سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

تصعيدٌ عسكريّ وسياسيّ قبل إعادة الانتخابات الرئاسيّة التركيّة

رامان آزاد_

أخفق حزب العدالة والتنمية في كسب الانتخابات الرئاسيّة من الجولة الأولى الأحد 14/5/2023، فلجأ إلى أسلوبه المعهود بالتصعيد العسكريّ والتهويل والابتزاز السياسيّ فيما يتصل بالأزمة السوريّ وطرحِ قضايا اللاجئين السوريين والمسار التصالحيّ وربط ذلك بالأمن القوميّ التركيّ لتحريض الناخبين، ليجددَ أردوغان رفضَ الانسحاب من سوريا، فيما أثار وزير داخليته الحديث عن الميثاق المليّ، وتشهد مناطق شمال سوريا تصعيداً عسكريّاً.
رفض الانسحاب من سوريا
في مقابلة مع شبكة CNN الأمريكيّة الجمعة 19/5/2023 قال أردوغان “من خلال صداقتي مع الرئيس بوتين، اعتقدنا أنّه يمكننا فتح الباب، وتحديداً في معركتنا ضد الإرهاب في الجزء الشمالي من سوريا، الأمر الذي يتطلب تعاوناً وتضامناً وثيقاً”، في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطيّة، وكشف الرئيسُ التركيّ عن عدم نيته بسحبِ قواته من سوريا، مؤكداً استمرار الوجود التركيّ شمال سوريا. وقال: إنّه “لا يفكر بسحب الجنود الأتراك من سوريا لأنَّ التهديد الإرهابيّ لبلاده لا يزال ماثلاً”، بحسب زعمه. وأضاف: “السبب الوحيد لوجودنا العسكريّ في سوريا هو محاربة الإرهاب، فلدينا أكثر من 900 كم من الحدود، وعبر هذه الحدود هناك تهديد إرهابيّ دائم لبلدنا”.
وفي سياقِ طمأنة ناخبيه حول مصير اللاجئين السوريين قال أردوغان: إنّ “بلاده ستضمن عودة اللاجئين إلى سوريا، وأنَّ أنقرة أعدّت مشاريع لبناءِ مساكن في سوريا، من أجل عودة قرابة مليون لاجئ”. مشيراً إلى أنّ المنظمات غير الربحيّة التركيّة تقوم ببناء وحدات سكنيّة في الأجزاء الشماليّة من سوريا ليتمكنَ اللاجئون هنا في تركيا من العودةِ إلى بلدهم.
قضية اللاجئين هي أحد أهم الملفات المثارة في السجال الانتخابيّ التركيّ، ففي مقطعٍ مصور نشره مرشح المعارضة كمال كيليشدار أوغلو على صفحته على موقع تويتر في 17/5/2023 قال: إنّه لن يترك الوطنَ لهذه الذهنيّة (في إشارة إلى سياسة أردوغان) التي ستساهم بزيادة عدد اللاجئين في تركيا من 10 ملايين إلى 30 مليوناً بالفترة المقبلة، وأضاف: إنَّ ارتفاعَ عدد اللاجئين من شأنه أن يُهددَ التركيبة السكانيّة الديمغرافيّة لتركيا”.
وقال وزير الخارجية التركيّ إنّ بلاده اتخذت خطوة جادة نحو تطبيع العلاقات مع سوريا، معتبراً أنَّ هذه العملية لا يمكن تنفيذها إلا من خلال مشاركة عسكريّة ودبلوماسيّة حازمة ومتسقة.
ما تقصده حكومة العدالة والتنمية بخطوةٍ واحدةٍ لمواصلة مسار التصالح مع دمشق، هو التعاونُ في استهدافِ الإدارةِ الذاتيّةِ، وإرادةِ الشعوبِ وحقها بالحياة الطبيعيّة.

المنطقة الآمنة والميثاق المليّ
وفي أول تصريح له حول مسألة اللاجئين السوريين بعد الانتخابات البرلمانيّة والرئاسيّة جدّد وزير الداخلية التركيّ، سليمان صويلو، في لقاء مُتلفز مساء الأربعاء 17/5/2023، موقف حكومة الاحتلال التركيّ من مسألة ترحيل اللاجئين السوريين المقيمين على الأراضي التركيّة، وأكّد أنّه “لا يمكن إرسالهم إلى الموت”، وقال: إنَّ “الحكومة التركية لن تجعل من تركيا “مستودعاً للاجئين، لكن السوريين إخواننا، ولا يمكننا إرسالهم إلى الموت، مع وجود فرصة لإرسالهم إلى المناطق الآمنة، حيث سيتم بناء 240 ألف منزل في المنطقة ستستقبل مليون شقيق سوريّ”.
