الأرض ليست مفروشة بالزهور لكرة القدم النسائيّة في العالم

إعداد/ جوان محمد ـ يبدو للكثيرين بأن لاعبات كرة القدم في القارة الأوروبية والأمريكيتين وصلن إلى حقوقهن كافة، وهن متساويات مع الرجال في قضية الأجور، وأنهن حاصلات على راحة نفسيّة تامة في منتخباتهن، ولكن على العكس، فهن يكافحنَ ويناضلنَ للوصول لأبسط حقوقهن في عالم الكرة..
معاناة سيدات منتخب كندا!

في كندا هددت لاعبات منتخب للسيدات بكرة القدم بالإضراب عن الالتزام بالتدريبات ولعب المباريات التحضيرية لكأس العالم للسيدات 2023، وفي الحادي عشر من شهر شباط الماضي، طلبن تقديم الدعم المادي اللازم للمنتخب وللاعبات، وأكدت هذا الأمر كريستين سنكلير، قائدة المنتخب الكندي لكرة القدم للسيدات، إن الفريق سيدخل في إضراب بسبب نقص التمويل، حيث يعتقدن أن هذا الأمر سيؤثر على قدرتهن على تحقيق نتائج جيدة في بطولة كأس العالم للسيدات التي تقام هذا العام.

وجاءت الخطوة كرد على الاتحاد الكندي لكرة القدم الذي قام بخفض ميزانية المنتخب، ووجه منتخب السيدات بيان طالبن فيه الاتحاد الكندي بإجابة عن أسباب هذا القرار.

وذكر في البيان: “أن الاستعدادات لبطولة كأس العالم المقبل “تتعرض للخطر بسبب استمرار عجز الاتحاد الكندي عن دعم المنتخبات الوطنية”.

وأشار البيان إلى أن الاتحاد الكندي قلّص وقت المعسكرات التدريبية، وعدد اللاعبين والموظفين الذي يحضرون هذه المعسكرات، وذكر الفريق أنه تم إبلاغه بعدم إقامة أي مباريات ودية على أرضه قبل بطولة كأس العالم التي ستقام في أستراليا ونيوزلندا في 20 تموز المقبل.

وفي تصريحات سابقة لقائدة المنتخب الكندي كريستين سنكلير قالت: “تدرب بعضنا بقمصان مقلوبة، ولكن حقيقة أننا لم نسمع أي شيء من الاتحاد الكندي منذ أن عرضنا مطالبنا، ولم يبدِ احتراماً ويتواصلون معنا لتحديد موعد لإجراء اتصال طارئ، وكفريق قررنا الإضراب”.

وأضافت: “من الآن لن نشارك في أي نشاط تابع للاتحاد الكندي لكرة القدم حتى يتم حل هذا، سواء كان تدريباً أو مباريات، من الصعب قول هذا كرياضية تريد المنافسة، وتمثيل كندا ولكن فاض الكيل الآن”.

وبعد هذه الخطوات من قبل لاعبات المنتخب الكندي، فمؤخراً اقترح الاتحاد الكندي لكرة القدم، اتفاقاً يقضي بمساواة الأجور بين المنتخبات الوطنية للرجال والسيدات، ما يجعل منتخب السيدات الثاني الأعلى أجراً في العالم.

وذكر الاتحاد الكندي “سيصبح المنتخب الكندي للسيدات الثاني الأعلى أجراً من بين الأعضاء الـ211 في فيفا”. وينص الاقتراح على تجميع الدخل الناجم عن المشاركة في كؤوس العالم، وتوزيعها بالتساوي بين الفريقين.

وقال الاتحاد الكندي: “إذا وافقت عليها روابط اللاعبين واللاعبات، ستمنح هذه الاتفاقية الجماعية المنتخبين الوطنيين مبالغ مالية متساوية لدقائق اللعب التسعين، وسيتقاسمان المخصصات بالتساوي”.

وكان الاتحاد أعلن في الثالث من شهر آذار الجاري اتفاقاً مبدئياً لتمويل منتخب السيدات، آملاً في وضع حدّ للاتهامات بعدم المساواة بين الجنسين والتي أدت إلى أزمة ورحيل رئيس الاتحاد نيك بونتيس.

