بيريفان خليل_
في الوقت الذي يسعى فيه الكرد إلى توحيد الصف الكردي، يتواطأ حزب الديمقراطي الكردستاني PDK مع دولة الاحتلال التركي، الدولة المعادية للكرد والساعية لإبادتهم دوماً، فيفتح لها الطريق ويدعمها، فمن باشور كردستان إلى شنكال إلى مناطق الدفاع المشروع، فمخمور تتضح وصمة العار وصورة الخيانة أكثر على جبين الديمقراطي الكردستاني.
من 1992 إلى 1996 صورة الخيانة اتضحت
وأول صورة لخيانة حزب الديمقراطي الكردستاني للشعب الكردي تعود إلى احتجاج الشعب الكردي في باشور عام 1991 ضد نظام البعث، ومن خلالها استطاعوا استرجاع جزء من الأراضي الكردستانية في باشور كردستان، إلا أن فرح الأهالي بالنصر لم يدم طويلاً، حيث ظهرت توترات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني PDK، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني YNK، التي كانت موجودة من قبل وتحولت إلى صراعات في بداية أيار 1994. ومن قضاء رانيا اندلع الصراع الأول بين الطرفين فتوسع في جميع أنحاء باشور كردستان، وعلى إثرها أغلقت مقرات YNK في دهوك، ومقرات PDK في السليمانية. وبعد محاولات من رئيس الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، والأمين العام للوطني الكردستاني لوقف إطلاق النار، وإنهاء الحرب الأهلية، إلا أن تلك الجهود لم تثمر، فإيقاف التوترات والحرب استمر حتى نهاية عام 1994 لتعود إلى الواجهة منذ بداية عام 1995 واستمرت حتى 1995 آب، ومن ثم بدأت الحرب الأهلية للمرة الثالثة في رواندوز بين الطرفين، واستولى YNK على سفين وشقلاوة واقتربوا من بيرمام. في ذلك الوقت، بقي أقل من ثلث الأراضي في أيدي الحزب الديمقراطي الكردستاني، وبعد تواصل البارزاني مع حزب البعث، الذي دعمهم في الاستيلاء على هولير، مقابل تسليمه أنصار المعارضة العراقية في هولير وبيرمام.
في صباح يوم 31 آب عام 1996، تحركت قوات جيش البعث من كركوك والموصل إلى هولير، وبلغ عدد الجيش العراقي 30 ألف جندي، و150 دبابة. كان أول اختراق لقوات الاتحاد الوطني الكردستاني على طريق غور – هولير، فغادر الاتحاد الوطني هولير دون دفاع واحتل حزب البعث مدينة هولير، حيث وصلت دبابات البعث إلى أمام مبنى برلمان إقليم كردستان.
بعد شهر من أحداث 31 آب، هاجمت قوات الاتحاد الوطني مرة أخرى بمساعدة الحرس الوطني الإيراني، واستولت على السليمانية واقتربت من هولير، لكن البعث هدد YNK؛ إذا تقدموا أكثر، فسوف يقف إلى جانب الحزب الديمقراطي الكردستاني، ويهاجمون مرة أخرى.
وبعد تهديدات نظام البعث هاجمت الطائرات الحربية التابعة للدولة التركية قوات الاتحاد الوطني الكردستاني في كوي وشقلاوة، ورانيا لمنع تقدم قوات الاتحاد الوطني، ولم تسمح طائرات الدولة التركية لـ YNK بالتقدم لتستقر في حدودها السابقة، في دلالة واضحة على تآمر الأطراف الثلاثة ضد الاتحاد الوطني الكردستاني.
وبعد أن وضع حزب الديمقراطي الكردستاني يده بيد الدولة التركية، وبمشاركة مع النظام البعثي في العراق، تم تقسيم باشور كردستان إلى إدارتين في إقليم باشور نفسه، وعلى الرغم من وجود حكومة واحدة ومنطقة اتحادية واحدة، فقد تم إنشاء مركزين فعلياً، مركز هولير ودهوك، تابعين إلى الديمقراطي الكردستاني، ومركز سليمانية، وكرميان، تابعين للاتحاد الوطني.
هذه الحرب كانت على حساب هدر الدم الكردي، فأثر الهجوم الذي وقع في 31 آب، إلى استشهاد 450 شخصاً، وأصيب أكثر من 200 شخص، كما اختفى أكثر من 100 شخص، أما الإحصائية العامة لعدد شهداء الحرب الأهلية، فتقدر بـ 12 ألف شخص، ومئات الأشخاص في عداد المفقودين.
وبذلك أصبح تاريخ 31 آب تاريخ خيانة، في الوقت نفسه أصبح نموذجاً في تاريخ النضال الجديد في باشور كردستان، فلدى نشوب أي صراح بين القوى الكردية تلجأ إلى طائرات القوى الأجنبية لتتمكن من حماية وجودها.
التمهيد لاحتلال باشور كردستان
في الوقت الذي كان حزب الديمقراطي الكردستاني يحارب الاتحاد الوطني الكردستاني، وضمن فترة الحرب الأهلية، مهد الديمقراطي الكردستاني الطريق لدولة الاحتلال التركي لفرض هيمتنها على المنطقة وذلك ببناء قواعد عسكرية في عموم باشور كردستان، وأول قاعدة عسكرية لها أنشئت في عام 1994 في ناحية صلاح الدين (بيرمام)، التي تبعد عن هولير مسافة 36 كم، واستخدمت هذه القاعدة لعملها الاستخباراتي أيضاً، علماً أن هذه الناحية هي معقل رئيسي للبارزاني، وقيادات الديمقراطي الكردستاني.