وحول مطالب المعارضة التركيّة بترحيل اللاجئين السوريين، أكّد صويلو أنَّ معظم السوريين الذين لجأوا إلى تركيا هم من حلب، مشيراً إلى أنَّ “حلب هي ضمن حدود ميثاقنا الوطنيّ، أي إنَّ هؤلاء هم شعبنا”. وأضاف: “كسياسة دولة، عارضت جمهورية تركيا دائماً تجنيس مواطنين تركمان سوريين وعراقيين. لكن ذلك تحوّل إلى مشكلة لذا قمنا بمنحهم الجنسية فهم إخوتنا”.
وذكر صويلو “أنّ 553 ألفاً و335 من إخواننا السوريين عادوا طوعيّاً إلى المناطق الآمنة حتى الآن”، وأن “آفاد” وضعت خططاً لإعادة المزيد، بدون أيّ تكاليف من خزينة الدولة وبالتعاون مع المانحين الدوليين. وأضاف: “لدينا عقد مع صندوق قطر. تم بناء مبانٍ حديثة للغاية. إذا عاش الأهالي هناك لفترة معينة، فستكون المنازل ملكه”.
من المؤكد أنّ صويلو أراد بتصريحه الظهور بمظهرِ القوة، ليستقطب الناخبين الأتراك، بعد حسم نتيجة الانتخابات البرلمانيّة لصالح تحالف حزبه، ليرفضَ مطالب دمشق بانسحاب الجيش التركي من المناطق السوريّة شرطاً لمواصلة المسار التصالحيّ والتطبيع مع أنقرة.
وتروّج أنقرة لعنوان “المنطقة الآمنة” على أن تُسكنَ فيها سوريين موالين لها ليسوا من أبناء تلك المناطق، وهم اللاجئون الذين قضوا أكثر من عقدٍ من الزمن على أراضيها، يُضاف إليهم المستوطنون الذين جيء بهم من مختلف أنحاء سوريا إلى تلك المناطق. وفي هذا السياق أعلن أردوغان في 4/5/2022 خطة إعادة مليون لاجئ سوري إلى ما سمّاها “المنطقةِ الآمنة”، وهي بالحقيقةِ جزءٌ من خارطة “الميثاق الملي”، أي تثبيت واقع الاحتلال بالتوطين والتغيير الديمغرافيّ.
وفي سياق التصريحات المتبادلة بين دمشق وأنقرة، استغل الرئيس السوريّ بشار الأسد منصة قمة الجامعة العربيّة في دورتها 32، التي انعقدت في جدة، الجمعة 19/5/2023، للردِّ على تصريحات تركيّة دون أن يسميها بالاسم مباشرةً جاعلاً التهديد الإسرائيليّ والتركيّ أهم عناوين المخاطر التي تواجه العرب.
وقال الأسد في كلمته: “علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهددُ مستقبلنا وتنتج أزماتنا”، وأضاف: “العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، وهي لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيونيّ المنبوذ عربيّاً بحق الشعب الفلسطينيّ المقاوم ولا تنتهي عند خطر الفكر العثمانيّ التوسعيّ المطعّمِ بنكهةٍ إخوانيّةٍ منحرفةٍ”.
ربطُ الخطر التركيّ بإسرائيل له دلالات بعيدة إذ لطالما اعتبرت دمشق في خطابها السياسيّ الرسميّ أنّ إسرائيل تمثل خطراً وتهديداً وجوديّاً ووصفتها بالكيان الاحتلالي التوسعيّ. وبذلك أرادت وضعَ التهديدِ التركيّ في السياقِ القوميّ العربيّ، بعد الاحتضان العربيّ لدمشق الذي وضع نهاية للمقاطعة العربية لدمشق لأكثر من 12 سنة وتعليق عضوية دمشق في الجامعة العربيّة في 12/11/2011.

تصعيدٌ تركيّ عسكريّ
لم تكتفِ أنقرة بالتصريحات السياسيّة الرافضة للانسحابِ من الأراضي السوريّة، بل لجأت إلى التصعيد العسكريّ، لتستهدف بعد ظهر الجمعة طائرة مسيّرة تركيّة موقعاً عسكريّاً لقوات حكومة دمشق في محيط قرية مجرى وسطانيّ في ريف منبج الشمالي، ما أودى بحياة أربعة جنود وإصابة آخرين
ومساء الخميس 18/5/2023 استهدفت طائرة مُسيّرة تركيّة سيارة مدنيّة في قرية الخاروفيّة بريف منبج الجنوبيّ ما أدى لاستشهاد المواطن عبد الوهاب الحج حميدي. وادّعت وسائل إعلام تركيّة أنّ القصف استهدف سيارة عسكريّة.