وأحرز المنتخب الكندي الميدالية الذهبية في أولمبياد طوكيو صيف 2021، ويُعدّ منافساً قوياً لمنتخب الولايات المتحدة حامل لقب بطولة العالم المقرّرة الصيف المقبل في أستراليا ونيوزيلندا.

استياء للاعبات المنتخب الإسباني

من جانبها رفضت أليكسيا بوتياس صاحبة جائزة أفضل لاعبة في العالم لعام 2022، لاعبة برشلونة والمنتخب الإسباني للسيدات، وصف زميلاتها في الفريق بالمتمردات، وذلك وسط خلافاتهن المستمرة مع خورخي فيلدا، المدير الفني لـ”لاروخا”.

فبعد تأهل المنتخب الإسباني للسيدات إلى كأس العالم، في أيلول الماضي، قررت 15 لاعبة الخروج من خيارات المدرب.

ووقف الاتحاد الإسباني في صف فيلدا، حتى الآن، رغم المطالبات من المجموعة المعارضة له برحيله، لأسباب تتعلق بالحالة النفسية للفريق، وقدرته على التعامل مع المواقف الصعبة ومع الآخرين.

وهو ما تسبب في حالة من الجمود بالمنتخب، قبل البطولة المقرر انطلاقها في 20 تموز المقبل في كلاً من نيوزيلندا وأستراليا، المضيفتان لنهائيات كأس العالم في كرة القدم للسيدات 2023.

ورفضت أليكسيا بوتياس فكرة أن يكون الفريق على خطأ، حيث تبذل جهداً لتوضيح وجهة نظر زميلاتها. وقالت نجمة برشلونة والعالم، في تصريحات لقناة “بي إن سبورتس”: “نحن لسنا متمردات، من المرهق أن نستمر في المطالبة بإحداث التطور لكي نؤدي بشكلٍ جيد، لا أعتقد أن الموقف يجب أن يكون كذلك”.

وأضافت: “إنها مشكلة بين اللاعبات والاتحاد، محادثات خاصة تم تسريبها، وهذا الموقف لن ينفع أحداً”.

نقطة تحوّل

وانتشت الكرة الأوروبية، وبدأت تحظى باهتمام كبير بعد يورو السيدات في شهر آب الماضي، حيث شهدت مشاهدة الملايين عبر الشاشات الفضائية والإنترنت وحضور جماهيري هو الأكبر في بطولات أوروبا، والذي بلغ أكثر من 87 ألف متفرج، للمباراة النهائية من بطولة أمم أوروبا لسيدات كرة القدم 2022، بين سيدات منتخب إنكلترا البلد المضيف وألمانيا حاملة اللقب لثمان مرات.

المباراة شهدت الكثير قبل وبعد إقامتها، والبداية من تعيين حكمة المباراة، فقد اختار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) الحكمة الأوكرانية كاترينا مونزل لإدارة نهائي البطولة.

وكانت كاترينا مونزل قد تركت بلادها وسافرت إلى إيطاليا منذ عدة أسابيع بعد الهجوم الروسي على بلادها، في شباط عام 2022، كما تعد الحكمة هي الأولى التي تدير مباراة للرجال في الدوري الأوكراني الممتاز.

وتم اختيار كاترينا مونزل لإدارة مباريات في أربع نسخ من بطولات أمم أوروبا، كما أنها أدارت ثلاث مباريات في البطولة المقامة في إنكلترا حالياً.

وأخذت البطولة حيزاً كبيراً هذه المرة من الاهتمام من قبل الكثير من الشخصيات الرياضية والمدربين واللاعبين ومن جانبه أشاد الإسباني جوسيب غوارديولا مدرب نادي مانشستر سيتي بالتطور الذي تشهده كرة القدم للسيدات وجاء هذا التصريح قبل إقامة المباراة النهائية بين سيدات ألمانيا وإنكلترا.

وقال غوارديولا “أعتقد أنهن جديرات بالثناء عليهن، وأقصد كل لاعبات كرة القدم في العالم بسبب تطورهن وما فعلنه كان رائعاً جداً”.

وأضاف “قبل سنوات لم يكن هناك اهتمام من جانب وسائل الإعلام بما يحدث في كرة القدم النسائية، وحدث ذلك الآن لأنهن يقمن بعمل لا يُصدق”.

