بيريفان خليل _
تتحد الرؤية الكردستانية بأن الانتخابات الرئاسية، والبرلمانية المقبلة في تركيا مصيرية، وبحاجة إلى تغيير للنظام المتسلط، وبأن مشاركة المرأة لصناديق الاقتراع كفيلة بهزيمة الفاشية.
في المنافسة الشديدة قبيل الانتخابات التركية الرئاسية، والبرلمانية، التي من المزمع إجراؤها في 14 أيار الجاري، تتصدر “هزيمة أردوغان” والمساعي من أجل ذلك التوقعات حسب استطلاعات، واستبيانات وتحليلات عن هذا الشأن، ويعود ذلك إلى الرغبة، والسعي للتخلص من النظام المستبد المتسلط في تركيا، والذي يعرف بجرائمه داخل وخارج تركيا؛ في الداخل ممارسات لاأخلاقية، ولا إنسانية من قمع واعتقالات، خاصة تجاه معارضيه وبحق الصحفيين والصحفيات، وفي الخارج أيضاً جرائم وانتهاكات بأشكال مختلفة، واحتلال وتغيير ديمغرافي، وهدر للدماء.
وتأتي أهمية هذه الانتخابات في الشخص الذي سيتربع على كرسي الرئاسة، وما مستقبل الحكم في تركيا حال فوز أحدهما، ففوز كل واحد منها يعني مرحلة جديدة لتركيا وخارجها عامة، إما مرحلة الانهيار والدمار أكثر، أو مرحلة للحرية والديمقراطية، وعلى هذا الأساس تتأرجح كفة ميزان التصويت قبيل الانتخابات، حيث تنخفض نسبة التصويت لأردوغان، الذي بفوزه ستتعقد الأزمات أكثر نحو مزيد من الفساد والانهيار، وترتفع نسبة منافسه كيليشدار أوغلو، في أمل من الشعب أن تتغير ذهنية النظام الفاشي، ويصبح هناك منفس شعبي ينعم بالديمقراطية والحرية.
الرؤية الكردستانية للانتخابات
ولأن الانتخابات لها تأثير كبير على الساحة الكردستانية؛ لأن الكرد أكثر الشعوب تضرراً من سلطة أردوغان، بدءاً من اعتقال قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان وتشديد العزلة عليه، وانتهاء بالقمع والاعتقالات، والقصف اليومي سواء على مناطق الدفاع المشروع، أو بباكور كردستان وتركيا، فتتحد الرؤية الكردستانية من أن هزيمة الفاشية بداية لإنهاء الإبادة، والقضايا العالقة في تركيا وخارجها.
ومن ساحات المقاومة يؤكد الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني، جميل بايك: “سيثبت مع إجراء هذه الانتخابات ما إذا كان بالإمكان تغيير السلطة في تركيا من خلال الانتخابات أم لا، وتكمن أهميتها بالنسبة للقوى الديمقراطية لهذا السبب، وإذا ما أظهرت القوى الديمقراطية موقفاً قويًّا، ولم تسمح لسلطة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية بالاستيلاء على السلطة مرة أخرى، فإن هذا سيخلق مرحلة مهمة لسياسة تركيا”.
بالطبع توحيد الصف وبخاصة الكردي ضد سلطة أردوغان مهم جداً في هذه الانتخابات، وسيحسم التصويت بين المنافسين، ضمن هذا الإطار يعلق بايك: “يجب أن تكون الانتخابات تعاوناً للقوى الديمقراطية في تركيا، وقوى الحرية والديمقراطية الكردية، يجب دعوة كل الذين يطالبون بدمقرطة تركيا، فإذا نتحدث عن النضال ضد الفاشية، حينها يجب أن يكون النضال والموقف المشترك واسعاً، إن الشعب الكردي وقوى الديمقراطية في تركيا قدموا تضحيات كبيرة، وبنضالهم، أوصلوا حكومة العدالة والتنمية والحركة القومية الفاشية إلى حافة الانهيار، فإذا استمر النضال بهذا التصميم، وتم تبنّي صناديق الاقتراع، حينها سوف تُهزَم الحكومة الحالية”.