وكانت مدفعية جيش الاحتلال التركيّ قد قصفت صباح الأربعاء 17/5/2023 قرية جديدة بريف عين عيسى والطريق M4 الدولي غرب الناحية، ما أدى لإصابة خمسة مواطنين بينهم قاصر، فيما تسبب قصف مخيم عين عيسى باندلاع حريق فيه. كما أضرم مرتزقة الاحتلال التركيّ النيران في الأراضي الزراعيّة في قرية شعالة في مقاطعة الشهباء يوم الأربعاء.
حضور الميثاق في خطابِ العدالة والتنمية
يبدي مسؤولو حزب العدالة والتنمية رفضهم اتفاقيتي سيفر في 10/8/1920 ومن بعدها لوزان في 24/7/1923، والتي رسمت حدود الدولة التركيّة الحالية. ويستحضرون التاريخ العثمانيّ، باعتباره رافعة وصولهم للسلطة، واعتباره الأساسَ التاريخيّ المتين للأتراك، وأنّها كانت إمبراطوريةً مترامية الأطرافِ، وبضعفها ولدتِ الجمهورية التركيّة لتكونَ شكلاً من الاختزالِ والتقزيم، وتكرر الحديثُ عن مشروعٍ عثمانّي بالمنطقة على لسانِ أوائل المؤسسين لحزب العدالة والتنمية قبل التأسيس، وكان عبد الله غول أول من تحدث عنه عام 1992، وقال “أرى أنَّ هذه النقاشات حول المفاهيم، مثل الجمهورية الثانية أو العثمانيّة الجديدة، صحيّة جداً”.
وفي عام 2003، وبعد وصوله إلى السلطة، قال عبد الله غول في حوار مع صحيفة تركيّة “إن خلق تركيا داخل الأناضول وحبسها هناك غير وارد؛ حدود تركيا الكاملة ليست الحدود الرسمية تأثير تركيا ومصالحها يتخطى حدودها”.
في 8/8/2011، قال أردوغان، وكان رئيس الوزراء: “سوريا ليست مسألة خارجيّة بل نراها شأناً داخليّاً تركيّاً”.
وفي 15/7/2012، قال أردوغان: “يسألوننا عن أسباب انشغالنا بسوريا؛ الجواب بسيط للغاية، لأنّنا بلد تأسس على بقية الدولة العثمانيّة العليّة. نحن أحفاد السلاجقة، نحن أحفاد العثمانيين، نحن على امتداد التاريخ أحفاد أجدادنا الذين ناضلوا”.
بعد فشل مشروع الإسلام السياسيّ في مصر والإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي في 30/6/2013، طرأ تغيير على الخطاب السياسيّ للمسؤولين الأتراك، وتحول من العناوين العثمانيّة العريضة إلى الميثاق المليّ، وبدأ ذلك بوضوحٍ بعد نحو شهر من الاحتلال التركيّ لمدينة جرابلس الحدوديّة في 24/8/2016.
في 19/10/2016 وبعد رفض الحكومة العراقيّة مشاركة تركيا بعملية تحرير الموصل من مرتزقة “داعش”. ردّ الرئيس التركيّ أردوغان، على القرار العراقي قائلاً: “عليهم قراءة الميثاق الملّي ليفهموا معنى الموصل بالنسبة لنا”، وأضاف: “الموصل كانت لنا”.
وقال أيضاً: “إذ نعيش الأحداث في سوريا والعراق، فإنَّ الجيل الجديد يجب أن يعرفَ جيّداً شيئاً؛ عجباً ما هو الميثاق الملّي، يجب أن نعرف هذا جيداً، إذا درسنا “الميثاق الملّي” وإذا فهمنا الميثاق الملّي فإننا نفهم جيّداً مسؤوليتنا في سوريا والعراق، وإذا كنّا نقول علينا مسؤوليّة في الموصل، فمن أجل ذلك علينا أن نكون على الطاولة وفي الميدان، ولهذا هناك سبب، للأسف لم نستطع أن نحميَ ميثاقنا الملّيّ على حدودنا الغربيّة أو الجنوبيّة، هم أرادوا أن يحبسونا داخل قشرة، وهذا المفهوم نحن نرفضه، هم يريدون منذ عام 1923 أن يحبسونا في هذا المفهوم من أجل أن يجعلونا ننسى ماضينا السلجوقيّ والعثمانيّ”.
وفي مناسبة أخرى قال: “لم نستطع أن نحميَ ميثاقنا الملّي. إذا تأملنا جيداً في التطورات في سوريا والعراق هناك شيء أريد أن أقوله، نحن يتحتم علينا أن نكون من جديد أصحاب الميثاق الملّي”.
