النساء ومعاناتهن مع كارثة الزلزال المدمّر

هيفيدار خالد_

بعد كارثة الزلزال المدمّر الذي ضرب سوريا وتركيا، وخلف وراءه أزمات إنسانية كبيرة، وصعوبات جمة في كافة مجالات الحياة، إذ بات السكان هناك يفتقدون لأبسط مقومات الحياة، وعلى وجه الخصوص النساء اللواتي غالباً ما يكون لهن النصيب الأكبر من انعكاسات هذه الكوارث، فالناجيات من الزلزال في تركيا يواجهن معاناة كبيرة نتيجة سياسات سلطات النظام التركي غير الإنسانية.

معاناة النساء في تركيا، تفاقمت بانعدام أبسط مقومات الحياة، ليتفاقم معها الحزن، والألم والوجع، بدءاً من فقدان الطعام إلى انعداد وسائل التدفئة، ومواد النظافة والمستلزمات الطبية والخدمات الصحية وكافة المواد الأساسية التي يمكن للفرد من خلالها مواصلة حياته الطبيعية.

بالطبع لا يخفى على عاقل أن تراكم تلك النواقص، والمعوقات جميعها يزيد من معاناة المرأة أضعافاً مضاعفة، لا سيما وأنها تعيش في الخيم المكتظة التي تفتقد للكثير من مقومات الحياة الضرورية، وإلى جانب كل هذه المآسي تعاني النساء اللواتي نجون من هذه الكارثة، ومن هولها صدمات نفسية كبيرة وقلقاً دائماً، إضافة إلى إحساسهن بعدم الأمان وبحثهن عن مكان يأويهن ويخرجهن مما يعشنه.

الكارثة تركت أثرها على الجميع، ولكنها آتت أوكلها أضعافاً على النساء؛ كون غالبيتهن يواجهن صعوبات كبرى منذ البداية، ويحملن عبء الحياة اليومية على كاهلهن. وخاصة أولئك اللواتي كان قدرهن العيش في تلك الخيم، التي يفتقدن الشعور فيها بالأمان، نتيجة عدم مراعاة الجهات التي تقدم المساعدات أي خصوصية للنساء فيها.

نعم الحزن، والتوتر، والقلق، والاكتظاظ في الخيم والمنازل المؤقتة، كلها عوامل تساهم في شقاء النساء؛ لذا يتطلب من الجهات المعنية، والمختصة والتي تعنى بقضايا المجتمع والأطفال والمرأة وخاصة الفئات المتضررة، لعب دور هام في هذا الخصوص وتوفير المتطلبات الأساسية كافة، التي هن بالأساس بأمس الحاجة إليها وخلق أرضية لتقديم الدعم والمستلزمات بما في ذلك الدعم النفسي.

وكما هو متوقع لم نشهد أي تحرك جدي من قبل السلطات التركية لمداواة جراح هؤلاء الناجيات، بل كانت المساهم الأكبر في تعميق جراحهن أكثر من خلال عدم تقديم الدعم اللازم في الوقت المناسب. السلطات التركية وكعادتها بقيت متفرجة إذ لم تتحرك بسرعة لتقم بالدور، الذي كان من المفترض قيامها به، بل اتبعت سياسيات ومخططات فتحت الطريق أمام ارتكاب مجازر حقيقية بحق من تبقى من سكان المدن التي دمرها الزلزال، وذلك عكس ما حصل في العديد من المدن الكردية الأخرى التي بادر سكانها بنسائهم ورجالهم وأطفالهم لتقديم الدعم للمتضررين، والوقوف إلى جانبهم في الفاجعة، التي حلت بهم لأنهم كانوا على دراية تامة أن الأنظمة هي من تخلق الأزمات وتعمقها، وأن الحلول بيد الشعب وحده، وأنه القادر على مداواة جراحه، واقتلاع شوكه بيده، بعيدا من مخططات الأنظمة السلطوية ومنافعها الخاصة.