الإطاحة بالفاشية إطاحة بسياسة الإبادة
وهناك رؤية كردستانية في أن الإطاحة بالحزب المتسلط تعني الإطاحة بسياسة الإبادة ضد الشعب الكردي، هذا ما يوضحه عضو المجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني، خبات آندوك تعليقاً على الانتخابات: “إن الإطاحة بفاشية حزب العدالة والتنمية، وحزب الحركة القومية من السلطة، ستعني الإطاحة بسياسات الإبادة الجماعية الممتدة على مدى قرن مضى في شخص حزب العدالة والتنمية، وحزب الحركة القومية، وستواجه جمهورية تركيا حتماً مرحلة التغيير، لأنه لا يمكن أن يتحقق ذلك بما هو موجود حالياً، فقد انتفضت إرادة في مواجهتها، لذلك، سوف تسعى القوى المنضوية ضمن النظام في القيام بذلك الأمر على أساس الترميم، لكن قوى الكدح، والحرية، ستحقق ذلك الأمر على أساس الثورة الديمقراطية”.
بالتأكيد هزيمة الفاشية سيكون لها وقع على الشعوب في المنطقة: “لا ينطبق هذا الأمر فقط على الكرد فحسب، بل ينطبق أيضاً على الجميع في تركيا، ويجب أن يكون معلوماً، ما لم تحل القضية الكردية في تركيا، فلن يكون هناك أي تقدم اقتصادي ولا أي وجود للاستقرار والديمقراطية”.
كردستان كلها تتأثر بالنتيجة
ومن مبدأ أن الانتخابات ستؤثر على عموم كردستان، تتعالى الأصوات من روجهلات كردستان (شرق كردستان)، حيث الانتفاضة الشعبية بقيادة المرأة تحت شعار “Jin Jiyan AzadΔ لضرورة هزيمة الفاشية؛ الرئيس المشترك للمجتمع الديمقراطي والحر في روجهلات (KODAR) فؤاد بيريتان، يجد بأن هذه الانتخابات ستحدد مصير الشعب الكردي، إذا أسفرت هذه الانتخابات عن نتائج جيدة، فسوف تؤثر على الأجزاء الأخرى من كردستان، إن الفاشية والديكتاتورية في تركيا وكذلك الحكومة الدكتاتورية تؤثر على وضع المقاومة في روج آفا (غرب كردستان) أيضاً، إن الانتخابات في باكور “شمال كردستان”، سوف تؤثر على مكانة روج آفا، التي تطورت بقيادة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وتحميها، وحتى من الممكن أن تؤثر على العالم عامة. ومن وجهة نظره، فإن الفوز في الانتخابات بباكور كردستان، سوف يؤثر على روجهلات كردستان، في الوقت ذاته، وسوف يؤثر على كامل المجتمع، والمؤسسات، والأحزاب السياسية، ومجتمع روجهلات كردستان، وإيران من كرد، وعرب، وآذريين، وشركس، وأولئك الذين يناضلون ضد الفاشية.
ويلفت الانتباه إلى ضرورة أن يلعب الشعب الكردي دوراً في هذه المرحلة، “أن يقود هذا العمل من أجل مستقبله، وأن يطوّر نموذج سياسته، وأن يقوم بدوره، حان الوقت لممارسة السياسة، السياسة هي تلك الساحة من أجل حماية الوجود والهوية، والكرامة، والثقافة، والنضال فيها، في عام 2023 والذي هو عام انتهاء اتفاقية لوزان، علينا التحرك، والقيام بمهمتنا، ومسؤولياتنا بناءً على ذلك، حينها نستطيع أن نحوّل هذا العام إلى عام النهضة من أجل شعوب الشرق الأوسط ، والشعوب الساعية إلى الحرية، والشعوب المضطهدة، وعاماً لحرية القائد آبو”.