في 11/1/2018 وقبل العدوان التركيّ على عفرين قال أردوغان في اجتماعٍ في المجمع الرئاسيّ إنّ “شمال سوريا كانت ضمن حدود الميثاق الملّي، ولن نسمح بقيامة كيان إرهابيّ هناك”. وجدد تأكيده على الميثاق المليّ بعد بدء العدوان في 24/1/2018 قائلاً: “لا تنسَوا حساسيتنا تجاه حدود الميثاق الملّي. حدود الميثاق هي حيث يوجد الآن الإرهاب في شمال سوريا وشمال العراق”.
في 7/1/2019، تحدث وزير الداخليّةِ التركيّ سليمان صويلو في مقابلة تلفزيونيّة مع قناة “خبر تورك” عن منطقة الميثاقِ الملّي في معرضِ حديثه عن اللاجئين السوريين في تركيا وعن الأزمةِ السوريّة، فقال: “إنّ 62% من اللاجئين السوريين في تركيا جاؤوا من أراضي حدود الميثاق المليّ. وفي معركة “جناق قلعه” سقط 1102 شهيد من سوريا. ومنذ عام 2011 قدّمت تلك الأراضي من أجل بلادهم 71 ألفاً و923 شهيد، ولا يمكن بعد هذا أن نقول ما الذي يفعلونه هنا”.
في مطلع شباط 2020 انتقد زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليشدار أوغلو وجود تركيا في سوريا بعد مقتل 16جندياً تركياً في إدلب قائلاً: “أي شأن لنا هناك؟” فرد عليه أردوغان في 5 شباط رابطاً الوجود التركيّ في سوريا بحدود الميثاق الملّي وقال: «هل يعرف كيليشدار أوغلو أن توقيعَ مصطفى كمال موجودٌ على الميثاقِ الملّي”. في 15/2/2020 وأضاف: “إنّنا مستعدون للموت على هذا الطريق في إدلب، وسوف يتحوّل النظام بضربةٍ واحدةٍ إلى جثّةٍ”.
وفي 20/7/2021 وفي انتهاكٍ صريح للقانون الدولي، قام وزير الداخليّة التركيّ سليمان صويلو أول أيام عيد الأضحى بزيارة إلى مدينة عفرين المحتلة وفق ما ذكرت وكالة “الأناضول” التركية. وادّعى صويلو أنّ تركيا لم تدمّر أيّ مكانٍ ذهبت إليه ولم تظلم أتباع أيّ دينٍ أو معتقدٍ. وأضاف “مسؤوليتنا لا تنحصر بأنفسنا فحسب، بل تشمل المناطق المجاورة لنا أيضاً بقدر مسؤوليتنا تجاه شعبنا”. وحديثه تفنده آلاف الوثائق المرئية للشهداء والمصابين ومشاهد الدمار للبيوت والمرافق العامة التي تسبب بها العدوان التركيّ على عفرين والتي نقلتها مختلف وسائل في العالم والسرقات المختلفة بدءاً من معامل حلب وحتى زيت عفرين وآثارها.
وفي تصريح مثير للجدل قال صويلو، في 21/7/2021 مبرراً الهجمات الاحتلالية: “إنّ “الأيام التي نذهب فيها إلى العراق وسوريا سيراً على الأقدام من هنا ليست بعيدة، فهي قريبة بإذن الله”. جاء ذلك في كلمة لسليمان صويلو في مهرجان حضره في مدينة شرناخ.
وفي مقابلة على شاشة TGRT التركية، في 5/5/2022، وفي معرض الحديث عن اللاجئين السوريين والمطالبات بإعادتهم إلى سوريا، قال سليمان صويلو: “يقولون أعدهم إلى سوريا، لنعدهم إلى حلب ولنرَ ما سيحدث بهم”.
في 23/1/2023 قال ياسين أوقطاي مستشار الرئيس التركيّ خلال لقاء متلفز على قناة البلدülke TV  التركيّة إنّ السيطرة على مدينة حلب ستخفف من عدد اللاجئين السوريين، وأضاف: “أعتقد أن هذا هو ما يجب أن تطالب به تركيا، يجب وضع حلب تحت السيطرة التركية”. وأشار إلى ضرورة ضمان هذا الوضع مؤقتا، وإذا تم ذلك، يمكن لحوالي 2 مليون سوري العودة طواعية.
بالمجمل إثارة مسألة الميثاق هي مخطط توسعيّ احتلاليّ، تحت عناوين الأمن القوميّ والمنطقة الآمنة بتكلفةٍ منخفضةٍ جداً، يتمُّ الاعتمادُ في تنفيذها على سوريين من التركمان والإخوان المسلمين وقد أنشأت أنقرة منهم جيشاً “انكشاريّاً” ليكونَ أداةَ التنفيذِ.

kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle