتجريدهم من حقوقهم المدنية بعد توقيفهم.
وطالب بيان الصحفيين بالإفراج عن الصحفيتين نيلوفر حميدي، وإلهه محمدي، المعتقلتين منذ أكثر من ستة أسابيع.
وحذرت بعض الصحف الإيرانية المحسوبة على الإصلاحيين من اعتقال الصحافيين، إذ نشرت مانشيتات تنديد بقمع حرية الصحافة، مثل “الصحافة ليست جريمة”، و”أطلقوا سراح الصحافيين المعتقلين”.
من ناحيته، نفى الصحفي أفشين أمير شاهي، “الاتهامات غير صحيحة بحق الصحفيتين نيلوفر وإلهة”، ووصفهما بأنهما “ناجحتان، وملتزمتان، وقامتا فقط بعملهما”.
وأكد أن نشر صورة جينا أميني على السرير في المستشفى، وتغطية مراسم التشييع، والأربعينية “ليس جرماً، وهما من أبجديات العمل الصحفي“.
من جهتها، قالت الصحافية سارا معصومي: إن “أقلام الصحفيتين كانت في خدمة الحقيقة، وليس في خدمة السلطة”.
واعدَّت، الاتهامات ضدهما “لن تؤثر على حكم الرأي العام تجاههما”.