وذكر الاتحاد الألماني في بيان أصدره قبل المباراة أن المتابعة التلفزيونية لمباريات المنتخب تضاعفت، حيث شهدت المباراة الأولى لألمانيا في دور المجموعات أمام الدنمارك، متابعة 5.95 مليون مشجع، بينما تابع مباراة المنتخب أمام فرنسا، نحو 12.18 مليون مشجع.

وجرى إتاحة بث جميع المباريات بالمجان عبر قناتي “إيه آر دي” و”زد دي إف”. وأوضح الاتحاد أن قنوات التواصل الاجتماعي الخاصة به شهدت إقبالاً كبيراً، حيث سجل حساب منتخب السيدات على إنستغرام زيادة بنسبة 67% في عدد المتابعين، كما أن القناة التي أطلقها الاتحاد الألماني على “تيك توك” سجلت نمواً بنسبة 122%.

حضور جماهيري تاريخي

وبالفعل يبدو أن الكرة النسائية في أوروبا وفي العالم باتت تفرض نفسها وأصبحت تجذب المتابعين والمشاهدين بشكلٍ كبير فقد دخلت بطولة كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم للسيدات (يورو 2022) التاريخ، بعدما حققت عددًا قياسيًا في الحضور الجماهيري للبطولة.

فقد بلغ إجمالي عدد المشاهدين الذين تابعوا مباريات البطولة من المدرجات، أكثر من ضعف الرقم القياسي، الذي حققته النسخة الماضية في 2017.

وبعد انتهاء مباراتي الدور قبل النهائي في يورو 2022 للسيدات، وصل مجموع الجماهير الذين حضروا البطولة داخل الملاعب، 487683 متفرجًا، وهو ما يزيد كثيراً عن عدد المشجعين الذين حضروا النسخة السابقة التي أُقيمت في هولندا قبل خمسة أعوام وشهدت تواجد 240055 متفرجًا.

وكان بلغ أعلى حضور جماهيري لمباريات كأس الأمم الأوروبية النهائية، 79115 متفرجًا في نهائي البطولة القارية للرجال عام 1964 بين منتخب إسبانيا (المضيف) والاتحاد السوفييتي، على ملعب سانتياغو برنابيو.

وشهدت بطولة يورو السيدات بكرة القدم 2022، رقمًا قياسيًا لأعلى حضور جماهيري في إحدى مباريات أمم أوروبا للسيدات، عندما شاهد 68871 متفرجًا فوز إنكلترا على النمسا في دور المجموعات على ملعب أولد ترافورد.

وذكر الاتحاد الأوروبي “كان ما يقرب من 100 ألف طفل جزءًا من هذا الحضور، الذي حطم الرقم القياسي، بينما كان 47% من جميع المشجعين في الملاعب من الإناث”.

وفي المباراة النهائية بالفعل كان الحضور الجماهيري بارزاً وصادق التوقعات وتم تحطيم الرقم القياسي في الحضور الجماهيري المذكور آنفاً للرجال والسيدات فقد بلغ عدد المتفرجين في ملعب “ويمبلي” 87 ألف و192 متفرجاً، في رقم قياسي غير مسبوق.

وبهذا الحضور، بات نهائي يورو 2022 بين إنكلترا وألمانيا صاحب أعلى حضور في تاريخ مباريات اليورو، سواء للرجال أو السيدات.

وفي المباراة النهائية من يورو 2022 للسيدات انتهى الوقت الأصلي بالتعادل الإيجابي بهدف لهدف، حيث بادر منتخب إنكلترا بالتسجيل عن طريق إيلا تون في الدقيقة 62، غير أن منتخب ألمانيا أدرك التعادل في الدقيقة 79 من خلال لينا ماجول بهدف جميل وملعوب. وعقب انتهاء الوقت الأصلي بالتعادل بهدف لهدف، لجأ الفريقان إلى خوض وقت إضافي لمدة نصف ساعة مقسمة بالتساوي على شوطين، من أجل حسم الأمور.

وتمكن المنتخب الإنكليزي من التتويج باللقب خلال الوقت الإضافي، بعدما أحرزت تشلوي كيلي الهدف الثاني لأصحاب الأرض، فيما عجز المنتخب الألماني عن إدراك التعادل خلال الدقائق المتبقية، والدفع بالمباراة إلى ركلات الترجيح.