عيد العمال ليس (عيدهم)!

محمد سعيد_

في الأول من أيار، في كل عام يحتفل العالم ـ وبعض العمال ـ بعيد العمال العالمي، هذا اليوم الذي من المفترض أن يكون مناسبة لتقدير جهود العمال ومكافأتهم، على ما بذلوه في شتى المجالات، ومختلف الأعمال في سبيل (الحضارة) مقابل أجر زهيد!

 فعندما ذكرت بدايةً، أن بعض العمال فقط يحتفلون بهذه المناسبة، فإنني أقصد ذلك بالتأكيد، لأن هؤلاء البعض هم وحدهم الذين يتقاضون أجراً جيداً، مقابل الأعمال التي يؤدونها أو الخدمات التي يقدمونها، وباقي العمال في العالم يتقاضون أجوراً لا تتناسب لا مع نوع العمل، ولا مع عدد ساعاته، ولا ينالون المعاملة الجيدة من قبل أرباب العمل، وهذه الغالبية موجودة في مختلف بلدان العالم، ولا سيما في إفريقيا وآسيا على وجه الخصوص، وبالطبع ليس في كل بلدان هاتين القارتين، وهذا يستدل عليه من خلال تدني مستوى دخل الفرد في معظم البلدان، والذي لا يتجاوز الدولار الواحد في بعض الدول، وهذا يعدّ مؤشراً خطيراً يزيد من أعداد الفقراء في العالم، وما ينجم عن هذه الزيادة من مشاكل اقتصادية وسياسية وأمنية واجتماعية.

وإذا ما تحدثنا، عن واقع الأول من أيار لهذا العام في مناطقنا، فلن نجد عاملاً واحداً يحتفل بهذا اليوم، لأن العمال يبحثون عن أرزاقهم في ساحات العمال، والذين يحتفلون بهذا اليوم وحدهم هم أرباب العمل، متجاهلين حق العمال في التعطيل في هذا اليوم، والاستراحة في بيوتهم على الأقل، ناهيك عن أجور العمال المتدنية، والتي تصل لدولارين في اليوم أو أقل حتى، والتي لا تكفي لمعيشة شخص واحد، فكيف بأرباب العائلات أعانهم وأعاننا الله؟!

ولا نستطيع إلا التحدث هنا، عن المعاملة السيئة التي يتلقاها العمال، وقلة الاحترام لشخصهم وأعمارهم من قبل بعض أرباب العمل، الذين لا يكترثون لأعمار الكثير من العمال، الذين يكبرونهم بسنوات ويعاملونهم بمنتهى الإجحاف وقلة الاحترام، ويحملونهم عدد ساعات عمل وأحمالاً تثقل كاهلهم، وترهقهم مستغلين حاجتهم للعيش وتربية أطفالهم.

إن العالم يتعامل مع هذا اليوم بمنتهى الاستخفاف والنفاق، فعوضاً أن يكون هذا اليوم ملفتاً إلى مطالب العمال وحقوقهم الواجبة على السلطات والمجتمع بقطاعاته المختلفة، تأمينها، واحترامها، وتأديتها على أكمل وجه، من خلال تحسين ظروف العمل وتقليل عدد ساعاته، ومنحهم أجور تتناسب مع قيمة العمل المنجز وكميته، ومنحهم الإجازات المستحقة بدون أي حسومات من أجرهم أو ضغوط… بل على العكس تماماً من ذلك مازال العمال يعانون من ظروف العمل الصعبة، والاستغلال بشتى أشكاله.

فالعمال لا يريدون منكم أن تحتفلوا بيومهم، وإنما يريدون منكم أن تدعوهم يحتفلون بهذا اليوم!