وعقب أول قاعدة، أقامت دولة الاحتلال قواعد عسكرية في كل من هولير، ودهوك، وزاخو، وباتوفي، وبامراني، وكاني ماسي.
ووفقًا لمصادر محلية، فإن القاعدة التركية في كاني ماسي يتواجد فيها 580 جنديًا تركياً، وفيها ترسانة كبيرة من الأسلحة، وتعدّ أكبر قاعدة لها بباشور كردستان، وقاعدتها في بامراني أكبر قواعدها اللوجستية، وفيها مطار تستخدمه القوة فيها، بالإضافة إلى أن قاعدة باتوفي، هي أكبر قواعدها الاستخباراتية، وتقع في زاخو.
وحسب وكالة الاتصالات التابعة للمحتل التركي، التي نشرت معلومات في نيسان 2020، أشارت فيها إلى أن هناك 37 قاعدة عسكرية تركية في باشور كردستان، إلا أن العدد أكبر من ذلك حسب مراقبين، ومحللين بهذا الشأن، فالقواعد تقع على عمق 10-80 كيلومتراً من خابور (زاخو)، إلى جومان (سوران) في محافظتي دهوك وهولير، وتنتشر على امتداد طولي بنحو 300 كيلومتر.
ومن قواعد دولة الاحتلال في باشور: بامرني، شيلادزي، باتوفه، كاني ماسي، كري بزز، بيكوفه، كري بيي سينكي، سوري، كوبكي، قيرميري بيرواري، كوميري، كوخي سبي، دري داويتا، سري زر، وادي زاخو، امدية، زليكان (بعشيقة) وحرير، وزمار، وسوران، وقلعة كولان وسيدكان، هذا عدا القواعد العسكرية المستخدمة للأغراض الاستخباراتية، حيث أكدت مصادر محلية، بأن هناك أربعة مقرات رئيسية في باشور كردستان، هي (أمدية وباطوفه، وزاخو (حي بي داره)، وفي دهوك (حي كري باسي)، وهناك أيضًا العديد من المراكز الاستخباراتية السرية في محافظتي دهوك وهولير.
تسليم شنكال نموذج آخر للخيانة
لم يتوقف مسلسل الخيانة في ظل الحرب الأهلية بل تعدى ذلك ليتكرر بصور مختلفة، فتسليم شنكال إلى مرتزقة داعش في الثالث من آب 2014، صورة واقعية أخرى للخيانة، حيث تنصلت البيشمركة التابعة للحزب من مسؤوليتها في حماية الإيزيديين، وتركتهم عرضة لوحشية مرتزقة داعش، فقتل الآلف منهم، واغتصبت نساؤهم، وبيعت في أسواق النخاسة.
إلا أنه وبمساعدة الثوريين المناضلين من الكريلا، تم إنقاذ الإيزيديين، وفتح ممر آمن لهم إلى روج آفا، واستطاع الإيزيديون بعد ذلك الاعتماد على ذاتهم، وتأسيس إدارة خاصة بهم، وتشكيل قوى حماية خاصة بهم، من وحدات حماية شنكال، ووحدات حماية شنكال ـ المرأة، وبعد ذلك أصحبت القوة والإرادة الحرة. وعاد مرة أخرى الديمقراطي الكردستاني بدفع من دولة الاحتلال التركي للتدخل في شؤونهم من جديد، وذلك بعقد اتفاقية مع حكومة بغداد في التاسع من تشرين الأول عام 2020، وحسب الاتفاقية تعود الحكومة العراقية إلى شنكال وذلك بإنهاء الإدارة الذاتية، التي تشكلت بإرادة أهلها هناك، ومن خلال نشر العملاء بين الأهالي في شنكال يسعى المحتل التركي بيد حزب الديمقراطي الكردستاني إلى تفكيك المجتمع الإيزيدي، والوقوف إلى طرفهم لتطبيق الاتفاقية الرامية إلى كسر إرادة الشعب الإيزيدي.
اغتيال الوطنيين أسلوب آخر من التواطؤ
في السنوات الأخيرة تحولت باشور كردستان إلى ساحة لتصفية الثوريين والوطنيين والمناضلين الكرد، فيستهدفون ويغتالون من قبل دولة الاحتلال التركي بتواطؤ من حزب الديمقراطي الكردستاني، الذي له اليد في إيصال المعلومات استخباراتياً إلى دولة الاحتلال، كما أنه يلازم الصمت، جراء ما تفعله الحكومة التركية.
حيث استهدفت واغتالت العديد من الشخصيات الوطنية، ومنهم محمد زكي جلبي في حي بختياري في السليمانية، وأبو زيد عبد الله عبيد في مخمور، وعضو مجلس حركة حرية المجتمع الكردستاني (حركة الحرية) والكاتب سهيل خورشيد المعروف باسم “ماموستا شمال” في ناحية كفري ماموستي، والناشطة والأكاديمية ناكهان أكارسال، وكان آخر استهداف لقائد سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي في مطار هولير.