دجوار أحمد آغا_
لعل المسألة الأبرز، والمعضلة الأهم في سياق حل القضية الكردية، يكمن في مسألة قراءة التاريخ بشكل صحيح، وعليه السير وفق الحاضر حسب المعطيات، والقراءات الصحيحة وبناء مستقبل واعد لهذا الشعب، الذي عانى الكثير من الفظائع والأهوال.
الكرد قوم أشداء ذوو بأس، يعيشون في مناطقهم التاريخية بلاد ميزوبوتاميا العليا، أي بين النهرين (دجلة والفرات). هؤلاء القوم يتميزون بالشجاعة والقوة، كما يتصفون بكرم الضيافة وحسن التعامل، وإن الصورة التي أخذها الغرب عنهم هي المحاربون وقطاع الطرق، رغم أنهم من الشعوب القديمة، التي بنت حضارات عظيمة لها تاريخ عريق وأثار ما تزال شاهدة على عظمة هذا الشعب المنحدر من سفوح جبال زاغروس وطوروس إلى سهول شهرزور، وضفاف بحيرة وان وأورمية.
الحضارات القديمة
أجداد الكرد بنوا حضارات عريقة، وإمبراطوريات كان لها تأثير كبير على شعوب عديدة، وامتدت رقعتها الجغرافية على مناطق شاسعة في الشرق الأوسط، ولعل من أشهر وأبرز هذه الحضارات:
ـ الإمبراطورية الميتانية التي كانت تُعّد في وقتها من أقوى الدول في العالم، فامتدت أراضيها لمناطق واسعة، وكانت عاصمتها “واشوكاني” بالقرب من سري كانيه المحتلة، وقد تواصلت مع الحضارة الفرعونية حيث تزوجت الأميرة الميتانية “نفرتيتي” فرعون مصر، ونقلت إليها عبادة الإله الواحد.
ـ كما أن الهوريين قد أسسوا إمبراطورية شاسعة، وكانت عاصمتهم “أوركيش” الواقعة في تل كري موزا على الطريق بين عامودا وقامشلو، كان لها تأثير كبير على الشعوب والحضارات المجاورة.
ـ المملكة الميدية كانت الأكثر شهرة حيث نبعت شهرتها من قيامها بقيادة تحالف شعوب لإنهاء ظلم، وطغيان الأباطرة الآشور، حيث قادت هذا التحالف، وانتصرت في معركة ضد نينوى العاصمة الآشورية سنة 612 قبل الميلاد، وانتصرت عليها، كما أنها تركت الكثير من الآثار في عاصمتها “أكباتان” الموجودة بالقرب من مدينة همذان الحالية روجهلات (شرق كردستان).
ملاذ كرد ودخول السلاجقة 1071
مع مجيء السلاجقة الأتراك من صحارى قره قوم، وتوجههم إلى مناطق الكرد، الذين قدّموا لهم كل الدعم والمساعدة والتي هي من طباعهم، وساعدوهم في معركة ملاذ كرد، التي جرت في 26 آب 1071 بينهم، وبين الروم البيزنطيين. ولولا دعم الكرد لهم وإمداد السلاجقة الأتراك بالفرسان والجنود؛ لما استطاعوا تحقيق النصر.
بعد الانتصار في ملاذ كرد، توجه الأتراك إلى أواسط الأناضول مستمرين في القتال إلى أن وصلوا للقسطنطينية سنة 1453، وبعد حصار دام 55 يوماً تم احتلالها والاستيلاء عليها، وبعدها توجهوا إلى دول البلقان، واحتلالها باسم الفتوحات الإسلامية.