هزيمة أردوغان هزيمة عملائه
ومن جزء آخر من أجزاء كردستان؛ باشور كردستان، تتوافق الرؤى في أن هزيمة أردوغان سيكون لصالح الشعوب جميعها، ليس الكرد فقط بل العرب أيضاً، وسيهزم معه من يخدمونه سواء في كردستان، أو خارجها. المراقب السياسي في باشور كردستان، ملا فرمان يؤكد بأن الانتخابات مهمة لتركيا كلها؛ لأن الوضع والحياة الديمقراطية في هذا البلد في خطر بسبب سلطة أردوغان، كما أنه مهم للكرد لأنهم بذلك التغيير يستطيعون اتخاذ خطوات أكبر، وحسب رأيه، أن النظام الرئاسي في تركيا هو نظام قديم وسيء، وغير صالح للمرحلة الراهنة، كما أن أحلام أردوغان وخططه لإحياء “الإمبراطورية العثمانية الإسلامية” تشكل خطراً حقيقياً ليس فقط على تركيا فحسب، بل أيضاً على جميع الدول العربية في المنطقة، مضيفاً: “أردوغان سيُهزم في هذه الانتخابات بلا أدنى شك، وإن هزيمة أردوغان هي هزيمة معاونيه، وخادميه، سواء أكانوا كرداً، أو عرباً، أو تركماناً، أو أياً كانوا، لن يستفيدوا بعد الآن، وعليهم تغيير نهجهم بعد هزيمة أردوغان”.
الاستعداد لمواجهة المحتل حال فوزه
ومن روج آفا، والتي عانت طوالا من الجور والاحتلال التركي، أوضح الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) صالح مسلم، أن هذه الانتخابات مهمة جداً بالنسبة لـ روج آفا، فإذا ما فازت هذه السلطة الفاشية في الانتخابات، فإنها سوف تسعى لاستكمال خطط الاحتلال على روج آفا، فهدفهم المنشود هو احتلال سوريا بالكامل، فالانتخابات تشكل تأثيراً مباشراً على قضية روج آفا وسوريا، حيث إن الحكومة الحالية لم تسمح حتى اليوم بإيجاد حل للقضية السورية، وتسعى لتنفيذ خارطة الاحتلال بعمق 32 كيلومتراً على حدود شمال وشرق سوريا، والتي صرح عنها أردوغان في مقر الأمم المتحدة، فإذا ما بقيت هذه القوى على رأس السلطة، فسوف تقوم بذلك الأمر، مشدداً: “نحن مستمرون في استعداداتنا للمقاومة ضد الفاشية، التي لا تعترف بأي معيار أو قانون”.
المرأة… القوة التي ستهزم الفاشية
عداء النظام الفاشي في تركيا للمرأة دفعها لتصعيد النضال ضده، وهزيمته بالتصويت لحزب الخضر اليساري، الذي يتضمن في لائحته أكثر عدد من المرشحات.
وسمت الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني بسي هوزات انتخابات 14 أيار بانتخابات المحاسبة مؤكدة: “إن النظام الفاشي يسعى لاستغلال انتخابات 14 أيار؛ لتبرير سياسات الإبادة بحق الكرد، والطبيعة، والمرأة، والعمال…. إن هذه الانتخابات تعدُّ مرحلة للتغيير الجذري في تركيا عبر إنهاء النظام الفاشي”.
ومن جانب آخر ناشدت سمرا أوزنوك؛ إحدى المتحدثات باسم مبادرة الكومونة الديمقراطية الثورية لأوروبا (ADDKÎ) للتصويت لصالح حزب الخضر اليساري، من أجل عودة اتفاقية إسطنبول، والدفاع عن حقوق المرأة في الدفاع عن النفس، وكذلك لأجل الوقوف ضد مفهوم الدولة التي تقصف الشعب الكردي، والتي تعيش وفق نظام الذهنية الذكورية، والقضاء على إرادة الحياة المشتركة للشعوب وحقوق العمال والكادحين” مشددة على أن المرأة هي القوة التي ستهزم الفاشية.
